"يونيسف": "كورونا" تتسبب بأسوأ أزمة للأطفال منذ 75 عاما

منظمة الامم المتحدة للطفولة (اليونيسف) -(ارشيفية)
منظمة الامم المتحدة للطفولة (اليونيسف) -(ارشيفية)

نادين النمري

عمان- حذر تقرير صادر عن منظمة الأمم المتحدة للطفولة "يونيسف" من أنه "بعد مرور عامين على جائحة كوفيد 19، يستمر تعمق التأثير واسع النطاق للفقر، وتكريس انعدام المساواة، وتهديد حقوق الأطفال، على مستوى لم نشهده من قبل".

اضافة اعلان


وقالت المنظمة، في تقرير أصدرته أول من أمس، إن "كوفيد 19" أثر على الأطفال على مستوى غير مسبوق، ما يجعله أسوأ أزمة للأطفال تشهدها على امتداد تاريخها الممتد 75 عاماً.


ويُبرز التقرير، وعنوانه "منع ضياع عقد عمل مستعجل للتصدي للتأثير المدمر لكوفيد 19 على الأطفال واليافعين"، الطرق المتنوعة التي يتسبب فيها "كوفيد 19" بتحديات للتقدم الذي تحقق على امتداد عقود في التصدي لصعوبات رئيسية في الطفولة من قبيل الفقر والصحة وإمكانية الحصول على التعليم والتغذية وحماية الطفل والعافية للصحة العقلية.


وأوصى بضرورة الاستثمار في الحماية الاجتماعية، ورأس المال الإنساني، والإنفاق، لتحقيق تعافٍ شامل للجميع وقادر على الصمود، وإنهاء الجائحة والتصدي للتراجع المثير للقلق في مجالات صحة الطفل وتغذيته -من خلال الاستفادة من دور يونيسف الأساسي في توزيع لقاحات "كوفيد 19".


وشددت الدراسة، على ضرورة إعادة البناء على نحو أقوى من السابق عبر ضمان التعليم الجيد، والحماية، وخدمات الصحة العقلية الجيدة لكل طفل، وبناء القدرة على الصمود، لنتمكن من منع الأزمات والاستجابة إليها، وحماية الأطفال منها على نحو أفضل، بما في ذلك تبني نُهج جديدة لإنهاء المجاعات، وحماية الأطفال من تغير المناخ، ووضع رؤية جديدة للإنفاق المخصص لمواجهة الكوارث.


ويقول تقرير "اليونيسف"، إن عدداً كبيراً جداً يقدر بـ100 مليون طفل إضافي يعيشون حالياً في فقر متعدد الأبعاد بسبب الجائحة، بزيادة تبلغ 10 % منذ سنة 2019، وهذا يتطابق مع زهاء 1.8 طفل كل ثانية منذ أواسط آذار (مارس) 2020.


وبشأن المسار الطويل اللازم لاستعادة المكتسبات التي خسرناها، حذر التقرير من أن الأمر سيستغرق بين 7–8 سنوات (في أفضل الاحالات) للتعافي والعودة إلى مستويات الفقر التي كانت سائدة قبل "كوفيد 19".


ويستشهد التقرير بأدلة إضافية بشأن التراجع في هذا المجال، حيث يقول إن حوالي 60 مليون طفل إضافي، يعيشون في أسر معيشية تعاني فقراً نقدياً مقارنة مع الوضع قبل الجائحة، إضافة إلى خسران أكثر من 23 مليون طفل العام 2020 تلقي اللقاحات الأساسية، بزيادة تبلغ 4 ملايين طفل على العام 2019، وهو أعلى رقم منذ 11 عاماً.


وأضاف "حتى قبل الجائحة، كان حوالي بليون طفل في العالم، يعانون واحدا على الأقل من أوجه الحرمان الشديد، إذ يفتقرون إلى إمكانية الحصول على التعليم، أو الصحة أو السكن، أو التغذية، أو الصرف الصحي، أو المياه، وبات هذا العدد يتصاعد حالياً، إذ يعمل التعافي غير المتساوي من الجائحة، على زيادة التفاوت بين الأطفال من الأسر الغنية والفقيرة، ويتحمل الأطفال الأشد عرضة للتهميش الوطأة الأشد".


وزاد "في ذروة الإغلاقات العامة بسبب الجائحة، كان أكثر من 1.6 بليون طالب خارج المدارس، وكانت المدارس مغلقة في العالم لفترة تبلغ حوالي 80 % من وقت التعليم الوجاهي أثناء السنة الأولى من الأزمة".


وتابع "تؤثر اعتلالات الصحة العقلية على أكثر من 13 % من المراهقين من الفئة العمرية بين 10 الى 19 سنة في العالم، وبحلول تشرين الأول (أكتوبر) 2020، كانت الجائحة قد عطلت أو أوقفت خدمات الصحة العقلية الضرورية في 93 % من البلدان في العالم، ويمكن أن تحدث 10 ملايين حالة زواج أطفال إضافية قبل نهاية العقد نتيجة للجائحة".


وقال "ازداد عدد الأطفال المنخرطين في العمالة إلى 160 مليوناً في العالم، بزيادة تبلغ 8.4 مليون طفل في السنوات الأربع الماضية، وثمة 9 ملايين طفل إضافي معرضون لخطر الاضطرار، للانخراط في عمالة الأطفال بحلول نهاية العام المقبل، بسبب زيادة الفقر
الناجم عن الجائحة".


وتابع "في ذروة الجائحة، كان 1.8 بليون طفل يعيشون في 104 بلدان، شهدت فيها خدمات منع العنف والاستجابة إليه تعطيلاً شديداً، وعانى 50 مليون طفل الهزال، وهو النوع الأكثر تهديداً للحياة من أنواع سوء التغذية، وقد يزداد هذا العدد بمقدار 9 ملايين طفل إضافي بحلول العام المقبل، بسبب تأثير الجائحة على الأنماط الغذائية للأطفال، وعلى خدمات التغذية وممارسات تغذية الأطفال".


وفيما يتجاوز الجائحة، يحذر التقرير من تهديدات أخرى للأطفال، تشكل أخطاراً شديدة على حقوقهم، فعلى صعيد العالم يعيش 426 مليون طفل -حوالي 1 من كل 5- في مناطق نزاعات تزداد شدة، وتتسبب بأضرار أشد على المدنيين، وتؤثر على الأطفال تأثيراً غير متناسب.


وتواجه النساء والبنات خطراً أكبر بالتعرض للعنف الجنسي المتصل بالنزاعات، وينشأ أكثر من 80 % من الاحتياجات الإنسانية عن النزاعات. وبالمثل، يعيش حوالي بليون طفل -أي زهاء نصف أطفال العالم- في بلدان معرضة لـ"خطر من مستوى عالٍ بشدة" من تأثيرات تغير المناخ.


وقالت المديرة التنفيذية لـ"يونيسف"، هنرييتا فور "ساعدت يونيسف على امتداد تاريخها في تشكيل بيئات أكثر صحة وأماناً للأطفال في جميع أنحاء العالم، وحققت نتائج جيدة لملايين الأطفال، لكن باتت هذه المكتسبات مهددة حالياً، وكانت جائحة كوفيد 19 أكبر تهديد لتقدم الأطفال منذ 75 عاماً".


وأضافت "فيما يتصاعد عدد الأطفال الجياع، أو غير الملتحقين بالمدارس، أو المعرضين للإساءات، أو الذين يعيشون في الفقر، أو الذين يُجبرون على الزواج، تتناقص أعداد الأطفال الذين يحصلون على الرعاية الصحية، واللقاحات، والأغذية الكافية، والخدمات الأساسية، وفي سنة كان يُفترض أن نتطلع فيها إلى الأمام، نجد أنفسنا نتراجع إلى الخلف".


وقالت "في هذه الحقبة التي تشهد جائحة عالمية، ونزاعات متزايدة، وتغيراً متفاقماً في المناخ، بات الالتزام بنهج الطفل أولاً مهماً أكثر من أي وقت مضى، نحن أمام مفترق طرق، فإذا نعمل مع الحكومات والجهات المانحة ومنظمات أخرى للبدء في رسم مسارنا الجماعي للسنوات الـ75 المقبلة، يجب أن نُبقي الأطفال في مقدمة الأولويات للاستثمار، وفي آخر قائمة اقتطاع المخصصات، فوعد مستقبلنا يتحدد بالأولويات التي نضعها في حاضرنا".

إقرأ المزيد :