لماذا الخوف من الشفافية؟

محمود خطاطبة في ظل الانتشار الواسع لوسائل الاتصال الحديثة والإنترنت، التي باتت تُغطي مُعظم مناطق الكُرة الأرضية، حتى تلك التي تُعاني فقرًا وعوزًا وقلة إمكانات، فإن الابتعاد عن الشفافية والمُكاشفة، وخصوصًا عند حدوث الأزمات وإدارتها، بات ضربًا من الجنون، أو عبارة عن وضع الرؤوس في الرمال. يتوجب على صُناع القرار في هذا الوطن، الذي بقي طوال الأعوام الماضية ينزف في أكثر من موضع، أن يدركوا ويعوا تمامًا أهمية الشفافية في إدارة الأزمات، التي باتت الوسيلة الوحيدة، إن لم تكن الأوحد؛ حيث من خلالها يستطيع الجميع، أُميين ومُتعلمين، صغارًا وكبارًا، يقطنون في حضر أو ريف أو بادية، معرفة المطلوب منهم (الواجبات) وما عليهم تحقيقه أو تنفيذه، وما لهم من حقوق أو امتيازات.. من خلال الشفافية وإدارتها على الوجه الصحيح، يتمكنون من الإلمام جيدًا بالإيجابيات والسلبيات، وكذلك كُل النتائج أيًا كانت بحلوها ومُرها. يجب على الجميع أن يتأكدوا أن للشفافية والإعلام، أهمية لا تُضاهيها أهمية أُخرى، فهاتان أساسيتان في بناء الثقة، بين الشعب من جهة والحُكومة من جهة ثانية، أو التقليل من حدة فجوة الثقة الحاصة بين الجانبين. ليس هُناك مُبالغة عندما يُقال إن الشفافية، التي ترتبط ارتباطًا وثيقًا بالإعلام بمُختلف أنواعه وأدواته، هي الأساس في الوقت الراهن لبناء ثقة جديدة بين الحُكومة والشعب، وتحديد الموقف، بـ»عجره وبجره»، للجمهور، حتى لا يتم ترك الأمور إلى غموض، يُبنى عليه الكثير من المُغالطات، أو تساؤلات تحتمل إجابات فضفاضة لا تخدم الطرفين أبدًا، أو كثرة تأويلات لا تمت إلى المنطق أو الحقيقة بأي صلة. فليس من المعقول، وبعد أن قطع الأردن أشواطًا كثيرة وطويلة في التقدم على غيره من الدول في مجال الاتصال والتكنولوجيا والانترنت والمعلوماتية، أن يكون هُناك مؤتمر صحفي يتيم، يُفصح عما وقع من أحداث واعتصامات وإضرابات، خلال الفترة الماضية، في مناطق عدة. ليس من المنطقي أبدًا، أن يتم الاكتفاء بشرح ما حصل على مدى خمسة عشر يومًا، فقط من خلال بيانات موجزة، باتت لا تُسمن ولا تُغني من جوع، لكثير من أبناء الشعب الأردني. مرة ثانية، الشفافية مطلوبة في كُل الأوقات، وبالتحديد في زمن أو وقت الأزمات، فالشفافية والمُكاشفة، من خلال وسائل الإعلام المُتنوعة، شريك مُهم وعامل ضروري في الحفاظ على الوطن والمواطن وكذلك الحُكومة، وركن أساسي في إدارة أي أزمة، وإزالة أي غُموض يكتنفها أو يدور حول إرهاصاتها. توظيف الشفافية في إدارة الأزمات، لما فيه صالح الوطن والمواطن، أمر ضروري، خاصة أن الحُكومات، أكانت الحالية أم المُتعاقبة، أنفقت الكثير من الأموال والجهود من أجل برامج تأهيلية لإدارة الأزمات.. لكن وللأسف كان الإخفاق في التطبيق، حتى كتابة هذه السطور، هو سيد الموقف. ليس سرًا يُذاع، أو معلومة جديدة تُكشف، عندما يُقال إن عكس الشفافية، هو حتمًا وبكل تأكيد لا شك فيه، يعني توفير الحاضنة لكُل ما هو سلبي، أو تأويل لا يستند إلى دليل، أو تحليل لا يعتمد على حُجة، أو تركه على غاربه لأُناس أو جهات، ليسميها القارئ ما يشاء، قد يكون الإخلاص والانتماء للوطن غير موجود بقواميسها، وبالتالي ترك تحليل النتائج لكُل من «هب ودب».. والعاقبة هي خسارة للوطن. المقال السابق للكاتب اضافة اعلان