سلوكيات عصبية يمارسها صائمون بذريعة تأثير الجوع والعطش

سلوكيات عصبية يمارسها صائمون بذريعة تأثير الجوع والعطش
سلوكيات عصبية يمارسها صائمون بذريعة تأثير الجوع والعطش

لبنى الرواشدة

عمان – "هل يبرر الصيام نوبات الغضب والعصبية" تتساءل مريم هادي التي تعرضت قبل أيام لعطل في سيارتها، ما أجبرها على التوقف لطلب المساعدة، لتتفاجأ بحجم الغضب الذي "انصب على رأسها" من السائقين الذين توقفوا لدقائق قليلة.

اضافة اعلان

وتكرر مريم تساؤلها "هل يؤدي انقطاع الإنسان عن الطعام والشراب إلى حدوث هذا الضيق والنزق الذي يصيب الصائمين فيفقدهم الصبر".

وتضم أم رشيد ربة منزل صوتها إلى صوت جميع الأشخاص الذين يشتكون من نوبات غضب الناس في رمضان، مشيرة إلى أن زوجها يتحول إلى إنسان آخر فاقد للصبر، مرجعة الأمر إلى انقطاعه عن التدخين الذي تصفه بالإدمان.

وتقول أم رشيد إنها تخشى من ردود فعل زوجها على أي تصرف يصدر منها أو من الأولاد.

وتكاد لا تنتهي صور العصبية والغضب التي يلاحظها العديد من الأشخاص في رمضان سواء في الشوارع أثناء القيادة أو أمام طوابير القطايف والمشروبات الرمضانية.

من جانبه يبين رائد عبد السلام، ويعمل في القوات المسلحة، أن المحيطين به يؤكدون له إصابته بالغضب والعصبية طوال النهار لتنطفئ هذه العصبية بعد الإفطار.

ويرى عبد السلام أن تعوده على التدخين وشرب القهوة ربما كان السبب في تكدر مزاجه مع تأكيده أنه لا يشعر بأنه يصل إلى درجة لا تطاق من العصبية، كما يرى المحيطون به.

بدوره يعلق استشاري الطب النفسي الدكتور محمد الحباشنة أن تكدر المزاج خلال الصيام ينتج غالبا عن انقطاع الإنسان عن تناول "رافعات المزاج" مثل الكافيين والنيكوتين والسكريات الموجودة في كثير من المشروبات والمأكولات.

ويصف حباشنة التعود على تناول هذه المواد بالإدمان "امتناع الإنسان فجأة عن تناولها يسبب له اضطراب المزاج" مبينا أن إرادة الإنسان ومدى سيطرته على نفسه هما ما يحد من الانفعال الزائد خلال الصيام.

ويؤكد أن كثيرين يهملون أمر التعود على ضبط النفس والانفعال خلال رمضان، معتبرا أن الإرادة هي الأساس، لرأيه أن الشخص الذي يتمتع بإرادة قوية يستطيع تجنب نوبات النزق والغضب حتى وإن كان معتادا على "رافعات المزاج" المتمثلة في النيكوتين والكافيين.

ويلفت حباشنة إلى أن الشخص الذي يستقبل شهر رمضان بروح العداء المسبق، متوقعا الإرهاق والإنهاك سيشعر بتعب مضاعف وبرغبة في تفريغ انفعاله ما يؤثر سلبا على مزاجه.

وثمة اعتقاد سائد أن طبيعة مزاج الشعب الأردني سواء في رمضان أو سواه من الأيام يتسم بالغضب والنزق والعصبية.

وفي هذا السياق يبين أستاذ علم الاجتماع في جامعة مؤتة الدكتور حسين محادين أن الإنسان الأردني يقترب مزاجه إلى الصحراء أكثر من الماء، مفسرا ذلك بأن يكون هادئ الطباع وبعد أي موقف طارئ مستفز يتحول إلى نزق ويعبر عن ذلك بالصوت العالي وبأدوات العنف الأخرى.

ويتابع أن قيم الحوار ليست متجذرة في الثقافة المحلية، مشددا على أنه لا يمكن فصل سلوك الناس في رمضان عن جذور السلوك المعروف عن شعب من الشعوب الذي اكتسبوه طوال حياتهم.

وعن أشكال التعبير المعروفة عند الناس النزقين الذين يتسمون بسرعة الغضب يقول محادين إنها تتمثل في أبواق السيارات والصراخ وزيادة عدد المشاكل في رمضان على وجه التحديد وفي حوادث السير.

وتثار العديد من التساؤلات حول صحة المبررات التي يسردها البعض عن ضعف الإنتاجية في رمضان وتكدر المزاج بسبب الصيام.

ويعلق محادين أن الناس عادة يتمثلون الكثير من القيم الإسلامية في الأيام العادية لكن في رمضان يتناسون هذه القيم، مذكرا أن  أكبر المعارك كان يخوضها المسلمون في رمضان، منتقدا حال بعض الدول التي يتعطل بها الإنتاج خلال رمضان.

ويظن كثير من الأشخاص ان الغضب والعصبية أمر مبرر نتيجة أجواء الشهر التي يظنون أنها تفرض حالة من الخمول والكسل والعصبية.

وفي هذا السياق يبين أستاذ العلوم الشرعية الدكتور محمود السرطاوي أن كثيرا من الصائمين ليس لهم من صيامهم إلا الجوع والعطش، في إشارة منه إلى السوكيات السلبية التي يرتكبها كثير من الصائمين بحجة الصيام.

ويوضح السرطاوي أن الله سبحانه وتعالى شرع صيام رمضان من أجل تهذيب النفوس والأعضاء والامتناع عن ارتكاب المحرمات والتحلي بالتسامح وعدم إيذاء الناس بالكلام والتصرفات.

ويضيف "إذا لم يؤد الصوم إلى المعاني الحقيقية من حسن التعامل وطيب الخلق تذهب السيئات بجميع الحسنات" مؤكدا على ما دعا إليه الرسول صلى الله عليه وسلم أن يقابل الانسان المسلم الإساءة بالصفح مرددا اللهم إني صائم.

والأصل في الصيام، كما يبين السرطاوي، أنه يعلم على الصبر وضبط نوبات الغضب "رمضان دورة تدريبية لضبط التصرفات والسلوك والتحكم بنوبات الغضب".