رغم مخاطر صحية وقانونية.. من يوفر السجائر لـ50 ألف حدث بإربد؟

التدخين
التدخين

إربد- تقدر جمعية حماية الأسرة والطفولة في إربد أعداد الأطفال المدخنين الذين تقل أعمارهم عن 18 عاما بـ 50 ألف طفل، منهم طلبة مدارس، وآخرون عاملون تركوا مقاعد الدراسة وانضموا إلى سوق العمل.  

اضافة اعلان


وتستند تقديرات الجمعية على نسب أظهرتها دراسات سابقة حول عدد المدخنين الأطفال، ومن واقع الخبرة العملية والميدانية للجمعية والتي لمست إدمانا متزايدا على التدخين بين فئات عمرية صغيرة في اربد.   


يقول رئيس الجمعية كاظم الكفيري، إن غالبية الأطفال يمارسون التدخين بصورة رسمية من خلال شرائهم علبة سجائر، بينما آخرون يمارسون التدخين بشكل متقطع ويحصلون عليه من زملائهم في العمل أو المدرسة، وهم عرضة لأن يتحولوا بعد فترة إلى مدخنين رسميين، قائلا "التدخين يبدأ بسيجارة ويتحول إلى إدمان".


وأشار إلى أن بيع السيجارة بـ "الفرط" في الدكاكين والسوبر ماركت شجع الأطفال على التدخين لسهولة شرائه وبأثمان رخيصة لا يتجاوز سعر السيجارة الواحدة 10 قروش.


كما لفت الكفيري إلى أطفال بتجميع ثمن علبة السجائر وتقاسمها بينهم، وهو ما يدعو إلى ضرورة تكثيف الرقابة على محال بيع السجائر خصوصا وأن القانون يمنع بيعها للأحداث ما دون الـ 18 عاما.


وكشف أن الأمر لا يتوقف عند حد تدخين السجائر، إذ أن 20 % من الأطفال المدخنين يمارسون تدخين الأرجيلة، إما في منازلهم أمام مرأى ذويهم، أو في المقاهي وسط غياب الرقابة رغم وجود قانون يمنع دخول الأحداث لتلك المقاهي، وهذه قضية أخرى تحتاج إلى الوقوف عندها مطولا. 


كما كشف الكفيري عن حالات اطلعت عليها الجمعية أظهرت أن بعض أولياء أمور على علم بممارسة أبنائهم الصغار للتدخين، ويحرصون على إعطائهم ثمن السجائر حتى لا يتعرضون للابتزاز من قبل آخرين، بينما أغلب المدخنين الأطفال يمارسون التدخين خلسة.


وأشار الكفيري إلى وجود أحداث يمارسون التدخين خلسة داخل بعض المدارس، وآخرون خارج أسوارها، الأمر الذي يتطلب من ادارة تلك المدارس تشديد الرقابة واتخاذ أشد الإجراءات الإدارية بحقهم للوصول إلى مدارس خالية من التدخين لما يسببه التدخين من مشاكل صحية في هذه المرحلة العمرية.


ويرى أن انتشار ظاهرة بيع الدخان في الشوارع وعلى البسطات فاقم من مشكلة تدخين الاحداث، إضافة إلى أن هناك العديد من المحال القريبة من المدارس تقوم ببيع السجائر بـ "الفرط" أو بـ "الباكيت"، وسط غياب تام للرقابة على تلك المحال، مؤكدا أن قانون الصحة العامة منع بيع تلك الفئات وشرط على كل منشأة تثبيت ملصق على الواجهة بمنع بيع السجائر للأعمار التي تقل عن 18 عاما.


وقال إن مجلس بلدي أطفال إربد التابع للجمعية وقع وثيقة "لا للتدخين"، وذلك لاطلاق خطة توعوية بمضار التدخين ودعم المجتمع في مواجهة هذه آفة.


وأكد أن أعضاء المجلس وضعوا خطة توعوية عن مضار التدخين وخاصة في المدارس استجابة لرؤية جلالة الملك عبدالله الثاني في إعداد استراتيجية متكاملة لمكافحة التدخين.


وأشار إلى أن التدخين هو أحد الأسباب المؤدية للوفاة حيث يموت 6 ملايين شخص سنويا ويلعب الحد من التدخين دورا رئيسا في الجهود العالمية المبذولة لتحقيق هدف التنمية المتمثل في الحد من الوفيات المبكرة الناجمة عن الأمراض غير المعدية بنسبة الثلث بحلول عام 2030 ، مؤكدا على دور مجلس بلدي أطفال اربد في الجمعية بتنفيذ خطة متكاملة عن مكافحة التدخين في المدارس وابراز دور المدرسة كنموذج تعليمي صحي متكامل.


"الغد" التقت ببعض الاطفال المدخنين، بدت قصصهم مختلفة، لكن نتائجها واحدة، ادمان مبكر على التدخين وصعوبة الإقلاع عنه. 


أحمد اسم مستعار لأحد الطلبة في الصف الثامن، يروي لـ "الغد" كيف تعلق بالتدخين عن طريق أحد زملائه في المدرسة، قائلا "زميلي كان يحمل علبة دخان وكنت أدخن معه بعد خروجنا من المدرسة، وبعد قرابة شهر أصبحت أشتري السجائر من أحد المحلات القريبة من المدرسة، حيث تباع السيجارة بـ 10 قرش من مصروفي المدرسي".


وتابع: "معدل استهلاكي 5 سجائر يوميا، أقوم بتجميع كل ما أحصل عليه من مال من أجل شرائها، وأحيانا كثيرة ألجأ إلى أخذ سجائر من علبة سجائر والدي دون معرفته".  


وأضاف، "حاولت أكثر من مرة تركه بعد مضي 6 أشهر على إشعال أول سيجارة، إلا أني لم أنجح، أعتقد أني أصبحت مدمنا في سن مبكر".


طالب آخر في الصف العاشر، فضل عدم نشر اسمه، قال لـ "الغد" "والدتي وبعد أن علمت عن إدماني للتدخين بدأت بإعطائي ثمن السجائر حرصا منها على عدم استغلالي من مدخنين آخرين"، مشيرا إلى أنه يمارس التدخين منذ أن كان في سن 13 عاما مع زملائه في المدرسة، فيما قال طفل آخر وعمره 14 عاما، "بدأت التدخين بعد التحاقي بسوق العمل من خلال أرباب العمل الذين كانوا يعطونني السجائر بشكل مجاني ثم تعلقت مع الوقت بالتدخين واشتري الآن علبة سجائر يوميا". 


وخلصت دراسة أخيرة للجمعية الوطنية الأردنية لمكافحة التدخين؛ إلى أن التدخين في المدارس أصبح ظاهرة تدق ناقوس الخطر.


وكشفت نتائج الدراسة التي أجريت على (20) مدرسة حكومية وخاصة وشملت (3000) طالب وطالبة؛ 


أن 21,5 %، من الإناث والذكور من الفئة العمرية المستهدفة (18-13 سنة) مدخنون.
وأكدت الدراسة أن ظاهرة التدخين في المدارس تستدعي تضافر الجهود للوقوف دون تفشي هذه الظاهرة والقضاء عليها، كما تنذر بآفة صحية وعادات سلبية تلوح في أفق المجتمع مستقبلا.


وكان وزير الصحة الدكتور فراس الهواري أكد سابقا في تصريحات صحفية، أنه وفقا لآخر إحصائية عام 2014 فإن ربع الأطفال في المدارس بالأردن من المدخنين، مؤكدا أن قانون الصحة العامة فيه من البنود والعقوبات ما يكفي لإتاحة السيطرة على "الوباء الجديد المنتشر".


وتشير دراسة مسحية أجرتها جمعية "لا للتدخين" بالتعاون مع مكتب مكافحة السرطان العام الحالي بعنوان "حماية أطفال المدارس من تكتيكات الترويج لمنتجات التبغ" كشفت مدى انتشار نقاط البيع في محيط 150 مترا من المدارس.
وبحسب الدراسة فإن 70 % من المحلات حول 94 مدرسة تبيع منتجات التبغ، و 20 % منها يبيع منتجات التبغ بـ "الفرط"، وحوالي 80 % من هذه المحلات لم تضع لافتة تحظر بيع منتجات التبغ للقاصرين.


وفي ذات الشأن، يقول رئيس قسم علم الاجتماعي في جامعة اليرموك الدكتور عبدالله قازان لـ "الغد"، إن التفكك الأسري ورفقاء السوء يلعبان دورا أساسيا في ارتفاع معدلات التدخين بين الأطفال، فكلما كانت الأسرة متماسكة ولا يوجد لديها مشاكل ساعد ذلك على عدم إقبال أطفالها على التدخين في سن مبكرة.


وأشار إلى أن المخالطة سواء في المدارس أو سوق العمل السبب الرئيس في ممارسة التدخين للأطفال، إضافة إلى أن إعطاء الأطفال أموالا بشكل زائد، يؤدي إلى استغلالها بشراء السجائر، الأمر الذي يتطلب من الأسرة التوازن في إعطاء الأموال للأبناء دون زيادة أو نقصان، كما أن غياب الرقابة على الأطفال وخصوصا إذا كان الابوان مشغولين بالعمل، يساعد بانحراف سلوك الأطفال.


وأكد قازان أنه ورغم وجود تشريعات تحمي اللأطفال من ممارسة التدخين، إلا أن ضف الرقابة أو ضعف تطبيقها، يؤديان إلى زيادة الظاهرة، حيث أن معظم المحال تبيع السجائر لأشخاص دون الـ 18 عاما، الأمر الذي يتطلب من الجهات المعنية تشديد الرقابة عليها.


وأوضح أنه وبمجرد ممارسة الاطفال للتدخين، فإنه يصعب مستقبلا الاقلاع عنه، خاصة إذا كان الطفل محاطا ببيئة من المدخنين بالمنزل والمدرسة والأماكن العامة.


وقال مرشد تربوي في إحدى المدارس محمد سلامة إن عقوبة الطالب المدخن داخل المدرسة تبدأ من توجيه إنذار وتتدرج إلى الفصل من المدرسة، مؤكدا أن تقليد الطالب لمحيطه هو السبب الأول في أن يصبح مدخنا، مؤكدا أن العقوبة تطبق فقط داخل المدرسة على من يدخن فعليا، بينما لا يعاقب حامل علبة الدخان أو الولاعة أو من يدخن خارج أسوار المدرسة.


وقال المحامي الدكتور يوسف فؤاد الخصاونة إن القانون الأردني ينص على الحبس مدة لا  تتجاوز 6 أشهر أو غرامة لا تزيد على 500  دينار أو بكلتا العقوبتين لكل من يبيع الحدث تبغا أو كلّفه بشرائه وقَّدم له الأرجيلة وغرامة 20 دينارًا على الحدث، وتضاعف في حالة تكرار المخالفة وإغلاق المحل أو المقهى أو المطعم لمدة من 1 - 3 أشهر في حال تكرار المخالفة، وتضاعف العقوبة في حال تكرار المخالفة.


وشدد الخصاونة الذي يشغل أيضا عضو في مجلس التطوير التربوي لمدارس بني عبيد ورئيس شبكة مدارس ايدون على ضرورة وجود حملات توعوية لطلبة المدارس وأولياء الأمور حول مضار التدخين، وأن يكون هناك عقوبات رادعة أيضا في المدارس في حال تم ضبط أي طالب يقوم بالتدخين في المدارس وخصوصا وأن المدخن يقوم بتعليم الآخرين من زملائه.


من جانبه، أقر مصدر بالمحافظة بوجود محال تبيع السجائر للأطفال في إربد، مشيرا إلى أن عملية الرقابة المستمرة على آلاف المحال أمر غير ممكن، وهو ما يتطلب التعاون المجتمعي المشترك من أجل مكافحة هذه الظاهرة.


ولفت إلى جولات تفتيشية تنفذها جهات رقابية على محال بيع السجائر، للتأكد من التزامها بالقانون.    

 

اقرأ أيضا:

  لماذا يحتل الأردن المرتبة الأولى بالتدخين؟