تحويل "جرش الصناعية" المتعثر الى "سياحية".. إنقاذ أم إخفاق؟

منطقة مشروع المدينة الصناعية بمحافظة جرش-(الغد)
منطقة مشروع المدينة الصناعية بمحافظة جرش-(الغد)

صابرين الطعيمات – اعتبرت فاعليات جرشية قرار تحويل صفة استخدام مشروع "المدينة الصناعية" بالمحافظة لتصبح "مدينة سياحية" بمثابة "صفعة" تلقاها الجرشيون الذين علقوا آمالهم على مشروع استثماري ذي أبعاد تنموية يوفر الآلاف من فرص العمل.

ووصفت الفاعليات القرار بـ "غير المبرر"، حتى مع الأخذ بعين الاعتبار تعثر المشروع منذ سنوات نتيجة معيقات وقفت أمام استكماله وإخراجه الى النور. وكان مجلس الوزراء وفي جلسة له عقدها الأسبوع الماضي قد قرر تحويل صفة استخدام مشروع المدينة الصناعية بجرش من صناعية الى سياحية تراثية صديقة للبيئة. ومع هذا القرار تبددت آمال الجرشيين بوجود مدينة صناعية في محافظتهم أسوة بباقي محافظات المملكة تحقق نهضة اقتصادية شاملة وتوفر ما يزيد على 5 آلاف فرصة عمل. وأعقب قرار الحكومة تساؤل جرشيين حول مدى جدوى المشروع الجديد وفق المعطيات المتوفرة، كون المدينة الصناعية المتعثرة تقع في منطقة غير سياحية وبعيدة عن المدينة الأثرية وغير مأهولة بالغابات وإنما هي إحدى المناطق شبه الزراعية وقريبة من محافظة الزرقاء وضمن حدود آخر المناطق التابعة إداريا وتنظيما لبلدية جرش الكبرى، وفق رأيهم. قرار الحكومة يأتي في سياق تصريحات سابقة لمدير عام المدن الصناعية عمر جويعد والتي أكد فيها أن "مشروع المدينة الصناعية المتعثر في جرش هو الوحيد الذي لم ير النور بين خمس مدن صناعية نفذتها مؤسسة المدن الصناعية في الأردن بكلفة إجمالية بلغت 57 مليون دينار، خصص لجرش الصناعية منها 13 مليونا، ولم تكن كافية لتلتحق بموكب المدن الصناعية العاملة في الأردن". وقال جويعد إنه "لم تجر على المشروع منذ إنطلاقه الدراسات الكافية، وإن أولى مراحله كانت كفيلة بإصدار قرار وقفه وعدم طرح عطائه تجنبا لمزيد من الخسائر والاستنزاف لمخصصات المدينة، حيث بلغت كلفة استملاك 208 دونمات أكثر من 4.5 مليون دينار في الوقت الذي خصص لهذه الغاية مليون دينار فقط، الى جانب عدم القدرة على الاستثمار إلا بمساحة 154 دونما فقط". وأشار الى "ارتفاع الكلفة من 18.8 مليون دينار بعد إضافة محطة تنقية وتزويد الموقع بالكهرباء والماء الى 30 مليونا بعد أن يضاف لها كلفة استملاك وتوسعة شوارع بقيمة 8 الى 10 ملايين دينار وبواقع 195 دينارا لكل متر مربع وبالتالي فهو مشروع تنموي ولد مشوها منذ بدايته". وقال "إذا ما تم مقارنة الكلفة للمتر المربع في جرش والبالغ 195 دينارا فقد تراوحت في الأربع مدن الأخرى بين 25 - 59 دينارا بباقي المحافظات، الأمر الذي يعد إحدى نقاط الضعف وأصعب التحديات التي ستحول دون تقبل المستثمرين المغامرة برؤوس أموالهم بمثل هكذا استثمار". تصريحات الجويعد التي كان قد أدلى بها خلال اجتماع سابق له مع مسؤولين في جرش لتوضيح أسباب تعثر مشروع مدينتهم الصناعية ونشرت "الغد" تفاصيله، قابلها عدة اقتراحات آنذاك من أجل إنقاذ المشروع وتحريك عجلته المتوقفة. وكان محافظ جرش فراس فاعور قد قدم اقتراحا حينها تضمن تكليف بلدية جرش الكبرى بالمشروع مقابل دفع مبلغ تسعة ملايين دينار لصالح مؤسسة المدن الصناعية على أن تتكفل البلدية بتنفيذ متطلبات التشغيل البالغ قيمتها ستة ملايين دينار أخرى، سواء بالبحث عن شركاء ممولين أو مستثمرين، الأمر الذي رفضته البلدية، مشترطة أن تستلم المشروع بواقع صفر مديونية وأن يبقى مشروعا تنمويا يخص المحافظة. وقدمت البلدية حلولا تسهم بتخفيض كلفة تشغيل المدينة الصناعية، تمثلت بإمكانية ترسيم طريق وفتحه بشكل يسمح بوصول خط تصريف مياه الأمطار للوادي. فيما وافقت على مقترح تكفل مجلس المحافظة بتوسعة الشارع الرئيس الواصل بين جسر النبي هود وصولا لمدخل المدينة الصناعية وبكلفة تصل لمليوني دينار. وعملت بلدية جرش الكبرى على إعداد دراسات مكثفة لحل مشكلة المدينة الصناعية التي تعثرت منذ سنوات بهدف تحريك المشروع وتنفيذه على أرض الواقع. وجاء في الدراسة أن الأراضي التي تم استملاكها هي عبارة عن منطقة سياحية وأثرية وفيها عيون وينابيع مياه ومنطقة زراعية ومن الأفضل أن يقام فيها مشاريع سياحية ومزارع بيئية وشاليهات ومتنزهات طبيعية. وترى البلدية أن "المدينة الصناعية يجب أن تكون في موقع المدينة الحرفية التي تعمل حاليا وفق الدراسة التي أعدتها، وهو موقع بديل مناسب ومخدوم ولا يحتاج إلى تكاليف مالية باهظة كالموقع الحالي، خاصة وأن المنطقة التي يتم فيها العمل حاليا كموقع للمدينة الصناعية وقريبة من بلدة الكفير ذات قيمة سياحية وقد تكون ذات جدوى في الاستثمار السياحي أكثر من الاستثمار الصناعي". على أن جرشيين يرفضون هذه الاقتراحات، مؤكدين أنهم سيحاولون بكل الطرق المتاحة لإخراج مشروع مدينتهم الصناعية لحيز الوجود. وأكد أبناء بلدة الكفير أن قرار تحويل المدينة إلى مدينة سياحية تراثية ظلم لأهالي المحافظة وأهالي الكفير خاصة، وهي أقرب التجمعات السكانية على المشروع وكانوا يأملون أن تنهض المدينة الصناعية ببلدتهم وتوفر فرص عمل وتسهم بتطوير المنطقة اقتصاديا واجتماعيا. وأشار رئيس مجلس محلي الكفير فراس الدلابيح، أن أهالي البلدة سيصعدون من إجراءاتهم لثني الجهات المعنية عن قرار تغيير صفة المدينة الصناعية، قائلا "كان من الأولى على الجهات الحكومية أن تقوم بدعم المشروع ومعالجة نقاط الخلل، لا سيما وأن المواطن غير مسؤول عن العثرات التي يعانيها المشروع". بدورها قالت النائب السابق عن محافظة جرش هدى عتوم إن "القرار الحكومي بتحويل مشروع المدينة الصناعية إلى منطقة تراثية هو قرار يرفضه غالبية الجرشيون الذين يعتبرون مشروع مدينتهم الصناعية من أهم المشاريع التي ستنقظ المحافظة من الفقر والبطالة وتنهض بها اقتصاديا واجتماعيا". وأكدت أن إلغاء هذا المشروع يعني حرمان جرش من آلاف الوظائف وفرص العمل وتفويت فرصة مهمة للتنمية والتشغيل في المحافظة التي تعاني من نسب مرتفعة من البطالة بين الشباب. وترى أن "تحويل المدينة الصناعية إلى منطقة تراثية في موقع بعيد عن المدينة الأثرية التي يرتادها السياح لن يشكل إضافة اقتصادية أو أي تحسين للواقع السياحي في المحافظة، ولن يقدم إضافة نوعية، وهو مشروع لا يتناسب وحجم الانفاق الذي أنفق لغاية الآن للخروج بموقع تنزه و سياحة". بدوره، قال رئيس لجنة السياحة والآثار والاستثمار في مجلس محافظة جرش الدكتور يوسف زريقات إن "محافظة جرش تحتاج إلى مدينة صناعية كونها تضم العديد من المشاريع السياحية التي تغطي حاجة المحافظة وموقع المشروع والبنية التحتية فيه تتناسب مع كونه مدينة صناعية، خاصة وأن الموقع قريب من مختلف المحافظات وفيه خدمات كافية وقريب من الطريق الدولي الذي يربط جرش بالعاصمة وبمحافظات الشمال". وأوضح أن مجلس المحافظة قدم جميع المساعدات المادية والمعنوية للمشروع من خلال تخصيص مبلغ قدره 2 مليون دينار لتجيهز الطرق الرئيسة المؤدية للمشروع حتى تكون جاهزة للشحن والتصدير وتتحمل مرور شاحنات ثقيلة وخصص مبلغ 40 الف دينار كذلك لعمل دراسات كافة من قبل مختصين لدراسة كيفية الحفاظ على صفة المشروع الصناعية وإيجاد حلول مناسبة لتشغيل المشروع صناعيا وليس سياحيا.

اقرأ المزيد : 

اضافة اعلان