"حديد".... ورشة صاخبة لإعادة تشكيل الجسد

"حديد".... ورشة صاخبة لإعادة تشكيل الجسد
"حديد".... ورشة صاخبة لإعادة تشكيل الجسد

 انطلاق فعاليات أيام عمان المسرحية


     عمان-

 احتاج العرض الفرنسي المصري "حديد" الى مواءمات ومقاربات وتحضيرات كثيرة ومطولة قبل خلقه لحالة انسجام بين مفرداته وهواجسه وبالتالي خلق آليات تواصله مع المتلقي, ومن مدخل ورشة حدادة بدأت قبل دخول الجمهور للمسرح الرئيسي بالمركز الثقافي الملكي انطلق عرض افتتاح مهرجان "أيام عمان المسرحية" اول من امس وتحولت ثيمة الورشة التي تأسس العرض الفرنسي المصري المشترك عليها الى ضابط ذهني افتراضي لباقي الثيم الاخرى في العمل الذي كتب نصه المصري محمد شفيق مصمم السينوغرافيا لباقي له والراقص والممثل فيه والفرنسية لورين روندوني التي شاركت شفيق ادارة العرض فنيا, فالعازف الوحيد الجالس فوق سقالة في عمق المسرح/ الورشة كان يجرب آلاته الموسيقية بالاستناد الى مفهوم الورشة التي تعلق فيها عادة ادوات الحرفي وعدته من مفاتيح و(مفكات) وآلات ربط وشد ووصل, وعلق مؤلف موسيقى العرض وعازفها توماس جيكر حوله عدد من الآلات الوترية "تشيللو, آلة تشبه الغيتار واخرى تشبه الربابة بوتر واحد) فيما اتكأ اسفل منه عود استخدمه مغني الاوبرا في العرض وأحد الممثلين فيه المصري محمد ابو الخير, وجرب جيكر آلاته حسب الحاجة والحالة الموسيقية للحظة الدرامية القائمة.    ويكشف "حديد" بأطروحته الذهنية المعرفية وبروافعه التقنية الأدائية عن محاولات جريئة لتكوين مفهوم آخر للجسد عبر عمليات ترويض عكستها حركات الراقصين: ماربلي جيرارد, جاسبارد غولبيرت, كلاوديو ايونا, ويليم مويل واخيرا شفيق الذي شكل حضوره مركزا حيويا في العمل, ونوع العرض من خياراته الفنية بين الرقص والغناء والحوارات المتقطعة والاخرى القائمة على لغة الجسد والتعبير عن مكنوناته وتفجير طاقته القصوى ليصل في مستويات منه الى طرق موضوعات اكثر عمومية واقل خصوصية كموضوع فهم الاخر, وتقبله لأننا ان لم نفعل ذلك يتحول حتى الحب ارقى حالات التعبير عن انسانية الانسان, الى صراع وعراك في ظل عدم توفر الرغبة في تأمل الاخر والاستماع الى هواجسه وبوحه الحميم حول ما يؤرقه ويتعب روحه وجسده في آن. لا يمكن اعتبار "حديد" -وان اختلفنا معه- من الاعمال التي يمر المتلقي عليها مرور الكرام, فيما استعان به من لغة بصرية غاية في الدقة من خلال التوزيع المدروس لمفردات العرض وتحديد مراكز الثقل والكتل الاساسية وشكل بناء الجسر الذي يقطع مستويات العمل وتعدد دلالات واستخدامات هذا الجسر, وبما حملته رؤيته من خصوصية وبما حظيت به من ابتكار وجرأة, حقق بالركون لكل ما سبق افتتاحا موفقا لمهرجان ايام عمان في دورته الحادية عشرة الذي ترعاه امانة عمان بمشاركة ست مؤسسات محلية وعربية ودولية اضافة لمستقلين عرب (روجيه عساف, حنان قصاب حسن, كارون اطلس ونهاد صليحة), ويتكون مجلس شركاء المهرجان اضافة للمستقلين من فرقة الفوانيس الاردنية, الورشة المسرحية المصرية, الملتقى التربوي العربي, مركز دعم التنمية, فرقة أليس, المركز العربي للتدريب المسرحي وكوليكتف دوز.

اضافة اعلان


شكلت "حديد" نداء انسانيا ملحا باحثا عن الملاذ "بك يا ربي احتميت فلا اخزى الى الدهر" ورأت مقولة العمل بأن الخطر ليس سوى عدم الاحساس به متطلعة الى وسيلة اخرى غير النار لإعادة تشكيل الحديد، والجسد، وسط أجواء صاخبة من التجريب والبناء الدرامي المتحرك داخل ورشة الأفكار والخواطر وتناقضاتها.


     وتتواصل فعاليات المهرجان الساعة 9.30 من مساء اليوم على المسرح الرئيسي بالمركز الثقافي الملكي بالعرض العراقي "اعتذر استاذي" المقدم من قبل ورشة فضاء التمرين المستمر تأليف د. عواطف نعيم, سينوغرافيا واخراج د. هيثم عبد الرازق, فيما يعرض في الثامنة في قاعة مؤتمرات المركز الفيلم اللبناني "المعجزة".