الولاية العامة للحكومة وقدرتها على تنفيذ استراتيجياتها

د. راكز الزعارير تواجه الحكومة برئاسة الدكتور عمر الرزاز تحديات ومعوقات في تنفيذ استراتيجياتها وبرامجها في هذه المرحلة المهمة والدقيقة التي تمر بها الدولة على المستوى الداخلي، وفي ظل محيط ملتهب وتداعيات أمنيه واقتصادية وسياسية واجتماعيه في الاقليم على المستوى الخارجي . الولاية العامة لرئيس الحكومة وفريقه الوزاري هي حق دستوري كفله الدستور الأردني للحكومة بصفتها السلطة التنفيذية الموكل اليها من قبل جلالة الملك ومجلس الأمة الأردني إدارة شؤون الدولة الأردنية الداخلية وعلاقاتها الخارجية، ويكتسب رئيس الحكومة وفريقه الوزاري حقهم الدستوري في الولاية العامة حال اداء الرئيس ووزراء الحكومة اليمين الدستورية أمام جلالة الملك ثم حصولها على ثقة مجلس النواب الأردني، بعدها تتمتع الحكومة بقوة الولاية العامة واتخاذ القرارات السيادية والتنفيذية في كافة شؤون إدارة الدولة الأردنية، ضمن ما حدده الدستور والقوانين المنبثقة عنه والمعمول بها في ادارة شؤون الدولة . وفي ظل ظروف داخلية صعبة تواجه الحكومة تحديات كبيرة ناتجة عن عدة عوامل واجهتها الدولة الأردنية اهمها المديونية الخارجية المقدرة باكثر من (28) مليار دينار أردني، واوضاع اقتصادية صعبة ناتجة في مجملها عن أمرين رئيسيين هما: تراجع المساعدات والمنح الخارجية الداعمة للأردن كدولة محورية للاستقرار والسلام في الشرق الاوسط، وكذالك تعزيز استقرار دول الاقليم والمنطقة من خلال ادوار الأردن في دعم السلام ومحاربة التطرف والارهاب ومواجهة التدخلات الخارجية من قوى طامعة في العالم العربي. أما العامل الثاني والذي لا يقل اهمية عن تراجع المساعدات لا بل أهم من ذلك، فهو فشل الحكومة في ادارة الشؤون العامة للدولة الأردنية عبر حقبات زمنية متتالية خاصة بعد ازمات الخليج منذ العام 1990 ولغاية الآن، وتفشي الفساد المالي والاداري جراء الفشل بمستويات مختلفة في إدارة عامة ناجعة من قبل الحكومات . وبناء على هذه المعطيات فان فشل أو نجاح الحكومة الحالية التي يرأسها الدكتور عمر الرزاز ليست مرتبطة بالولاية العامة للحكومة التي اصبحت حقا مكتسبا تتمتع به منذ حصولها على ثقة الملك ومجلس الامة، ولكن العامل الرئيسي والحقيقي لنجاح أو فشل الحكومة سيعود بالقطع إلى مستوى نجاح الرئيس وفريقه في تحمل مسؤولياتهم في إدارة شؤون الدولة العامة بشفافية ومسؤولية ووطنية، والتي ستؤدي حتما إلى تراجع الفساد المتولد اصلا من سوء وفشل الادارات العامة للحكومة والحكومات السابقة . إن نجاح ادارة حكومة الرزاز وقدرتها على استعادة الثقة بها من قبل الشعب الأردني يتطلب جرأة كبيرة من الرئيس وفريقه الوزاري تركز على أمرين أساسيين هما: تعديل وزاري واسع ونوعي وجوهري يختلف عن سلسلة التعديلات الوزارية السابقة التي أجراها الرزاز، مع الأخذ بعين الاعتبار التوزيع التخصصي والديمغرافي والجغرافي العادل لخريطة مجلس الوزراء، ليكون مقنعا للرأي العام المحتقن من أداء بعض الوزراء والوزارات. الأمر الثاني عمل وأداء وزاري نظيف وعلى مستوى وطني دون محسوبيات مناطقية أو جهوية من قبل الوزراء وكوادر وزاراتهم، بحيث يعكس فهما عميقا لرؤية الملك ورغبته في عمل ميداني متفان في خدمة المواطن والوطن بأقصى طاقة ممكنة على مستوى الفريق الحكومي أو المستوى الفردي للوزراء. إن اهم المآزق التي تواجهها الحكومة اليوم هو احتواء الحراك الوطني الأردني بتوافق وتفاهمات على مصالح الأردن الوطنية، ومواجهة تداعيات القوانين والتشريعات الجديدة التي تلامس حياة المواطن اليومية (ضريبة الدخل، الحريات الالكترونية، مكافحة الفساد، العفو العام..)، وتركيز جل اهتمام الفريق الاقتصادي في الحكومة بقيادة الاقتصادي السياسي المخضرم رجائي المعشر على إيجاد حلول وابتكار مخارج مرضية للمشاكل الاقتصادية واليومية التي يواجهها المواطن خاصة جيل الشباب والناشئ فيما يتعلق بالبطالة والفقر وفجوة الامل لدى شباب وشابات الأردن، والذي سبق وان أسماه رئيس الوزراء عندما كان باحثا في الدراسات والاستراتيجيات المستقبلية للدولة الأردنيه بجيل الانتظار . الأردن دولة تحظي باحترام ومحبة عالية من الدول والشعوب، ولكنها بحاجة الى محبة وتفان اكبر من حكوماتها وابنائها في مختلف مواقع المسؤولية وكل مواقع العمل الوطني العام.اضافة اعلان