"سينية" الرزاز

باستثناء تأكيده بأن الانكماش الذي شهده الاقتصاد العالمي، ينعكس على الأردن، كان الرابط الوحيد في كلمة رئيس الوزراء عمر الرزاز، التي وجهها عبر الفيديو إلى المواطنين أول من أمس، هي الـ «سينية»، فخطاب الرزاز، المكون تقريبًا من 950 كلمة، تضمن عدة محاور كلها باستثناء محور واحد أو اثنين، كانت تبدأ بـ «السين».. ومعلوم بأن «السين»، حرف تسويف، قائم على نوايا وغيبيات، ويحتمل أكثر من تأويل وينفع إيجابًا وسلبًا، ويفيد المستقبل البعيد وكذلك القريب.اضافة اعلان
البداية، كانت مع إصدار سندات «اليوروبوند»، فالرئيس أكد أنها سندات مالية تستفيد منها المملكة، عندما قال بأن مبلغ مليار و750 الف دولار أميركي، «س» تخصص لإطفاء ديون سابقة بقيمة 1.25 مليار دولار.. وهنا يجب التركيز على الـ «سين»، فذلك مبلغ قد يُستفاد منه في سداد ديون وقد يحول إلى طريق آخر، وحتى لا نكون سيئي الظن، نقول باتجاه مشروع، يحتمل أيضًا أن يكون خاسرًا كسابقيه من المشاريع، التي لم تؤت أكلها.
حتى عندما ذكر الرزاز بأن ذلك المبلغ قد يوجه إلى تسديد ديون داخلية، «س» تحرك السيولة في العمل المصرفي الأردني، كان الهدف منه هو القطاع الخاص، وكأن كل ما يهم حكومة النهضة، هو ذلك القطاع، الذي يكسب آلاف الملايين من الدنانير، جراء عرق وجهد الأردنيين، ويعطيهم مقابل ذلك «فتات»… وحتى عندما أراد أن يشرح طريقة ذلك، قال بأن وزير المالية «س» يشرح هذا الموضوع.
وفيما يتعلق بمشاريع الشراكة الكبرى مع القطاع الخاص، وهي: مشروع فاقد المياه، مشروع مطار ماركا، ومشروع شبكة الألياف الضوئية، والتي من المنظور أن يتم توقيعها، خلال أيام، كان الرزاز يشير أيضًا إلى أنه «س» يتم العمل على تنفيذها.. وهنا نضع أكثر من إشارة استفهام، لعل وعسى «تُعلل» الحكومة ذلك.
قطاع السياحة والنهوض به، لم يسلم من «سينية» الرئيس، أولها أن الأسابيع المقبلة «س» تشهد تركيزًا على السياحة الداخلية، وثانيها «س» تبدأ الرحلات، وثالثها «س» يتم إحضار الحالات المرضية التي تستفيد من السياحة العلاجية في المملكة… وكذلك مرحلة «التعافي والمنعة»، إذ قال الرزاز إنها مرتبطة بقرارات هيكلية «س» تأخذها الحكومة، معللة ذلك لزيادة الاستثمار.
ثم لم يُخبرنا الرئيس الرزاز كيف تضمن الاجتماع الوزاري «الخلوة»، الذي وصفه بـ «المطول» وعقدته الحكومة السبت الماضي، أنه تضمن مراجعة عميقة لتجربة الأردن مع جائحة فيروس كورونا المستجد.. أيعقل أن يكون مطولًا وتضمن مراجعة عميقة، في خلال ساعة أو ساعتين أو حتى ثلاث ساعات؟!.
وكأنه يُفهم من كلام الرئيس، أن الحكومة قائمة بأفعالها وقراراتها وإجراءاتها على المستقبل، الذي قد يكون بعيدًا، ورغم أن التخطيط للمستقبل شيء عظيم ومهم في بناء أي بلد، إلا أن الأصوب كان يجب التركيز على الحاضر، وما تم إنجازه أو تنفيذه.. فذلك يعني بأن المنجزات التي تحققت على أرض الواقع، إما أنها معدومة أو تكاد لا تذكر.. أو أنه يُفهم من الخطاب بأن الحكومة تُريد إطالة عمرها، بأمور إنشائية، نُجزم بأنها لم تعد تنطلي تلك «الحيل» أو الإنشاء على أي كان.
وللأمانة، نذكر بأن خطاب الرزاز ركز على موضوع الأسرة الواحدة المتكافلة القوية، في تجاوز تحديات المستقبل، لكنه وبنفس الوقت لم يقل أو يخلق خطة لتجاوز الأزمة الحالية، التي يمر بها أكثر من 89 بالمائة من الشعب الأردني، جراء ارتفاع الأسعار والأوضاع المعيشية الصعبة، وتآكل الأجور، وفقدان الدينار لقيمته داخليًا.
الغريب والمستهجن بأن حكومة النهضة تُريد من الشعب التكافل والتراحم والتعاضد، فقط عند المصائب، أما عندما يكون الوضع «قمرة وربيع»، فإن المستفيدين قلة.