رئيس "النقباء": التفاؤل الكبير بحكومة الرزاز تبخر

محمد الكيالي عمان - دعا رئيس مجلس النقباء، نقيب المهندسين الزراعيين، عبدالهادي الفلاحات الحكومة الى تعزيز حالة الثقة بينها وبين المواطنين، عبر “معالجات سياسية” أهمها إطلاع الناس على الحقائق وعدم إخفاء أية أمور تتعلق بمعيشتهم في ظل ظروف اقتصادية صعبة من أجل “نزع فتيل أزمة مركبة، جذرها سياسي”. وأكد الفلاحات أن حكومة الرئيس عمر الرزاز فتحت أبوابها للحوار مع النقابات، حول مختلف شؤون الحياة العامة، بعكس حكومة سابقه هاني الملقي، الذي “أصر على عدم الاستماع للغير”، لكنه أشار الى أن “التفاؤل الكبير بحكومة الرزاز سرعان ما تبخر”. وأكد الفلاحات في حوار خاص مع “الغد”، أن “للنقابات المهنية همومها العديدة، لكنها لم تقدم في يوم من الأيام مصالحها على هموم الشعب وكانت وما زالت منذ نشأتها، في خندق الوطن والشعب، وما كانت يوما إلا منحازة لهموم المواطن الأردني وقضايا الأمة”. وأشار بهذا الخصوص الى لقاء تم عقده مع رئيس الوزراء عمر الرزاز، أواخر الشهر الماضي، تم التوافق خلاله على “مناقشة القضايا العامة سواء ما يختص بالحريات العامة او حرية التعبير من خلال الاعتصام او الكلمة أو الموقف، وكذلك تبني مطالب الناس العامة سواء أكانت اقتصادية أم اجتماعية ام إدارية وكذلك في مسألة الإصلاح السياسي”. ولفت إلى أن مجلس النقباء، كان صريحا مع الحكومة في أن “هناك تراجعا واضحا في موضوع الحريات، وأن موقف النقابات هو الانحياز لحرية المواطن”، مشيرا الى أن الإصلاح وتنفيذ إرادة الناس في صناعة القرار ومستقبل الدولة، أصبح ضرورة ملحة لا تحتمل التأجيل. كما تطرق اللقاء مع رئيس الوزراء الى المعتقلين الإداريين وكل تفاصيل الشأن العام، بحسب الفلاحات الذي بين أن النقابات المهنية، وفي مختلف الظروف، لديها قضايا مهنية خاصة حيث تخلل اللقاء الأخير مع الحكومة طرح أهم مشاكلها ومطالبها . وأوضح أن هناك هيئات عامة للنقابات معنية بالتحدث عن همومها وحقوقها المطلبية والمعيشية، خاصة وأن المهنيين هم جزء من المجتمع الأردني، يتأثرون إيجابا عندما يكون الواقع المعيشي إيجابيا، ويتأثرون سلبا بأي قرار آخر. وأضاف الفلاحات، ان اللقاء برئيس الوزراء تخلله مناقشات حول ضريبة الدخل وضريبة المبيعات والأعباء الضريبية بشكل عام، لافتا إلى أن النقابات المهنية تحترم أي رأي يوجه لها، على اعتبار أنها أكبر مؤسسات المجتمع المدني. واكد أن الناس “تثق بالنقابات، وتأمل منها أكبر مما تقدم وهو حقهم، وهذه الثقة تتجلى بالنقد الموجه لها”. وفيما يخص الاعتصام بمنطقة الدوار الرابع أكد الفلاحات أنه “اعتصام يخص حرية التعبير، وحرية الاعتصام والرأي والموقف، ومن حق المعتصمين أن يشيروا إلى مواطن الخلل، وكلها مؤشرات إيجابية”. وأشار الى أنه كان للنقابات آراء واضحة وجلية في القضية الفلسطينية، كما كان لها مواقف مماثلة في مختلف القضايا العربية، وهي معنية بالتعامل مع عدة مفاهيم بطريقة مماثلة، ومن هذا المنطلق، ستبقى منحازة لمختلف قضايا وهموم الشعب الأردني والدولة ولن تتأثر بأي موقف خارجي. وأشار رئيس مجلس النقباء، إلى ان قرارات المجلس، يتم اتخاذها أحيانا بالأغلبية او بالتوافق، ولا شك أن أي قرار يتم اتخاذه يخضع للحوار والمناقشة والتمحيص، أما “تخليه عن الشعب ومصالحه فهو حديث عار عن الصحة”. وحول الفرق بين حكومة الرزاز وحكومة سلفه الملقي، وكيفية تعامل النقابات مع الحكومة الأخيرة بعد أن طالبت بالنزول إلى الشارع في أيار (مايو) العام الماضي وساهمت في تغيير الحكومة، أكد الفلاحات، أن النقابات المهنية “تؤمن بمنهج الحوار، وهو واحد من أساليب إصلاح أي خلل سواء كان اقتصاديا او سياسيا أو اجتماعيا”، مشيرا الى أن “المشكلة في الأردن تكون “عندما يغيب عنصر الحوار، فهو وسيلة الوصول إلى حلول وتفاهمات تخدم الجميع دون استثناء”. واعتبر أن تعاطي النقابات مع حكومة الملقي بذلك الشكل، كان “جراء رفض حكومته الاستجابة لمطالب النقابات المهنية حتى فتح باب الحوار”. وأضاف “كان من اهم مطالب النقابات حينها، نظام الخدمة المدنية، والمنحنى الطبيعي وحراك القطاع العام، وأن التعديلات التي جرت على النظام من تعليمات أو نصوص ظالمة وتؤثر على مستقبل واستقرار الموظف في وظيفته”، مشيرا الى أننا “طلبنا الحوار مع الحكومة حول هذا النظام، ولم يتم الاستجابة لمطالبنا”. وبين أن حكومة الملقي قدمت بعد ذلك مشروع قانون ضريبة الدخل، ودعت النقابات حينها الى لقاء معها لمناقشته، إلا أنه تم رفض اللقاء، وعندما أصرت الحكومة على رأيها بعدم محاورة الجميع، لجأت النقابات المهنية إلى الإضراب في 30 أيار (مايو) العام 2018، مشيرا الى أن حكومة الملقي خرجت بعد تنفيذ الإضراب للنقابات والمواطنين، لتؤكد عدم قدرتها على سحب مشروع قانون الضريبة، وكان طلب النقابات تعديل نظام الخدمة المدنية وسحب مشروع قانون ضريبة الدخل لإجراء حوارات عليهما. وأضاف إن حكومة الرزاز، فتحت الباب امام النقابات فيما يخص الحوار، وتمت مناقشتها بالعديد من الشؤون العامة: السياسية والاقتصادية، ولم تنقطع الحوارات والاتصالات مع أعضائها، وكذلك فيما يخص مطالب النقابات الخاصة. وقال الفلاحات، إنه عند تشكيل الحكومة الأخيرة، كان هناك حوار معها، واستمر قبل أن تقدم الحكومة مشروع قانون ضريبة الدخل وبعده، وهناك تواصل دائم مع الوزراء المعنيين، مبينا أن منهجية الحوار، أصبحت هي السائدة في حل القضايا المختلفة. وأوضح أنه كان للنقابات مطلب حول نظام الخدمة المدنية، تم تنفيذه، وهناك أيضا بعض القضايا مازال مجلس النقباء مصرا على إجراء حوارات حولها تمس النقابيين وغيرهم من أبناء المجتمع، لافتا الى ان التعديلات التي جرت على قانون ضريبة الدخل، لم تكن مرضية بالصورة الكافية، لكن يمكن القول أن حكومة الرزاز فتحت أبوابها للحوار على عكس حكومة سلفه. وتساءل الفلاحات “هل من شيء يمكن أن يثني النقابات المهنية عن اتخاذ موقف عندما تجد أن باب الحوار مغلق من قبل الحكومة؟”، مؤكدا أنها إذا شعرت بتهديد للناس، فإن النقابات لا يمكن إلا أن تكون في خندق المواطن ومصلحته. وأشار إلى ان “رئيس الوزراء الحالي، يتمتع بدبلوماسية رفيعة أكثر من سلفه، وتمكن من امتصاص غضب النقابات المهنية، التي لطالما طالبت بالأخذ برأيها لأنها تعرف مطالب الشعب جيدا ويمكن ان تقدم حلولا مرضية”. وبين أن “إشكالية حكومة الرزاز، جاءت على وقع احتجاجات شعبية، كما كان منسوب تفاؤل الناس بالحكومة مرتفعا جدا، لأنهم كانوا يأملون بتغيير النهج الذي سارت عليه الحكومات مع تغيير واسع في الفريق الوزاري”. لكن “هذا التفاؤل تبخر سريعا”، وفق الفلاحات، الذي أكد أن التعاطي مع الملف الاقتصادي، وهو الأهم على الساحة الوطنية، لم يتغير، وكانت المعالجات ذاتها التي اعتمدتها الحكومات السابقة، إضافة إلى ان منسوب الحريات العامة تراجع خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة على الأقل، وبالتالي أثر ذلك على حضور حكومة الرزاز. وأضاف “إلا ان الحكومة الأخيرة، لديها جوانب إيجابية كثيرة، بعد تعاملها مع الملفات الخارجية بتوازن، منها الملف الفلسطيني والسوري والعراقي، إضافة إلى اعتمادها نهج الحوار وفتح الأبواب أمام المواطنين”. وأشار إلى أن تمكن الحكومة من جلب عوني مطيع، رفع أيضا من منسوب الرضا العام عنها، مشددا على ضرورة ان تستمر الحكومة في ملاحقة الفاسدين وإحضارهم، وإعادة المال الأردني المنهوب بكل جدية. وحول قانون العفو العام، لفت الفلاحات، الى أن من المهم أن “يشمل القانون معتقلي الرأي، والكثير من القضايا التي فيها إطالة لسان والحريات العامة، وهذه القضايا هي ذات أهمية بالنسبة للنقابات المهنية”، مشيرا الى أن مجلس النقباء، سيفتح باب الحوار مع مجلس النواب، فيما يتعلق بالقانون، حيث “من الضروري أن يكون العفو مقبولا ومرضيا”. وطالب الفلاحات، الحكومة، من أجل نزع فتيل أزمة مركبة، جذرها سياسي، “التوجه لتعزيز حالة الثقة بينها وبين المواطنين، عبر معالجات سياسية أهمها إطلاع الناس على الحقائق وعدم إخفاء أية أمور تتعلق بمعيشتهم في ظل ظروف اقتصادية صعبة”. وأكد اهمية التوافق على قانون انتخاب، من قبل القوى السياسية والنقابية والحزبية والمجتمعية، بحيث يكون قانونا يمثل إرادة المواطنين ويليق بالعام 2019، يشترك به الجميع في الانتخابات ضمن إجراءات دقيقة ينتج مجلس نواب نزيها وشفافا وقويا وقادرا على ان يقوم بدوره التشريعي والرقابي ويحاكي هموم الناس. وفيما يخص اضراب منتسبي نقابة المهندسين الزراعيين العاملين بوزارة التربية والتعليم، والذي بدأوه منذ أوائل الشهر الماضي، قال الفلاحات “إنهم اضطروا إلى استخدام لغة التصعيد والاعتصام ثم الإضراب والتوقف عن العمل بمشاركة زملائهم المهندسين نتيجة تسويف الحكومة وتجاهلها لمطالبهم لزمن طويل”. وأضاف، إن ما يطالب به المهندسون الزراعيون وزملاؤهم هو إنصافهم ومساواتهم بزملائهم العاملين في الوزارات والمؤسسات الاخرى في الدولة في الحقوق الوظيفية التي يجب ان يكون أبناء المهنة الواحدة متساوين فيها. وأشار الى أن جميع مطالب الزملاء العاملين في وزارة التربية والتعليم تمت مناقشتها بشكل تفصيلي في لقاء سابق مع رئيس الوزراء عمر الرزاز الذي “تفهم عدالة مطالبهم ووعد بتلبية مطالب المضربين”، وتم توفير كامل المعلومات لوزير التربية والتعليم المكلف وزير العدل بسام التلهوني لمقارنتها بكل دوائر القطاع العام، لافتا الى أن النقابة “ما تزال بانتظار الاجتماع بوزير التربية والتعليم لنزع فتيل الأزمة”. وأكد الفلاحات استمرار اضراب المهندسين والمهندسين الزراعيين في وزارة التربية الى حين استجابة الحكومة لتلبية مطالبهم، مشددا على التزام نقابتي المهندسين الزراعيين والمهندسين بالدفاع عن منتسبيهما المشاركين في الاجراءات التصعيدية ضد أية عقوبات أو مخالفات أو تضييق قد يواجهونه في الوزارة. وقال، إن “مطالب منتسبي النقابتين في الوزارة عادل، ولن يتم التنازل عنها بأي شكل من الأشكال”، مشددا على ان المضربين يتحلون بطول النفس كما هي مجالس نقاباتهم، وأن الاعتصامات والاحتجاجات هي سبل تعودت عليها النقابات المهنية لتحصيل حقوقها. وحول مصير الطلبة الذين يتلقون تعليما من قبل المهندسين الزراعيين والمهندسين، قال الفلاحات ان “المهندس الزراعي ليس معلما فقط، وإنما منتج ومحاسب ومأمور مستودع وأحيانا يضطر للذهاب ليلا وفي العطلة للمشاريع الزراعية والهندسية لمتابعة اعماله في مديريته، وهذه امور يجب أن تنظر إليها الوزارة والحكومة”، مشددا على ان مطالبهم حق، ولا يجب على الحكومة ان تدير ظهرها لهم، حيث أن نظراءهم في الوزارات والمؤسسات الأخرى يحصلون على جميع حقوقهم. وفي ما يخص الملف السوري، وعودة الحياة التجارية والسياسية مع سورية، أكد الفلاحات أن “الأردن معني باستقرار سورية لأنها عمق استراتيجي للمملكة، مثلما هي مهمة استراتيجيا لسورية، وأيضا للعراق”، مؤكدا أن المصلحة الوطنية الأردنية تقتضي فتح العلاقات مع الدولة السورية بشكل إيجابي، “وعلى الأردن تجاوز عقدة التحالفات في المنطقة”. وحول عدم مشاركة نقابة المهندسين الزراعيين، بأي رحلة عمل إلى سورية، أسوة بنقابات أخرى، أكد الفلاحات أن مجلس النقابة ارتأى عدم الذهاب إلى سورية حاليا، لأن الظروف لازالت غير مهيأة لذلك، مشددا على أهمية إدامة العلاقة والتواصل مع الأشقاء السوريين على مستوى مجتمعي ونقابي ورسمي. وحول “صفقة القرن”، لفت الفلاحات إلى أن هذه “الصفقة كانت تشكل خطرا على الأردن في العام 2018 أكثر من العام 2019، وأن الضغط على الأردن في هذه القضية بدأ بالتراجع لظروف إقليمية عدة، أهمها الموقف الرسمي الصلب من ملف القدس الذي قاده جلالة الملك في المحافل الدولية”. وفيما يتعلق بالقطاع الزراعي، أكد الفلاحات أن التعاطي معه يجب أن يستند إلى دور الدولة في موضوع الرعاية، لافتا إلى أن هناك معوقات كثيرة تواجه هذا القطاع والعاملين فيه، أهمها الضرائب والطاقة التي ترفع كلف الانتاج وتحد من قدرة الأردن على المنافسة في الأسواق الخارجية. وبين أن هناك تحديات إقليمية، منها إغلاق الحدود، حيث كانت سورية تستورد من الأردن نحو 35 % من إنتاج المملكة الزراعي، والآن تكاد الأسواق تكون مغلقة إلى حد كبير في وجه الصادرات الأردنية، داعيا الدولة إلى ممارسة دور الراعي للقطاع وليس الجابي، والبحث عن أسواق ومنافذ للتصدير. وأشار إلى ان المزارعين، كانوا يتحملون خسائر كبيرة في القطاع، حيث ترتبت عليهم عشرات الملايين من الديون لصالح البنوك، وأصبح العديد منهم مطلوبون للتنفيذ القضائي، إلا أنهم صمدوا في وجه التحديات والمصاعب وتمكنوا بعد ارتفاع عدد سكان الأردن لنحو 11 مليون، من توفير الغذاء لهم بأسعار معقولة.اضافة اعلان