الأداء الاقتصادي للحكومة

ينبغي أن ننظر للبعد الأشمل في تقييم أداء الحكومة. ويتطلب هذا أن نخرج من التفاصيل الجزئية إلى الرؤية الاستراتيجية. عندما يقول نحو ثلاثة أرباع الأردنيين من العامة وقادة الرأي أن الاقتصاد الأردني يسير بالاتجاه الخاطئ حسب نتائج استطلاع مركز الدراسات الاستراتيجية في الجامعة الأردنية بعد عام على تشكيل الحكومة، علينا أن نخرج من حالة الانكار والاتكاء على التبرير. وعندما يقول أكثر من 80 % أن المشاكل الأهم التي يواجهها الأردن هي مشاكل اقتصادية بحتة فإن هذا يتطلب أن يعمل الجميع، وليس الحكومة فقط، على الخروج من المأزق الذي يهددنا جميعاً، في حالة استمراره، في منعتنا وعيشنا وأمننا الاقتصادي. وعلى الرغم من قيام الحكومة بما تستطيع، إلا أنها مطالبة بالمزيد والتفكير بأدوات خارج الصندوق التقليدي. تشير قراءة عابرة للبيانات الاقتصادية الرسمية إلى ضرورة رفع الإنفاق الحكومي لكي تتمكن الدولة من السيطرة على الركود الاقتصادي وتحسين الأداء الكلي للاقتصاد. ينبغي رفع الانفاق العام نسبة للناتج المحلي الاجمالي إلى 33 % على أقل تقدير لكي تتمكن دورة الاقتصاد من الحد من مشكلة البطالة، إذ بلغت في العام 2018 نحو 29 %. بالمقارنة بعام 2000 بلغت النسبة نحو 33 % وبلغت نسبة الإيرادات المحلية نحو 27 % (والآن 23 %). ويمكن أن يتأتى هذا من طرح مشاريع إستراتيجية كبرى للاستثمار المحلي والخارجي بشروط ميسرة تُمكن المستثمرين من الإنفاق في الأردن لتحريك الاقتصاد. ما الذي يمنع فتح المغطس لاستقبال 2.5 مليون حاج مسيحي سنويا من أصل 2.5 مليار مسيحي في العالم؟ وما الذي يمنع إعاد هيكلة قطاع الطاقة وخفض أسعارها التي تساهم إلى حد كبير في دفع المستثمرين المحليين للهجرة وتمنع المستثمرين الأجانب من دخول السوق الأردني؟ وما الذي يمنع من بناء محطة تحلية مياه البحر الاحمر ونقلها لباقي المملكة بالطاقة المتجددة؟ وما الذي يمنع بناء سكة حديد وطنية لنقل البضائع والركاب وربطها بالدول المجاورة وربما بطريق الحرير الجديد؟ وما الذي يمنع إدخال تعليم اللغة الصينية والانجليزية والبرمجة لجميع مدارس القطاع العام وفتح صفوف تمهيدية في كل المدارس الحكومية؟ الإجابة الجاهزة من الحكومة والناس هي عدم توفر التمويل. لنسأل أنفسنا، كيف تمكنت روندا وكينيا واوغندا واثيوبيا من القفز من الفقر والحروب الأهلية إلى نمو اقتصادي مستدام يصل في بعضها إلى 7 % ؟ عندما تنخفض حصيلة الضريبة العامة على السلع والخدمات في الثلث الأول من العام 2019 بما قيمته 55.4 مليون دينار، وبنسبة 5.8 % مقارنة بنفس الفترة من العام الماضي، وعندما تنخفض حصيلة ضريبة بيع العقار بواقع 7 ملايين دينار، وبنسبة 20.5 % مقارنة بنفس الفترة من العام الماضي، وتنخفض النفقات الرأسمالية بحوالي 24.6 مليون دينار، وبنسبة 10 % مقارنة بنفس الفترة من العام الماضي، وبالمقابل يرتفع الانفاق الجاري بواقع 54 مليون دينار، وبنسبة 2.1 % مقارنة بنفس الفترة من العام الماضي .فإن إدارة الاقتصاد وكأن "الأمور تمام" وبالطريقة التقليدية يجافي الواقع ويُعبّر عن حالة إنكار وتعمية غير مبررة وغير مفهومة. بالطبع هناك بعض المؤشرات الايجابية ولكنها لا تُذكر مقارنة بحجم التراجع والخسائر التي تتحقق أمام اعيننا. وبما أن عذر عدم توفر التمويل يوفر طريقة سهلة للهروب من المشاريع الكبرى وتجنبها، ربما يكون من المفيد التركيز على قطاع السياحة وإعادة هيكلته جذرياً لتقوية الناجح والفعّال منه ورفده بمنتجات جديدة جذّابة وفريدة في العالم ورفد التسويق السياحي بموارد إضافية وتسهيل الاستثمار به لأنه قطاع مولّد لفرص العمل وكل وظيفة به تؤثر إيجابياً بخمس وظائف أخرى.اضافة اعلان