إنجاز وزارة الصحة بـ"قسطرة الزرقاء"!

زفت وزارة الصحة صبيحة يوم السادس والعشرين من آذار الحالي، بشرى سارة لأهالي محافظة الزرقاء، مفادها بدء مستشفى الزرقاء الحكومي بتقديم خدمات القسطرة القلبية لمرضاه ومراجعيه، وكأنها محققة نصرا مؤزرا، أو سبقا طبيا، أو إنجازا يسجل لها.اضافة اعلان
تخيل يا عزيزي القارئ، بأن مستشفى حكومي أنجز العام 2014، ويخدم محافظة، يبلغ تعداد سكانها ما يقرب من الـ1.5 مليون نسمة، لم يكن يملك قبل ذلك وحدة تعنى بخدمات القسطرة القلبية، على الرغم من أن تكلفة إنشائه بلغت 65 مليون دينار، الأمر الذي يعني بأن أي مواطن يقطن في هذه المحافظة ولديه مشاكل قلبية فإنه يتوجب عليه مراجعة مستشفيات الحكومة، أكانت مدنية أم عسكرية، لكن في عمان.
مستشفى أنشئ ليكون صرحًا طبيًا متقدمًا، يسهم في النهوض بالواقع الصحي لمئات الآلاف من الأردنيين في تلك المنطقة، الظاهر أنه عانى، على الرغم من مرور عقد من الزمان على إنشائه، من نقص في أطباء الاختصاص، كما هو الحال في الكثير من المستشفيات الحكومية في مختلف محافظات المملكة، ما يدل على أنه هناك سوء إدارة واضح للجميع.
المستشفى، الذي يستقبل نحو 1400 مراجع يوميًا، ويجري ما يقارب 20 عملية يوميًا، كان يفترض به عند إنشائه أن يكون مزودًا بأحدث التقنيات الطبية، ورفده بأطباء مؤهلين من جميع التخصصات، إلا أن واقع الحال، يشير إلى عكس ذلك تمامًا، فبعد عشرة أعوام على إنجازه، استحدثت وحدة قسطرة القلب، الأمر الذي يؤشر على وجود «بطء» في أمور تهم حياة مئات الآلاف من البشر.
«إدخال هذه الخدمة يشكل علامة فارقة في تقديم الخدمة الطبية»، ذلك قول مدير مستشفى الزرقاء، الدكتور محمود دولة.. نعم علامة فارقة، لكنها وللأسف متأخرة جدًا، فالأصل أن تكون مثل هذه الوحدة وما يشبهها من الوحدات الأخرى موجودة في كل مستشفى، فقاطنو محافظة الزرقاء يشكلون ما نسبته 14.2 بالمائة من مجمل سكان الأردن، ومن حقهم أن يكون لديهم أكثر من مستشفى حكومي، يتم رفده بأحدث المعدات والتقنيات، وأطباء اختصاص في جميع المجالات.
الغريب في الأمر، أنه وعلى الرغم من امتلاك وزارة الصحة لثلة من أطباء الاختصاص في أكثر من مجال، فضلًا عن أنها تقوم بشراء خدمات أطباء اختصاصيين كثر، تحمل خزينة الدولة أموالًا باهظة، إلا أن الكثير من المستشفيات الحكومية يعاني من نقص حاد بهذه الفئة من الأطباء، في صورة توحي بأن هناك سوء إدارة، أو أن المعنيين لا يتقنون تنظيم عملية توزيع أطباء الاختصاص على كل المستشفيات التابعة للوزارة، أو أن هناك عدم اهتمام بمناطق الأطراف.
وزارة تبلغ ميزانيتها السنوية نحو 711 مليون دينار، تصدر بيانات وتزف أخبارًا للمواطنين، لمجرد أنها استحدثت وحدة قسطرة القلب في مستشفى حكومي، فهذا يؤشر على أكثر من أمر، جلها غير محمودة.. ويستدعي ذلك الوقوف جديًا، ويطرح أكثر من سؤال، أهمها: هل نحن وصلنا إلى مرحلة نفتخر بها أننا نستحدث وحدة قسطرة قلبية؟.