المساعدات الأميركية الحرجة

هآرتس

بقلم: يوآف ليمور

اضافة اعلان

إن المساعدات الامنية الاميركية هي حجر أساس في السياسة الامنية الاسرائيلية. ليس فقط بسبب المال نفسه، الذي يشكل مدماكا مهما في ميزانية الجيش الاسرائيلي وفي خططه، بل اساسا بسبب العلاقة الوثيقة مع القوة العظمى الاكبر في العالم التي تسمح لاسرائيل بالاعتماد على قدراتها، وضمان الولايات المتحدة الكامن فيها لأمن شقيقتها الصغرى في الشرق الاوسط. إن بداية المساعدات في ارساليات السلاح في حرب يوم الغفران. بعدها تلقت اسرائيل منحا مالية، ترتبت مع الزمن وازدادت في ظروف مختلفة. الاساس الذي وقف دوما امام ناظر اصحاب القرار في واشنطن كان حفظ التفوق العسكري الاسرائيلي في مواجهة اعدائها وخصومها في المنطقة.
هكذا، إلى جانب المال، حرصت الولايات المتحدة على أن تنقل إلى اسرائيل منصات متطورة اكثر مما لدول اخرى في الشرق الاوسط. كان هذا صحيحا مع طائرات اف 15 واف 16 في الثمانينيات، كان صحيحا ايضا مع طائرات اف 35 اليوم، ومع جملة الاسلحة المتطورة التي تسمح للجيش الاسرائيلي بأن يكون على أكثر من خطوة واحدة إلى الامام. كما تلقى الاميركيون مقابلا لاستثمارهم: ليس فقط قاعدة متقدمة، مستقرة وديمقراطية، في منطقة هشة ومتقلبة، بل حقل تجارب متطور لاسلحتهم، مما سمح لهم بأن يطوروا تفوقا بارزا حيال الاسلحة السوفياتية، وكنتيجة لذلك ايضا الزيادة المهمة لمبيعات الصناعات الامنية الاميركية استنادا إلى ادائها الشامل في خدمة الجيش الاسرائيلي.
لم تتوقف ولم تقل المساعدات حتى في عهد التوترات بين الحكومات في واشنطن وفي القدس، بل العكس هو الصحيح: فالمساعدة الحالية، التي بدأت في تشرين الاول الماضي وستستمر في العقد القادم- قررتها ادارة اوباما، في ذروة التوتر مع حكومة نتنياهو في شؤون ايران، كدليل على الدعم الاميركي غير المتحفظ لاسرائيل. والقسم الاساس من المساعدات (33 مليار دولار لعشر سنوات) هو للمشتريات، وقسم آخر (5 مليارات ) هو لبرامج الدفاع ضد الصواريخ، بينما تلتزم اسرائيل باستثمار مبلغ مشابه في هذا التطوير.
كجزء من اتفاق المساعدات الجديد ستقلص الصناعات الاميركية بالتدريج، حتى التوقف التام، المشتريات المجاملة من الصناعات الامنية في اسرائيل. والمعنى هو ان العديد من العاملين الاسرائيليين قد يقالوا، وصناعات اسرائيلية ستقيم مصانع في الولايات المتحدة كي تندرج في الاستحقاق لاستغلال المساعدات، العملية التي من شأنها ان تؤدي ايضا إلى المس باستقلال ومتانة الصناعة الامنية الاسرائيلية، وفي اعقاب ذلك ان تزيد ايضا تعلق الجيش الاسرائيلي بوسائل قتالية ليس له تأثير كامل على تطويرها وانتاجها. على الحكومة وجهاز الامن ان يكونا يقظين للاثار المحتمة هذه وان يقدما الجواب عليها في اقرب وقت ممكن. بالمقابل، فإن الميزانية المضمونة لعقد إلى الامام تسمح لجهاز الامن باستقرار الخطط والسيولة. وبخلاف الميزانية الشيكلية، الخاضعة للتغييرات والتقليصات مما يحبط الاستقرار المالي – فإن المال الاميركي مضمون، ويمكن للجيش الاسرائيلي أن يعتمد عليه لغرض التزود بجملة من الوسائل. هنا ايضا مطلوب من الحكومة امور حيوية: اذا لم تمنح الجيش الاسرائيلي الامان المالي الشيكلي بعيد المدى ايضا، فمن شأن الجيش ان يجد نفسه مرة اخرى يستخدم اموال المساعدات كي يشتري البزات، السكر والحبر للطابعات.
في الماضي رفعت غير قليل من مشاريع القرارات للتخلي عن المساعدات الاميركية ومن التعلق الذي تنطوي عليه. مثل هذه الفكرة لا توجد الآن على جدول الاعمال، وليس بدافع اقتصادي؛ اسرائيل هي قوة عظمى اقليمية، يفترض ان تكون قادرة على ان تمول جيشها دون حاجة لتلقي المال من الآخرين. ودون الاستخفاف بالضخ المالي الدائم والسخي الذي يصل من واشنطن، فان الفضيلة الاساس للمساعدات هي في العلاقة الوثيقة التي تسمح بها بين الدولتين – إلى جانب التعاون الاستخباري، العملياتي، التكنولوجي وغيرها – والذي يبث رسالة واضحة بأن لاسرائيل يوجد دوما ظهرا اميركيا متماسكا وغير قابل للشك.