هل يقطع الأردن علاقاته الدبلوماسية مع سورية؟

حسب تصريح الناطق باسم وزارة الخارجية، لا يفكر الأردن "لغاية الآن" في سحب السفير الأردني من دمشق، أو الطلب من السفير السوري مغادرة عمان. والمؤكد أن الحكومة ستعد إلى المئة قبل أن تفكر في مجاراة الحلفاء الخليجيين في خطواتهم التصعيدية ضد النظام السوري.اضافة اعلان
لا يستطيع صاحب القرار الأردني أن يتجاهل شبكة المصالح التي تربط الأردن بسورية، خاصة على الصعيد الاقتصادي؛ فالحدود الشمالية هي الشريان الحيوي للتجارة الأردنية مع ثلاث أسواق رئيسية، والطريق الأقل كلفة للبضائع القادمة إلى السوق الأردنية. وفي سورية يعيش أكثر من 3 آلاف طالب أردني. ولا ننسى أيضا وجود حوالي ألف أردني في السجون السورية، ستتعرض حياتهم للخطر في ظل أي تصعيد دبلوماسي من طرفنا بحق النظام.
لغة المصالح، لا الاعتبارات الإنسانية، هي التي تتحكم بمواقف القوى الإقليمية والدولية من الأزمة السورية، سواء كانت هذه القوى مؤيدة لنظام الأسد أو معارضة له. والموقف الأردني لا يمكن أن يشذ عن هذه القاعدة، مثل تركيا التي قادت حملة التصعيد منذ بداية الأزمة في سورية، لكنها ولاعتبارات مرتبطة بالمصالح التركية، لم تقطع علاقاتها الدبلوماسية مع دمشق.
لقد تفهمت الجامعة العربية موقف الأردن من العقوبات الاقتصادية المفروضة على سورية، ووافقت على طلب الاستثناء الذي تقدم به في ذلك الحين، ولم تعترض دول الخليج على ذلك، لا بل إن بعضها كان داعما للطلب الأردني.
مرت الدبلوماسية الأردنية بتجربة مماثلة إبان حصار العراق. فبالرغم من صدور قرارات من مجلس الأمن بفرض عقوبات مشددة على العراق شملت تصدير النفط، إلا أن الأردن تمكن من الحصول على امتيازات خاصة تسمح له باستيراد النفط من العراق وتصدير البضائع ضمن بروتوكول خاص، واستمرت العلاقات الدبلوماسية قائمة بين البلدين بدون انقطاع.
استمرار العلاقات الدبلوماسية مع دمشق لا يمنع الأردن، بأي حال من الأحوال، من التعبير عن موقفه تجاه الأوضاع المتفاقمة في سورية، أو إدانة العنف الدموي في حمص وسائر المدن السورية.
هناك انقسام حاد في المواقف الدولية والعربية بشأن طريقة التعاطي مع الأزمة السورية؛ فبعد فشل الجامعة العربية والتحالف الغربي في استصدار قرار من مجلس الأمن، سيجتمع وزراء الخارجية العرب في القاهرة الأحد المقبل للبحث في الخيارات الممكنة للمرحلة المقبلة، ويسبق لقاء القاهرة اجتماع لوزراء مجلس التعاون الخليجي في الرياض يوم السبت. وفي الأثناء، تترقب الأوساط الدولية مبادرة تركية لحل الأزمة السورية، تأمل القيادة التركية أن تنجح في الخروج من حالة الاستعصاء التي تواجه سورية.
الأيام والأسابيع المقبلة، إذن، حافلة بالتطورات، والحال في سورية مرشح لكل الاحتمالات. لكن في كل الأحوال، الأزمة مرشحة للاستمرار لفترة طويلة، رغم شلال الدم الذي يدمي القلوب.
الأردن سيكون في خضم الأزمة المفتوحة على أسوأ السيناريوهات، لكن وكما في مرات سابقة، عليه أن يوازن بين مصالحه وتحالفاته ليعبر بأقل الخسائر.

[email protected]