مرّة أخرى: الظلم في القبول الجامعي!

كتبت في مقال سابق عن موضوع طلبة الثانوية العامة الذين يدرسون وفق البرنامج الدولي بأنواعه المختلفة، ويدفع أهاليهم أموالاً طائلة عليهم فيه، عبر سنوات المدرسة، سعياً إلى منحهم فرصة متميزة من التعليم العصري الحديث، ولما أصاب التعليم الحكومي من ترهّل وضعف خلال الأعوام الماضية.اضافة اعلان
وذكرتُ حينها أنني تحدثت مع د. أمين محمود، وزير التعليم العالي، عن المشكلة الكبيرة التي تواجه هؤلاء الطلبة وذويهم في نظام القبول الجامعي؛ إذ توضع لهم "كوتا" محدودة، بعد أن تتم عملية تعديل معدلاتهم وتخفيضها (بالرغم من أنّ مستوى التعليم الدولي لا يقل عن المحلي، إن لم يتفوّق عليه في مجالات عديدة). أي أنّ عشرات الآلاف من الطلبة الذين يدرسون وفق البرنامج الدولي يُحشرون في مساحة محدودة من القبول الجامعي، كأنّهم يعاقبون هم وأهلهم لأنّهم يريدون تحسين الفرصة التعليمية وتطوير قدراتهم وأدواتهم.
وربما كان هذا النظام مقبولاً خلال العقود السابقة، عندما كان عدد الخريجين من البرنامج الدولي لا يتجاوز العشرات أو بضع مئات الطلبة، فيما نتحدث اليوم عن آلاف الطلبة، وعن انتشار واسع وعريض لهذا البرنامج، وتبني مدارس عديدة له، وهو برنامج يتميز بربط طلبتنا بالمناهج العالمية والدولية، بالإضافة إلى المحلية.
ومن ثم، ليس من المقبول أو المعقول أن يبقى التعامل معه ضمن "الكوتا" المحدودة السابقة؛ فإمّا أن تقوم الحكومة بإلغائه والاكتفاء بالنظام المحلي، أو أن تعيد النظر في موضوع القبول وتعترف به في سياق القبول الموحّد، ما يمنح الجامعات المحلية أيضاً فرصة استقطاب نوعية جيدة من الطلبة.
معاناة الأردنيين في القبول الجامعي لا تقف عند الحدّ السابق؛ إذ بعث لي أحد الأصدقاء رسالة مغموسة بالمرارة والألم بشأن اضطراره إلى إرسال ابنته لدراسة الطب في فرع لجامعة غربية في إحدى الدول العربية، بعد أن حصلت على معدل 37، أو ما يعادل تقريبا 88 % في الأردن. وهو إذ يعترف بأنّ معدلها لا يؤهلها لدراسة الطب في الجامعات الحكومية، فإنّه يتساءل عن الحكمة الثاوية وراء وقف قبول الأردنيين في البرنامج الدولي بالجامعات بحجة تحقيق مبدأ العدالة، فيما البرنامج نفسه يقبل الأردنيين ممن يحملون جنسية أخرى، بمعدلات أقل من معدّل ابنته.
يشير الصديق إلى أنّ مرارته تكمن في شعوره بعدم العدالة، باضطراره لإرسال ابنته لجامعة في دولة عربية أخرى، وهو مستعد لأن ينفق المال نفسه عليها في دولته، وفي جامعة أردنية تقبل طلبة بمعدلات أقل من معدلها، بدلاً من اغترابها وعودتها لاحقاً لممارسة الطب في الأردن، مثل زملائها الذين تخرجوا من الجامعات الأردنية.
ينهي الصديق رسالته بالتساؤل: هل يعقل أن العربي أو الأردني الذي يحمل جنسية أخرى يُقبل بالجامعات الأردنية، وأولادنا يتغربون، وندفع أموالنا ونحوّلها إلى الخارج لتعليمهم؟!
بيت القصيد؛ أصبح موضوع التعليم الدولي الأساسي والثانوي، والأسئلة المرتبطة بالبرنامجين الدولي والموازي في الجامعات، وقضايا القبول الموحّد، بمثابة مشكلة حقيقية في مفهوم العدالة والقانون. ويتطلب نظام القبول الجامعي وسياساته مراجعات جوهرية وجذرية؛ فلم يعد الوضع القائم مناسباً ولا مقبولاً، وظالما لنسبة كبيرة من الشباب وعائلاتهم.