إشارات ملكية.. وإنقاذ القطاع الزراعي!

قبل أكثر من عامين أشار جلالة الملك إلى ضرورة الانتباه إلى مهن ووظائف جديدة مرتبطة بالثورة الصناعية الرابعة، خاصة فيما يتعلق بالاتصالات والتكنولوجيا، سيحتاجها العالم خلال الأعوام المقبلة، وفي بداية أزمة فيروس كورونا المستجد وجه جلالته الحكومة بضرورة تخزين المشتقات النفطية، بشكل أكبر مما هو عليه الآن، جراء انخفاضها في الأسواق العالمية، وبشكل ملحوظ.اضافة اعلان
وللأسف لم تستغل الحكومات المتعاقبة، ومن ضمنها الحالية، الإشارة الأولى والبناء عليها، مع أن الأردن كان لفترة وجيزة سباقًا في مجال التكنولوجيا والاتصالات، ما كان يؤهله ليكون مركزًا إقليميًا في هذا المجال على مستوى منطقة الشرق الأوسط بكاملها.
وللأسف أيضًا، لم تلتقط الحكومة الحالية الإشارة الثانية لجلالة الملك، من ناحية الاستفادة من انخفاض أسعار المحروقات، وما يدل على ذلك إنها لم تتقدم خطوة كافية أو كفيلة بالحصول على نتائج إيجابية من انخفاض أسعار المشتقات النفطية، ما يُشير إلى «فشل» الحكومة في الاستفادة من الفرص التي تُسنح لها، وتعود بالفائدة على الوطن، ومن قبله المواطن.. ونستطيع القول بأن الحكومة «كبدت» خزينة الدولة الكثير من الأموال، وذلك من خلال عدم حسن تصرفها باستغلال تلك الأسعار، أو التقاط الإشارة الملكية بشكل جدي، التي كان مفادها تخزين أكبر قدر ممكن من المحروقات.
نأمل الآن، أن تلتقط حكومة النهضة، الإشارة الثالثة لجلالة الملك، حيث وجه الحكومة، خلال زيارته إلى محطة أوهيده في محافظة معان بالثاني من شهر حزيران الحالي، للاستفادة من المحطات الزراعية التابعة لوزارة الزراعة، لتكون حواضن للمشاريع الزراعية المتقدمة.
معلوم لدى الجميع بأن القطاع الزراعي يُعتبر من أهم القطاعات الاستراتيجية والمهمة لتحقيق الأمن الاقتصادي والاجتماعي والأمن الغذائي… والحكومة ومسؤولوها لسان حالها يقول بذلك، إلا أن المواطن لا يرى أفعالًا بهذا الاتجاه.
فالدولة الأردنية، التي ستحتفل خلال أشهر بمناسبة مرور مئة عام على تأسيسها، لا تتجاوز مساحة الأراضي المستغلة زراعيًا فيها، بشكل فعلي، الـ5 بالمئة، من مساحة الأردن، البالغة 89342 كيلومتر مربع، رغم أن المساحة الصالحة للزراعة، حسب التصريحات الحكومية، تبلغ ما يقرب من الـ18 بالمئة من المساحة الكلية للمملكة.
ورغم أن المساحة المستغلة زراعيًا صغيرة الحجم، مقارنة بتلك الصالحة للزراعة، إلا أنه كان باستطاعة الحكومات المتعاقبة، استغلال ذلك بما يعود بإيجابيات جمة، تستفيد منها فئات مختلفة كثيرة من أبناء الوطن، فالأردن لديه مناطق الأغوار، من شمالية إلى وسطى إلى جنوبية، والتي يُطلق عليها «نفط الأردن»، قادر على انتاج عدة أنواع من الخضار والفواكه وكثير من الزراعات، على مدار العام، في حال تم ادارة الموضوع بكل كفاءة واقتدار وقرارات وإجراءات صائبة.
حتى المناطق، التي يُطلق عليها أراض شبه صحراوية، والتي تبلغ مساحتها حسب التصريحات الرسمية 82 بالمئة، وإن كانت النسبة مبالغ فيها، تستطيع الحكومة، عندما يكون لديها قرار وجدية وواقعية، أن تقلب نسبة كبيرة من تلك الأراضي إلى جنة خضراء.
ما المانع من توزيع هذه الأراضي إلى كل من يرغب من العاطلين عن العمل بالتوجه نحو الزراعة؟… فكل ما يترتب على الحكومة دعم هذه الفئة وتأمينها بما تحتاجه من بذور ومياه، ومن ثم تقطع لها وعدًا بأنها ستشتري المحصول وبأسعار، تعوضهم عن تعبهم بشكل لا يتعرضون فيه إلى خسارة أو ذهاب جهودهم سُدى!.