كيف ندرأ خطر المقالع عن التجمعات السكانية؟

مقلع حجارة في منطقة الرصيفة-(أرشيفية)
مقلع حجارة في منطقة الرصيفة-(أرشيفية)

فرح عطيات

عمان- انتقد خبراء بيئيون وجيولوجيون ونيابيون "المسافة المحددة بين مواقع المقالع والتجمعات السكانية، والمنشآت الحساسة التي تتراوح ما بين 1500 متر إلى 2500 متر، لكونها غير كافية لدرء المخاطر البيئية والصحية".

اضافة اعلان


ووفق نص المادة الرابعة من مسودة نظام المقالع، المنشور في موقع ديوان التشريع والرأي حالياً لإبداء الرأي حولها، فإن "المسافة بين المقالع والتجمعات السكانية، وحدود التنظيم، والمنشآت الحساسة كالمدارس، والمستشفيات، وغيرها يجب أن لا يقل عن 1500 متر، ويستثنى من ذلك موقع مقلع الركام بحيث لا تقل المسافة عن 2500 متر".


هذه المسافة، في رأي الخبراء يجب أن "لا تقل عن ثلاثة الى خمسة كيلومترات، لضمان بعدها عن مناطق التجمعات السكانية بشكل خاص، في وقت لا بد فيه من تشكيل لجنة متخصصة لدراسة مواقع المقالع، ومدى ملاءمة الصخور فيها للمعايير الفنية قبيل منح الترخيص".


وكشفت إحصائيات الادارة الملكية لحماية البيئة والسياحة عن "تحرير 25 مخالفة بحق المقالع منذ بداية هذا العام، وحتى مطلع الشهر الحالي، في وقت بلغت فيه المخالفات في عامي 2020، و2021 حوالي 488".


وبلغت نقارير الكشف على المنشآت حوالي 5731، في حين سجلت الادارة 22 مخالفة قذف رملي، ومخالفتين لانبعاثات الملوثات من غاز، وأبخرة، وفق الاحصائيات التي حصلت "الغد" على نسخة منها.


وشدد مقرر لجنة الصحة والبيئة النيابية د. تيسير كريشان على أن "الامتداد العمراني السريع، مع النمو المتزايد بأعداد السكان، سيؤديان الى دفع تواجد المقالع ضمن التجمعات السكانية، مثل ما تشهده مناطق في محافظة معان في الوقت الحالي".


ولذلك لا بد، برأيه أن "لا تتجاوز المسافة بين المقالع والتجمعات السكانية عن خمسة كيلومترات، مع ضرورة التشديد على إعادة تأهيل تلك المواقع، وبعد استخراج الصخور، والرمال من قبل أصحاب العمل، والتأشير عليها أنها غير مخصصة للسكن، وتحويلها الى ملاعب، أو متنزهات، أو غيرها".


ولفت في تصريحات لـ"الغد" الى أن "هذه الشروط لا بد أن يتضمنها التشريع، وخاصة أن هنالك العديد من المخاطر البيئية والصحية الناجمة عنها، مثل تحولها الى أماكن لتجميع النفايات، أو قد تتسبب الحفر فيها بتدهور المركبات، أو وقوع الأطفال في محيطها".


ودعا الى "تشكيل لجنة من وزارات الإدارة المحلية، والبيئة، والأشغال العامة، والمالية، ودائرة الاراضي والمساحة، لدراسة حجم الزيادة السكانية والعمرانية، ومن ثم القيام بجولات ميدانية للمواقع المراد إنشاء المقالع قبيل منح التراخيص اللازمة".


ومن وجهة نظره كذلك، فإن "هنالك مسؤولية تقع على عاتق المركز الجغرافي بتحديد المواقع التي من الممكن استغلالها لإقامة المقالع والمحاجر، منعاً لتحديد أماكن وبصورة عشوائية، قد لا تكون فيها الصخور والرمال تتواءم والمعايير المطلوبة للاستفادة منها في عمليات الإعمار".


وتلزم بنود مسودة النظام الجديد في المادة السادسة المرخصين بـ"تأهيل المكان الذي انتهت فيه عمليات التعدين، وفقاً لخطة إعادة التأهيل المقدمة من المرخص له، والمعتمدة من هيئة تنظيم قطاع الطاقة والمعادن".


كما يحق، ووفق المادة السابعة من المسودة، "إلغاء الرخصة من قبل رئيس مجلس مفوضي هيئة تنظيم قطاع الطاقة والمعادن في حال تبين أن نوعية المواد الحجرية في المقلع لم تعد ملائمة للمواصفات، والقواعد الفنية المعتمدة، بناء على الكشف الدوري من قبل الهيئة، ونتائج تحليل العينات".


ومن وجهة نظر أستاذ علوم الجو في الجامعة الهاشمية د. محمود أبو اللبن فإن "المسافة الجديدة الواردة في مسودة النظام لإقامة المقالع غير كافية، إذ يجب أن تبعُد عن مكان التجمعات السكانية، والمناطق الحساسة ما لا يقل عن ثلاثة كيلومترات في حدها الأدنى".


واستند في رأيه إلى أن "المملكة تشهد أجواء خماسينية، تشتد فيها الرياح المحملة بالأغبرة في بعض أوقات من السنة، وفي حال وجود المقالع فإن نسب الرمال والغبار ستزداد، ما سيؤثر سلباً على البيئة المحيطة بها".


ولخص أبو اللبن لـ"الغد" الآثار البيئية لهذه المقالع بـ"أن الأغبرة الناتجة عن عمل المقالع تتصف بأنها ذات أحجام كبيرة، والتي تؤثر على الطبيعة، والتنوع الحيوي النادر في المملكة، ولكن ليس بصورة كبيرة على صحة الإنسان".


وأوضح أن "تلك الأغبرة لا تنتقل لمسافات كبيرة عن أماكن تواجد المقالع، التي تكُثر في مناطق صالحية العابد في ماركا، وأبو صياح، لكن لا يعني ذلك عدم اتخاذ الإجراءات الكفيلة بمنع تأثيراتها على التنوع الحيوي منعاً لتدهوره".


ووفق المادة الرابعة من نظام المقالع المعمول به حالياً فإنه "إذا كانت المسافة بين المقلع وأقرب مكان عام كالمناطق السياحية، والحرجية، والمتنزهات العامة، لا تقل عن كيلو متر واحد، في المناطق المنبسطة، والمفتوحة، على أن يكتفي بنصف هذه المسافة في حال وجود حاجز طبيعي يحجب المقلع، بشرط أن لا يؤثر على المنظر العام للمنطقة المجاورة".


كما يجب أن لا "تقل المسافة بين المقلع، وأقرب طريق عام رئيسي ثانوي، أم قروي عن 300 متر، إذ كان يشتمل على كسارات ثانوية، ومتحركة، وفيه حجر بناء، ودبش، في حين يجب ان لا تقل عن خمسين مترا في حال كانت مقالع للرمال الوادي، والصخري الناعم"، بحسب المادة ذاتها.


وأكد مدير عام المركز الدولي للدراسات الهندسية الجيولوجية المهندس أنور طميزة، لـ"الغد" أن "المسافة الواردة في مسودة النظام بين المقالع، وحدود التنظيم، والتجمعات السكانية، وبعض المؤسسات الحساسة، غير كافية، وخاصة في المناطق المكشوفة، والمعرضة لحركة الرياح القوية".


كما، وبحسب رأيه "يجب أن لا يتواجد في المنطقة المراد فتح المقلع فيها موقع أثري، أو مكان مقدس، في ضوء المخاطر البيئية المتوقعة من تغيير للمنظر الجمالي لتضاريس الأرض الطبيعية".


ومن بين الآثار الأخرى، التي أجملها طميزة "التأثير السلبي على الثروة الحرجية، وصحة المواطنين بسبب الغبار الناتج عن أعمال التعدين، فضلا عن الخطر الذي يحيط بسلامة الأفراد القاطنين حول المقالع، والناجمة عن تواجد الحفر العميقة غير الآمنة، وانعدام توفر مسافات آمنة حول الموقع".

إقرأ المزيد :