حرب ضد الاحتجاج

هآرتس - أسرة التحرير

الحرب التي تخوضها شرطة إسرائيل والجيش الاسرائيلي ضد مظاهر احتجاج منظمات اليسار ونشطاء حقوق الانسان تصاعدت في الاسابيع الاخيرة، ومعها القلق على صورة دولة اسرائيل كدولة ديمقراطية وحرة تتعامل بمساواة وتسامح مع مواطنيها والمقيمين فيها.

اضافة اعلان

مظاهرات غير عنيفة في حي الشيخ جراح في شرقي القدس ضد الاستيلاء على منازل مواطنين فلسطينيين من قبل جهات يمينية متطرفة، تواجه برد فعل عنيف وغير متناسب من الشرطة. كما أن المظاهرات التي تنظم ضد الجدار الفاصل في قريتي بلعين ونعلين الفلسطينيتين تحظى بمعاملة قاسية لا يمكن تحملها من قبل الجيش الاسرائيلي.

الشرطة تستخدم قوات كبيرة ضد المظاهرات القانونية في الشيخ جراح، بما في ذلك استخدام المستعربين الملثمين، الذين يستخدمون قوة مفرطة لا داعي لها وغاز الفلفل. وفي الاسابيع الاخيرة اعتقل ما لا يقل عن خمسين متظاهرا في هذه المظاهرات وفي بلعين ونعلين عاد جنود الجيش الاسرائيلي لإطلاق الذخيرة الحية خلافا لتعليمات المدعي العام في الجيش الاسرائيلي وضد متظاهرين غير مسلحين، ولا يشكلون خطرا على حياة الجنود. في القريتين تجرى في نفس الوقت اعتقالات واسعة النطاق لمنظمي المظاهرات واعضاء اللجان الشعبية. وبعضهم يقدمون للمحاكمة العسكرية بتهمة التحريض ويحكم عليهم بالسجن لفترات غير قصيرة.

هذا يعتبر ارتفاعا لدرجة في مستوى الممارسة او هبوط درجة، في نطاق المعاملة العنيفة وغير المتسامحة لمظاهر الاحتجاج الشرعية. شهادات محاضرتين اسرائيليتين، البروفيسورة غليت حزان - روكم والبروفيسورة دفنا غولان، اللتين نشرتا مؤخرا في صحيفة "هآرتس"، كشفتا النقاب عن مشاهد شديدة الوقع لسياسة القبضة الفولاذية التي تمارسها الشرطة في الشيخ جراح. كما أن القبضة الفولاذية التي اتبعت خلال الاحتجاجات على عملية "الرصاص المصهور" قبل عام - اعتقل حينذاك 800 مواطن اسرائيلي اغلبيتهم من العرب وفتحت ملفات جنائية ضد 685 منهم – كانت نذير شؤم لسياسة الدولة بحق متظاهريها. كل هذا يحدث في الوقت الذي تبدي فيه تلك الجهات المسؤولة عن تطبيق القانون يدا لينة ومكترثة بدرجة كبيرة تجاه متظاهري اليمين الذين يحتجون على تجميد البناء في المستوطنات. هناك لا نجد اعتقالات جماعية وعنف الشرطة أقل.

من حق المواطنين يمينا ويسارا وواجبهم التظاهر في اطار القانون ضد المظاهر التي تثير حنقهم. والمعاملة المتسامحة التي تمارس بحقهم هي روح أي نظام ديمقراطي. صور ومشاهد الجنود الذين يطلقون الذخيرة الحية على المتظاهرين او عناصر الشرطة الملثمين الذين يتصرفون بعنف مفرط خلال اعتقال عشرات المتظاهرين تعيد للذاكرة الانظمة الظلامية الاستبدادية. إن كان قارعو الطبول يعتقلون في الشيخ جراح والناشطون الفلسطينيون يتعرضون للاعتقال في بلعين بتهمة جمع الذخيرة التي يخلفها الجيش الاسرائيلي من ورائه لعرضها في معرض خاص - فنحن إذن امام نظام لا يتصرف بالتسامح المطلوب مع مظاهر الاحتجاج الشرعية.

من المحظور أن تبقى مشاهد الشيخ جراح وبلعين ونعلين نفسها اسبوعيا، بعيدة عن الاعين في ظلام عدم الاكتراث والاهتمام الشعبي وعدم التغطية الصحافية. وما تفعله الشرطة في الشيخ جراح وما يفعله الجيش الإسرائيلي في بلعين ونعلين يجب أن يقض مضجع كل إسرائيلي من اليمين ومن اليسار. نحن أمام طابع نظام الدولة التي نعيش فيها.