المرضى النفسيون.. بين المعاناة والأمل

عمان- يعاني 25 بالمئة من المجتمعات من الاضطرابات النفسية، استناداً إلى إحصائيات منظمة الصحة العالمية، وهذا ينسحب على المجتمع الأردني كذلك. وبينما لا توجد إحصائيات رسمية دقيقة للإصابة بالاضطرابات النفسية والذي يعود لأسباب عدة؛ إلا أن النسبة العامة في العالم هي تقريبية في مجتمعنا أيضاً.اضافة اعلان
ولعل من أهم الأسباب لعدم وجود الإحصائيات الدقيقة، التخوف من الوصمة الاجتماعية، والنظرة السلبية للمريض، وأيضاً للمختصين. وغياب الوعي بماهية الاضطراب النفسي، والثقة بالعلاج.     
وينبغي التنبه لعدة نقاط لمساعدة المرضى النفسيين في التعافي أو السيطرة على الأعراض بشكل عام، وحتى من يعانون من مشكلات سلوكية أو نفسية ليتمكنوا من تخطيها بسلام.
من خلال الواقع العملي في مجال الطب النفسي، والإشراف على طلبة الماجستير في الميدان، ومن خلال استقبال العديد من الاستشارات على مواقع التواصل الاجتماعي، وجد أن من أكبر المعيقات أمام  طلب العلاج، أو الاستشارة فحسب، هو رفض الأسرة لذلك؛ خوفاً من الوصمة، وظناً منهم أن الأمر لا يستحق. فهو إما مسٌ من الشيطان، أو سحر، وربما هو للفت انتباههم ومن الدلال الزائد ليس إلا.
وهنالك العديد من  رسائل الاستنجاد والتي تحتاج لتشخيص دقيق، لكن يقف الأهل عائقاً دون ذلك. وهذا في الدول المحيطة وليس الأردن فقط. ومن الأهمية ذكر أن التشخيص الدقيق المبكر يساعد في الوصول لحالة التعافي، أو تخفيف الأعراض.
ومما يجدر ذكره أن في البلاد الغربية حالات من التعافي لمرضى شُخصوا بأصعب الاضطرابات النفسية، وكان السبب التدخل المبكر، ودافعية المريض واستبصاره، والدعم الأسري والاجتماعي.
كما أن صورة المختص النفسي، بغض النظر عن كونه طبيبا نفسيا أم اختصاصيا نفسيا أو حتى مرشدا أسريا، تلعب دوراً مهماً في امتناع المرضى وذويهم عن طلب المساعدة.
وتجدر الإشارة إلى أن أي مهنة لدى مختصيها درجات من العلم، والخبرة، ثم إن الأخطاء التي قد ترتكب هي فردية ولا يمكن أن تُعمم، لا سيما وأن الجامعات الآن تُخرّج الكفاءات في التخصصات النفسية، عدا عن خريجي الجامعات العربية والأجنبية المرموقة؛ فهناك العديد ممن يُشار إليهم بالبنان علماً، وخبرةً، والتزاماً بأخلاقيات المهنة. وهنا لا بد من التنويه إلى أن هناك حقوقا للمرضى، وواجبات سيتم نشرها لاحقاً، كما أن للمختص حقوقا وواجبات، وجميع ذلك يُطمئن المرضى وذويهم ويزيد من الثقة بينهم وبين المختصين.
ويعاني المرضى من نظرة المجتمع السلبية لهم، وانتشار العديد من العبارات المضحكة، وطرح القضايا النفسية بشكل مسيء للمرضى وذويهم سواء في الإعلام، أو المحافل، أو وسائل التواصل الاجتماعي. ويُعد هذا أحد المعيقات الكبيرة لطلب المساعدة، على الرغم من أن المشاهدات الإكلينيكية أثبتت تميز المرضى النفسيين بجوانب معينة، ووجود نقاط قوة يمكن استغلالها بشكل إيجابي. فما المرض النفسي إلا حالة فتور في القوى الجسدية والنفسية لفترة زمنية يتم اجتيازها من خلال العلاج المناسب، والدعم.
ويعمل الجميع ويسعى للمساهمة في تغيير الصور النمطية، وتعديل ما تم تشويهه في مجال الصحة النفسية، عبر السنين. لكن التكاتف والعمل الجماعي، كلٍ من مكانه يساعدان في التغيير بشكل أسرع وأفضل.
د. فداء محمود أبو الخير
أستاذ مساعد – علم نفس إكلينكي
جامعة عمان الأهلية
[email protected]