مهن تنقرض..

بعد أعوام، ستكتشف أن المهنة التي قضيت جل عمرك فيها لم تعد صالحة، وأنها أُلغيت من جدول المهن المرصوص في منظمة العمل الدولية.
الاخبار التي تزحف منذ فترة، لتقول لنا إن هناك آلاف المهن التي ستنقرض، مرعبة، لأنها تطرق ابوابنا بأسئلة مثل: ماذا سنعمل؟ ما الذي سيفعله أبناؤنا حين يأتي ذلك الزمن العجيب، بعد أن تعلموا او درسوا ليعملوا فيما يعرفونه؟ ايعقل أن يأتي زمن لا تنفعهم فيه شهاداتهم ولا معارفهم ولا حرفهم؟اضافة اعلان
على كل؛ نهاية المهن ليست بغريبة على البشر، فلو رجعنا إلى بوابات التاريخ الاولى، سنتعرف على مهن عديدة، أصبح مجرد الحديث عنها أقرب إلى الطرفة. أنقرضت او محيت من جدول المهن البشرية.
دخلنا القرن الحادي والعشرين ولم يخبرنا احد الا قبل سنوات، بأن العالم تغير، وأن هذه التغير أسرع مما كان يحدث في ازمنة سابقة، فالانتقال من عصر إلى عصر، كان يستغرق قرنين على الاقل من الزمان، الآن اصبح يستغرق بضعة أشهر، أو عاما.. عامين على الاكثر.
اذن هذه ضريبة التطور، وهي كبيرة ومخيفة، قد لا تجد من يدفعها منا مستقبلا، الا اذا أسرعنا كالعصور التي تتلاحق وراء بعضها اليوم، دون أن نستطيع حفظ اسمائها إلى اللحاق بالركب الحضاري البشري الذي لا يرحم من يتوقف عن اللحاق به.
فما الذي فعلته الحكومات والدول في بلدأننا العربية لتوَقّي الدخول في مأزق، الغاء اكثر من 20 الف مهنة، كرقم تقديري لبعض الباحثين، وبعضهم يقول أن الرقم سيرتفع عدة الاف لاحقا.
والمثير؛ أن مهنا اعتقدنا لقرون بأنها لن تنتهي وبأن البشرية ستكون بحاجة اليها إلى أبد الآبدين، باتت مهددة اليوم قبل الغد بالغياب، بخاصة مهن البناء، إذ أن آلة طباعة ثلاثية، يمكنها أن تحل مكان عشرات المهندسين والعمال في آن، وتنجز مبنى خلال بضع ساعات أو أيام، وكما هو مبين لها في جهاز الكمبيوتر.
كذلك المهن الصحية والطبية، فقد تحدّث قبل أعوام باحثون من معاهد كبرى، عن انتهاء عصر الطبابة التقليدي، إذ أن كثيرا من الامراض ستنتهي، وكثيرا من الاعمال الطبية ستستعين ببرامج كمبيوتر تشخص المرضى وتكتب لهم الدواء وتعالجهم.
هذه نماذج لمهن، ستجد طريقها إلى الغياب عن عالمنا، ولن تستغربوا حين يأتي وقت تنقرض فيه مهنة قيادة السيارات، بعد أن تنجح تجارب السيارات التي تسير عن بعد وعلى نحو ذاتي.
عالم مجنون ربما، عالم يتغير.. ونحن ما نزال في مكاننا واقفين، نتحدث عن كيفية الوصول إلى تعليم متطور، يواكب العصر، لكننا نحتج على تغيير المناهج.
لم تدقَّ الحكومات والدول في المنطقة العربية إلى اليوم، جرس الإنذار لما سيكون عليه العالم بعد اعوام، فقط بعد اعوام، ولا غرابة إن سمعتَ وأنت تقرأ هذه المقال، بأن ثمة مهنا باتت تبحث عن مكان لها على رف في أحد المتاحف.