عوامل طبيعية وأخرى بيئية تقف وراء شيب الشباب

عوامل طبيعية وأخرى بيئية تقف وراء شيب الشباب
عوامل طبيعية وأخرى بيئية تقف وراء شيب الشباب

رنّه العامر

عمان- صوت ناظم الغزالي يصدح بأغنيته الشهيرة "عيرتني بالشّيب وهو وقار... يا ليتها عيرتني بما هو عار"، ما يزال يرزخ في الذاكرة ليرتبط اللون الأبيض الذي يغزو الشعر بالوقار والحكمة لتقدّم السن لدى الغالبية، في حين يعزوه مختصون إلى عوامل نفسية وبيئية وبخاصة لمن هم صغار في العمر. 

اضافة اعلان

"الشعر الأبيض يشكل هاجسا دائما يشغل تفكيري"، وفق جمانة رباح (30 عاما) التي تقول "لا أنقطع عن صبغه أو اللجوء إلى استخدام الحنّة أو أي منتجات جديدة في السوق للحد من انتشاره ولكن من دون جدوى فبعد فترة قصيرة يعود اللون الأبيض للظهور".

وتضيف "أشعر بأنني قد بلغت سن اليأس بمجرد رؤيتي للون الأبيض يملأ رأسي وأحس بحالة من اليأس خوفا من تسلل الشيخوخة".

من جهتها تبين أماني سالم (25 عاما) أن "الشعر الأبيض بدأ يتسلل إلى رأسي منذ عامين ولا أعرف السبب، وبعد مراجعتي للطبيب، أرجع ظهوره إلى عدة عوامل منها؛ التوتر النفسي ووصف لي عدة أدوية إلا أن النتيجة لم تتغير على العكس تماما زاد عدد الشعر الأبيض في رأسي".

وتتابع أماني بحزن "ألجأ إلى صبغ شعري كل فترة لتغطية الشعر الأبيض وأشعر بأن الصبغة أفقدت شعري حيويته وصحته، ولكنها الحل الوحيد حتى أتلافى نظرة أصدقائي ومن حولي"، مضيفة لا أستطيع تقبل فكرة أنني في هذا العمر ولا أتمتع مثل باقي الفتيات بلون شعر طبيعي وجميل".

من جهته يفسر اختصاصي الأمراض الجلدية والتناسلية د. كامل العبداللات ظهور الشيب بأنه "عملية فسيولوجية تحدث عادة عند التقدم في العمر يبدأ غالبا بعد الأربعين".

وعن آلية انتشاره يقول "يظهر الشيب عندما لا تستطيع الخلايا الملونة التي تفرز مادة الميلانين التي تعطي الشعرة اللون الاستمرار في نشاطها، ومن ثم تفقد الشعرة لونها وتصبح بيضاء كنتيجة طبيعية لنقص تلك المادة".

ويتابع العبداللات "إن ظهور الشيب لا يعني التقدم بالعمر فقد يظهر في عمر مبكر نتيجة عوامل وراثية أو غير وراثية، فاللون الأبيض للشعر لا يؤثر على صحة الإنسان باعتباره اللون الطبيعي للشعرة". 

وعن العوامل التي تساعد على ظهور الشعر الأبيض في عمر مبكر فهي؛ الهواء والغبرة والتعرض للشمس لمدة طويلة، وفق العبداللات الذي يشير إلى أنه "لا تأثير لاستخدام المواد الكيماوية على إعطاء اللون الأبيض للشعر".

ويرى العبداللات أنه لا فرق بين النساء والرجال في حدوث الشيب، ومع ذلك فالمرأة عادة أكثر تعرضاً لظهور الشعر الأبيض، الذي يفقد لونه نتيجة لتعرض الشعر لعوامل خارجية أدت إلى خلل في تكوين الشعر.

وينوه العبداللات إلى أن "العوامل النفسية المشتملة على التوتر العصبي والضغط والخوف والقلق، بالإضافة إلى بعض الأمراض النفسية تعد عوامل مساعدة على ابيضاض الشعر".

وينفي العبداللات أن تكون الإصابة بالضعف العام أو الأنيميا أو الأمراض الخطيرة هي سبب ظهور الشيب، فهو "يظهر عند الأصحاء والمرضى بحسب عوامل الوراثة".

ويرى أن "الشعر الأبيض ليس على الإطلاق دليلا على أن المرأة بلغت سن اليأس أو مظهرا من مظاهر الشيخوخة"، ومع ذلك ينصح المرأة بضرورة الاهتمام والعناية بالشعر سواء من خلال التغذية السليمة وعدم الإسراف في استخدام المواد الكيماوية.

وفي الإطار نفسه يلفت مصفف الشعر يزيد حيفات أن الشعر الأبيض "مشكلة عامة تشكو منها غالبية السيدات"، نافيا أن يكون للصبغة أي علاقة بالشيب، فـ"الصبغة تكون خارج بصيلة الشعر لذا فإن ظهور الشيب غير مرتبط باستخدام مواد التجميل".

ويشير حيفات إلى أن عديدا من الفتيات بأعمار مختلفة يرتدن المركز وبصورة مستمرة يعانين من ظهور الشعر الأبيض في الرأس وبكميات متباينة، وللتخلص من هذه المشكلة وبخاصة للفتاة الصغيرة بالعمر فيتم صبغ الشعر الأبيض لإخفاء لونه، وتعتمد كمية الصبغة المستخدمة على نوعية الشعر.

تعجّ كتب التاريخ والأدب والأمثال بأقوال في الشيب فها هو أبو تمام 

يرحّب ويهلّي بالشيب قائلاً:"رأيت الشّيب لاح فقلت أهـلاً... وودعت الغواية والشبابا.

وما شبت من كبر ولكن... رأيت من الأحبة ما أشابا"، في حين ينعى أبو العتاهية ما فات من أيام الشباب قائلا:

"ونُحت على الشباب بدمع عيني... فما نفع البكاء ولا النحيــب

ألا ليت الشباب يعود يومـــاً... فأخبره بما صنع المشـــيب".

وفي السياق نفسه يشدد اختصاصي علم النفس في جامعة العلوم الإسلامية الدكتور حسين المجالي على أن الأصل في ظهور الشيب لدى المتقدم بالعمر "خلاصة تجربة إنسانية وحكمة" في الغالب، رافضا تداول وتقبل المجتمع لمقولات شعبية غير لائقة بالشخص الكبير في العمر، مرجحا مقولة "الشيبة هيبة". 

ويؤكد المجالي ضرورة تعايش الشخص الأشيب مع حالته وبخاصة إذا كان صغيرا في العمر، داعيا أن يتأقلم الشاب مع هذه الظاهرة بالابتعاد عن الاهتمام بنظرة الآخرين له ليركز على مستقبله واهتماماته الحياتية الأخرى.

وفيما يتعلق بلجوء الشخص إلى إخفاء الشيب بالرغم من أنه "وقار" ما هو إلا محاولة ممن تشغلهم نظرة الناس عنهم بإثبات أنهم ما يزالون في مرحلة الشباب.

ويلفت المجالي إلى أن "النفسية قد تتأثر عند الشباب الذين يعانون من ظاهرة انتشار الشيب لأنهم يرون أن ذلك عبء عليهم من ناحية التكاليف واضطرارهم لاستخدام مستحضرات تجميلية بهدف إخفاء الشيب ما يعرض نفسيتهم للمضايقة ويمنع تكيفهم مع مجتمعهم".

[email protected]