بعد أن قتلوها كان يجب إعدام صورتها

هآرتس

جدعون ليفي

هكذا، بخمس كلمات، "رزان النجار ليست ملاك الرحمة"، تم التعبير عن جوهر الدونية لوسائل الإعلام الإسرائيلية. المتحدث بلسان الجيش الإسرائيلي بالعربية، افيحاي ادرعي، الذي يتحدث أيضا باسمي، هو ممثل جيش الرحمة، الذي عين نفسه الآن أيضا قاضيا لمقياس الرحمة للأخت الرحيمة، التي قتلها جنود الجيش الإسرائيلي بدون أي رحمة. بعد أن قتلوها، كان يجب أيضا اعدام صورتها.اضافة اعلان
الدعاية هي وسيلة للخدمة في دول كثيرة. كلما كانت أقل عدالة، هكذا يزيد مجهودها الدعائي. السويد ليست بحاجة إلى دعاية، كوريا الشمالية نعم. في إسرائيل يسمونها اعلام لأن إسرائيل ليست بحاجة إلى دعاية. مؤخرا تتدهور الدعاية إلى مستويات هابطة جدا وحقيرة، لا مثيل لها لاثبات أن التبريرات قد نفدت والذرائع انتهت وأن الحقيقة هي العدو، وبقي فقط الاكاذيب والادانات. هذه موجهة اساسا إلى الداخل، في العالم بالتأكيد قليلون سيصدقونها. ولكن في اطار الجهود اليائسة لمواصلة الانكار، وعدم قول الحقيقة لذاتها، والتملص من أي مسؤولية – فإن كل الوسائل مباحة.
ممرضة في زي الممرضات، مثل صحفيين يلبسون الستر الواقية والمعاق مبتور الساقين على الكرسي المتحرك، قتلوا على أيدي قناصة الجيش الإسرائيلي. اذا كنا نثق بقناصة الجيش الإسرائيلي بأنهم يعرفون ما يقومون به، وأنهم القناصة الاكثر دقة في العالم، فإن هؤلاء اشخاص تم إطلاق النار عليهم بشكل متعمد.
لو كان الجيش يؤمن بعدالة المعركة التي يقوم بها في غزة لكان تحمل المسؤولية عن حالات القتل هذه، اعتذر، عبر عن الندم، عرض تعويضات. ولكن عندما تشتعل الارض تحت الاقدام، عندما يعرفون الحقيقة، عندما يدركون أن إطلاق النار الحية على متظاهرين وقتل اكثر من 120 شخص منهم وتحويل مئات الاشخاص إلى معاقين، فإن هذه الامور تشبه اكثر المذبحة – لا يمكن حينها الاعتذار أو الندم. في حينه تدخل إلى العمل ماكينة الدعاية للمتحدث بلسان الجيش الإسرائيلي – هجومية وخرقاء ومخجلة. صوت الرعد من مقر قيادة الجيش يضيف فقط الخطيئة على جريمة القتل.
الرائد ادرعي نشر فيلما قصيرا تشاهد فيه ممرضة، ربما النجار، وهي تبعد عن نفسها قنبلة دخان اطلقها الجنود نحوها. ادرعي كان سيقوم بنفس الشيء. ولكن من اجل هذه الدعاية اليائسة فإن هذا هو المسدس المدخن: النجار مخربة، وهي قالت أيضا إنها درع بشري. بالتأكيد الممرضة هي درع بشري. تحقيق الجيش الإسرائيلي الذي يرتكز بالطبع فقط على شهادات الجنود، اظهر انه لم يتم إطلاق النار عليها بشكل متعمد. واضح. ماكينة الدعاية ضخمت واشارت إلى انها ربما قتلت بنار فلسطينية، التي تقريبا لم تطلق خلال هذين الشهرين.
هل ربما اطلقت النار على نفسها؟ كل شيء ممكن. هل نتذكر تحقيق للجيش اظهر شيئا مخالفا؟ سفير إسرائيل في بريطانيا مارك ريغيف، وهو رجل دعاية موهوب، سارع إلى التغريد: قتل "المتطوعة الطبية" بين اقواس، قال، كيف يمكن لمخربة فلسطينية أن تكون متطوعة طبية، هي "تذكار آخر لعنف حماس".
قتل الجيش ممرضة بالزي الابيض في مخالفة واضحة للقانون الدولي الذي يحمي الطواقم الطبية في مناطق القتال رغم أن جدار غزة حتى لا يشكل منطقة قتال، حماس هي المتوحشة. سيدي السفير، من يستطيع متابعة المنطق المريض المشوه هذا؟ ومن سيصدق دعاية رخيصة إلى هذه الدرجة سوى بضعة اعضاء في مجلس النواب – الجسم الاكبر الذي يمثل يهود بريطانيا. وعضوة الكنيست ميراف بن آري التي سارعت إلى استغلال الفرصة لتقول "تبين أن الممرضة، نعم تلك، لم تكن ممرضة مثلما نراها". نعم، تلك، كما تُرى.
كان يجب على إسرائيل أن تهتز من قتل الممرضة. وجه النجار البريء كان يجب أن يمس قلب كل إسرائيلي. المنظمات الطبية كان يجب أن ترفع صوتها. إسرائيليون كان يجب عليهم تغطية وجوههم من الخجل. ولكن هذا كان يمكن أن يحدث فقط لو أن إسرائيل كانت تؤمن بعدالتها. عندما يذهب العدل تبقى فقط الدعاية. من هذه الناحية، ربما هذه الدونية تبشر بالخير.