"طلاسم" اتفاقية الغاز!

تبدو اتفاقية الغاز مع العدو الصهيوني كما لو أنها فوق جميع الاعتبارات؛ الحكومات، مجلس النواب، وأيضا المواطن الذي ما يزال يعبر عن رفضه الارتهان لهذا القيد على مدى 15 عاما ثقيلة.اضافة اعلان
رئيس مجلس النواب عاطف الطراونة، أكد مؤخرا أن "هذه الاتفاقية مرفوضة شعبيا وبرلمانيا"، وأن المجلس أجبر الحكومة على عرض الاتفاقية على المحكمة الدستورية للنظر في دستوريتها.
ما تبدو طلاسم في هذه الاتفاقية هو الكلام عن أنها قد تكون مشتملة على بنود سرية، وتأكيد تضمينها شرطا جزائيا يزيد عن المليار دولار. ومع ذلك، تصر الحكومة على سؤال المحكمة الدستورية عن صلاحيات مجلس الأمة بالنظر في هذه الاتفاقية، بدعوى توقيعها بين شركتين، وأن الحكومة ليست طرفا فيها.
ولكن عندما تكون الشركة الأردنية مملوكة بالكامل للحكومة، فهذا يعني أن أي شرط جزائي سيعرض خزينة الدولة للخطر، وهو ما يضع هذه الاتفاقية تحت سلطة مجلس الأمة بالنظر إلى المادة 33 من الدستور التي تؤكد هذا الأمر.
وتمتد طلاسم هذه الاتفاقية إلى عدم الاستماع إلى الرفض الشعبي العالي الذي قوبلت به، بل على العكس من ذلك، إذ تتم استملاكات الأراضي التي سيمر بها خط الغاز بالقوة، ويتواصل العمل على مدار الساعة، كما لو أننا نخشى أن نقصّر في عملنا تجاه أعدائنا الذين اطمأنوا كثيرا إلى أننا سنقوم بالمطلوب منا على أكمل وجه!
أهالي مدينة إربد، وبحسب تقرير للزميل أحمد التميمي نشرته "الغد" قبل يومين، يصرخون بأن مد خط الغاز الذي يمر في قرى عدة وما يتبعه من حفر وتجريف ساهم في تدمير البنى التحتية للشوارع والأراضي الزراعية، وأن هناك حفرا وأنقاضا متروكة من دون أي إشارة، ما يعرض حياة الناس وممتلكاتهم للخطر!
على الجانب الآخر من المسألة، ثمة أمور ينبغي أن يجاب عليها، وهي أمور أخلاقية إلى جانب كونها قانونية، وأولها السؤال عن مدى وطنية الجهة التي تورط بلدها بمثل هذه الاتفاقية التي تمتد على مدار 15 عاما، وتضيف إلى ذلك القبول بتضمينها شرطا جزائيا يهدد الخزينة التي تعاني، أصلا، من مشاكل عديدة!
ألا يحق لنا أن نطالب بأن يخضع مجلس النواب هذه الجهة، أو الأشخاص الاعتباريين فيها الذين وقعوا، إلى المساءلة عبر السلطة الشعبية والقانونية الممنوحة للمجلس؟!
أما الأمر الأخلاقي الآخر، فهو أن نرضى باستيراد غاز مسروق من أشقائنا الفلسطينيين، ينهبه العدو ويبيعه، وبذلك نمنحه صفة شرعية، تماما كما لو أننا نعمل على تبييض الأموال في سوق سوداء.
ينبغي علينا ونحن نطرح اتفاقية الغاز هذه للحوار، أن نفكر فعلا في جميع الجوانب التي تتضمنها. وأن نفكر في الأعوام الطويلة التي ستبقى فيها سيفا مسلطا على رقابنا. وأن نفكر، كذلك، بهذا العدو الكريه، وهل يستحق منا كل هذه المعاملة الكريمة، خصوصا وهو يعمل، بوضوح، ضد مصالحنا الوطنية والقومية!!