مبادرات نحو الفقراء والتقشف

المبادرة الملكية بتوزيع مواد غذائية على 21 ألف اسرة اردنية لم تأت طلبا للمدائح والاشادة، وهي خطوة عملية لتأمين هذه المواد الاساسية لمدة 6 أشهر لهذه الاسر المحتاجة. وفضلا عن كونها مبادرة كريمة لتقديم العون، فإنها تمثل قدوة او مصدر استثارة وتحفيز لكل الشركات والمؤسسات والافراد القادرين من اجل ان يقوموا بدورهم نحو المحتاجين او ذوي الدخل المحدود من ابناء الاردن في كل محافظاته ومناطقه.

اضافة اعلان

وفي شهر مبارك مثل شهر رمضان، تعود الناس فيه اداء الاحسان واستقبال العطاء من اهل الخير، وفي زمن ارتفاع الاسعار وزيادة الاعباء، يكون التعبير عن الانتماء والارتباط بالارض واهلها في اعمال حقيقية، ترفع عنهم الاعباء وتخفف الحاجة. ولا نتحدث هنا عن العمل الخيري الفردي الذي ينتشر في كل مكان واهله كثر، بل عن حملات كبرى تنظمها الشركات والمؤسسات بشكل يترك اثرا في حياة الناس. فالحملة الملكية ستؤمن لهذه الآلاف من العائلات الاردنية مواد تموينية لمدة ستة أشهور، ولهذا فالمطلوب حملات حقيقية موجهة، سواء لتأمين الملابس او التدفئة او غيرها من مستلزمات الحياة الضرورية.

ولهذا، نقترح على المؤسسات والشركات والاثرياء ان نشهد حملة من جهة واحدة، او بشكل مشترك لتأمين ملابس الشتاء للعائلات الفقيرة، او حملة لتوزيع صوبات الغاز او الكاز على هذه الاسر، بحيث تصل الى آلاف من العائلات معونات حقيقية. ونتمنى على القطاع الخاص واثرياء الاردن ان يقدموا شيئا من الواجب تجاه بلادهم، وان يقتدوا بالمبادرة الملكية. وربما تتوسع الدائرة الى الاحزاب والنقابات وكل جهة قادرة، ويمكن لكل هذه الجهات ان تقدم عونا حقيقيا قد يتجاوز المعونات العينية الى حملة لمساعدة الطلبة من ابناء العائلات الفقيرة على تسديد اقساط دراستهم الجامعية، او غيرها من اشكال الحملات التي تترك اثرا ولمسة تكافل داخل اوساط المجتمع الاردني.

وفي هذا السياق، فإننا نقترح على الشركات التي اعتادت ان تقيم مآدب عامة للفقراء ان توجه مخصصات هذه الولائم لتقديم عون يستفيد منه الناس مباشرة؛ فربما لا تستفيد اسرة محتاجة من خيمة لشركة تقدم الطعام، وقد تكون بحاجة الى كيس ارز او ثمن صوبة او غيرها من المساعدات التي تترك اثرا.

ونقترح على الحكومة ومجلسي النواب والاعيان الغاء كل المآدب الرسمية التي تقام كل عام، وتوجيه اموالها لمساعدة الناس، فليس هناك ضرورة لمأدبة يقيمها رئيس الوزراء للوزراء والنواب والاعيان ورجال الاعلام والمسؤولين، ولا ضرورة لأن تدفع الخزينة تكلفة مأدبة يقيمها رئيس مجلس النواب او رئيس مجلس الاعيان لاعضاء المجلسين والمسؤولين. وستكون سنة حسنة ان يتم التبرع بتكلفة هذه المآدب والولائم للبدء بحملات خير في اي مجال لتوزيعه على الفقراء والمحتاجين، فالمسؤول ليس بحاجة الى تناول وجبة افطار في فندق بينما ثمن الوجبة الذي يتراوح بين 10-20 دينارا للفرد يمكنه ان يشتري لاسرة صوبة كاز او ملابس طفل لشتاء قادم.

هنالك هيئات وشركات تملك اكثر مما تملك الحكومة، وتنعم بأمن البلاد، كما بامتيازات، وعليها واجب نحو كل محتاج. ونتمنى ان نشهد سياسة الحملات على مدار العام وليس في رمضان فقط. ونتمنى ان يكون هذا الشهر المبارك بداية طيبة لحملات موجهة متخصصة تصل الى كل بيت محتاج، فمبادرة جلالة الملك لا تحتاج الى من يمدحها ويمجدها، بل إلى من يقتدي بها، فننتظر تقشفا ومبادرات حقيقية نحو كل فقير. وكما قال الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم: "الخير فيّ وفي امتي الى يوم القيامة".

[email protected]