"يا بلاد العجايب": كوميديا ساخرة تنتقد بطريقة لاذعة الواقع الواقع السياسي العربي

"يا بلاد العجايب": كوميديا ساخرة تنتقد بطريقة لاذعة الواقع الواقع السياسي العربي
"يا بلاد العجايب": كوميديا ساخرة تنتقد بطريقة لاذعة الواقع الواقع السياسي العربي

 محمد الكيالي

عمان- وسط حضور جماهيري كبير، احتضن المسرح الرئيسي في المركز الثقافي الملكي مساء أول من أمس عرضا مسرحيا كوميديا ناقدا للمسرحي الأردني نبيل صوالحة حمل عنوان "يا بلاد العجايب".

اضافة اعلان

صوالحة استوحى فكرة المسرحية بعد أن تم اختيار البتراء كإحدى عجائب العالم السبع، حيث جاءت الأحداث ساخرة ومضحكة من بلاد العجايب لمن تكون منها أعجب بلد.

وناقشت المسرحية من خلال مشاهد درامية وغنائية متعددة أحوال المواطن الأردني والعربي، خصوصا في الاردن وفلسطين ولبنان، بالارتكاز على مشكلات وأحداث ذات بعد مطلبي وسياسي، ضمن سيناريو نقد سياسي لاذع يستعرض الواقع السياسي في المنطقة.

المسرحية التي كتبها وأخرجها صوالحة، ساعده في تمثيلها كل من حسن سبايلة، محمود الحايك، نانسي بيترو، لارا صوالحة ورانيا إسماعيل، حيث تنقل الفنانون بين آلام المواطن العربي الكثيرة وأحلامه الضئيلة ضمن إطار كوميدي ساخر غلبت عليه روح المأساة.

وتناولت المسرحية العادات الاجتماعية السيئة والأوضاع الاقتصادية ومساحات الحريات الضيقة، وكلها موضوعات تهدف لإصلاح المجتمعات العربية وتهدف لإطلاع الجمهور على العجائب المتواجدة ليس فقط في الأردن بل في الدول العربية.

واستطاع الممثلون أن يجعلوا الأحداث سواء المحلية والعربية تأتي في إطار فكرة العجائب نفسها، حيث أن كل ما يتعرض له المواطن في الأردن وخارجه يعد من العجائب، وبالنسبة للمسرحية فإن كثيرا من السلوكيات الخاطئة التي تدخل في نسيج ممارسات المواطن اليومية تعد حسب العرض واحدة من العجائب.

واشتمل نقد المسرحية في بدايته، على وزيرة الخارجية الأميركية كونداليزا رايس، التي أتت إلى المنطقة الشرق أوسطية لتعليم العرب السلّم الموسيقي في ظل غياب سورية، التي استثنتها رايس من الحصة التدريسية لأنها لا تعرف سوى "اللحن الإيراني".

وتمكن صوالحة من لعب دور شخصيات فاعلة في الحركة السياسية في لبنان وسورية وفلسطين وبشكل متقن على غرار تقليده لدور الأمين العام لحزب الله اللبناني حسن نصرالله، وزعيم الطائفة الدرزية في لبنان وليد جنبلاط والزعيم الروحي لحركة حماس أحمد ياسين والرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات والزعيم الليبي معمر القذافي.

وجاء التركيز على اتفاق القوى المتخاصمة في لبنان وجمع شملهم على كلمة واحدة لا تتناول اعتبارات طائفية أو حزبية ولا تخضع تحت ضغوط خارجية من ضمن العجائب التي تحدثت عنها المسرحية.

ومن العجائب الأخرى، التي تحولها المسرحية إلى مادة للسخرية هو اقتتال الأخوة في حركتي فتح وحماس وتداعيات ذلك على الوضع الفلسطيني وعلى سمعة النضال الفلسطيني.

وتناولت المسرحية عبر صوالحة، واقع مدينة عمّان التي تعد أغلى مدينة عربية، حيث كان قد أكد بطريقة السخرية أن البلد لا يحتوي على موارد طبيعية أساسية فكيف له أن يكون من أغلى البلدان؟.

وفي الفقرة الأخيرة من العرض المسرحي والذي نال استحسان الجمهور، عمل صوالحة على تقليد متقن لشخصيات 14 رئيس وزراء في الأردن ما يزالون على قيد الحياة، بدءا من أحمد اللوزي وانتهاء برئيس الوزراء الحالي نادر الذهبي الذي يتوجه صوالحة إليه وإلى حكومته بنقد لاذع نتيجة الأوضاع المعيشية الصعبة التي يعشيها الأردنيون حاليا.

ويقول صوالحة عند هذا المشهد "ألا يمكن اعتبار الأردن أعجوبة من العجائب مثلا، فعمر الأردن كدولة 86 عاما وتألفت خلالها 89 حكومة منهم 14 رئيس وزراء على قيد الحياة أطال الله عمرهم".

وأسدل ستار المسرحية بإعلان فوز الأردن بجائزة بلاد العجائب، لأن فيها عجائب ليست كمثل العجائب الأخرى في العالم.

واختتم صوالحة مسرحيته بقوله "الضحك والسخرية هما وسيلتان من وسائل التنفيس عن اختناقات الإنسان، فلنضحك حتى لو ضحكنا على مصيبتنا".

وبرز تفاعل الجمهور بشكل كبير مع المسرحيين بعد انتهاء العرض، حيث أكدت الزائرة أميرة (29 عاما) أن العرض جاء مسليا لدرجة كبيرة ويتناول الواقع الحياتي الذي يعيشه المواطن.

وأضافت أميرة أن المسرح السياسي يعتبر متنفسا للمواطن لأن نشر الديموقراطية فيه بات أسهل على خشبة المسرح مما هو عليه على أرض الواقع.

وأشار عماد سعد الدين وهو لبناني مقيم في عمّان، أنه حضر عدة مسرحيات وأعمال فكاهية لصوالحة وأنه معجب كبير بشخصيته وبالمسرحية وموضوعها.

وأكد سعد الدين (31 عاما) أن نقد الفساد والمفسدين هو مادة مفضلة للمخرج المسرحي صوالحة، الذي تمكن ببساطة من انتقاد تساهل المسؤولين وتراخيهم في مكافحة الفساد والواسطة والمحسوبية في شتى قطاعات الدولة والمجتمع، وهذا ينطبق على جميع الدول العربية.