وفاز مرسي رغما عنهم!

بداية لم تكن الانتخابات المصرية نزيهة، من البداية للنهاية. الدولة العميقة زورت لصالح أحمد شفيق، من استبعاد المرشح القوي خيرت الشاطر، إلى تسخير إمكانات الدولة وأذرعها الظاهرة والباطنة لصالح شفيق. ولذا جاءت هزيمتها مزلزلة مدوية. وبدا تخبط العسكر واضحا، ففقدوا اتزانهم وخرجوا بإعلانهم الدستوري المكمل، ولو فاز شفيق لأوكلوا كل الصلاحيات، بما فيها التشريعية والقضائية للرئيس المنتخب. أما اليوم فهم سيحاولون إبقاء الرئيس مجرد رمز للبلاد.اضافة اعلان
كتبت عن القوى المترددة وعلى رأسها حمدين صباحي "ماذا لو فاز مرسي رغما عنهم؟" بعد الجولة الأولى، واليوم بدا واضحا أن التردد خدم الفلول، وكاد يتسبب بعودة نظام مبارك بثوب ديمقراطي. ولكن الأكثرية الساحقة من قوى الثورة وخصوصا الشباب من أمثال إسلام لطفي، ووائل غنيم، وحركة 6 إبريل، وشخصيات وطنية وازنة مثل عبدالحليم قنديل حسمت خيارها مع مرسي بوصفه مرشح الثورة.
لقد حاولت الماكنة الإعلامية للدولة العميقة الفصل بين الإخوان والثورة، إلى درجة العبث بالقضاء، وتحويل موقعة الجمل التي بذل فيها الإخوان مع غيرهم زهرة شبابهم إلى جريمة نفذها الإخوان. إن الدولة العميقة بكل علاقاتها المحلية والعربية والدولية هزمت.
لقد فازت قوى الثورة ولم يفز الإخوان وهذا هو المهم. وكان شعار الإخوان ذكيا جدا "مش إخوان وصوتي لمرسي"، وكثيرون لم يقتنعوا به شخصا أو بالإخوان تنظيما لكنهم وقفوا معه حماية للثورة. الصديق إسلام لطفي أحد قيادات شباب الثورة وصف بدقة حال مرسي في تغريدة على تويتر "أول رئيس يترشح غصبا عنه، وننتخبه غصبا عنا، وينجح غصبا عنهم".
 بالنتيجة وقف العالم كله احتراما لأول رئيس مصري منتخب من 7 آلاف سنة، وسهرت الشعوب فرحا مع المحتفلين في ميدان التحرير، بقدر ما أرق الطغاة المشهد فلكل مرسيه، ويخاف على كرسيه. لم يكن الإخوان وحدهم المحتفلين، كنت تشاهد الفرحة في عيون المصريين العاديين الذين لا علاقة لهم بالسياسة. وعندما خاطب الناس خرج عن النص بشكل أظهر طيبته لا دهاءه. وكل البسطاء بمن فيهم سواقو التوكتك شعروا أنه لهم، ورجال الأعمال عبرت البورصة عن فرحتهم. بارتفاع غير مسبوق من شهور.
   المتحسرون على مبارك يذكرون أنه كان يلقب بالبقرة الضاحكة في سنواته الأولى، مرسي طيب ونظيف ومستقيم، وذكي كان من أوائل الثانوية العامة ودرس هندسة مركبات فضائية في أرقى الجامعات، ومناضل اعتقل في سجون مبارك وخرج منها إلى ميدان التحرير. فهو وإن كان دون كاريزما أبو الفتوح أو خيرت الشاطر إلا أنه محمول بجماهير وتنظيم وشعب عظيم اختاره وأحبه.
لن تكون طريقه سهلة، المجلس العسكري والدولة العميقة سيضعان الألغام في طريقه. ومعهم حلفاء في الداخل والخارج، وقد حاول مرسي أن يطمئنهم وقد ينجح ، لكن إن دخلوا في مواجهة فهم الخاسرون. وإن كانوا يراهنون على نموذج عسكر تركيا فهو يراهن على نموذج أوردوغان، وفي النهاية نشاهد قادة الجيش يخرجون من الحكم للسجن، شاهدنا أوردوغان يخرج من السجن للحكم.
هذا تاريخ جديد يكتب ومن يقف أمام مدحلة التاريخ تدوسه، والأفضل للجميع في مصر وخارجها أن يساهموا في الحضور التاريخي لا أن يكونوا خارج التاريخ.

[email protected]