جرش: تداعيات الجائحة تضرب المدارس الخاصة.. و"الحكومية" مرهقة بـ"المهاجرين"

طلبة في المرحلة الأساسية في إحدى المدارس الخاصة بجرش - (الغد)
طلبة في المرحلة الأساسية في إحدى المدارس الخاصة بجرش - (الغد)

صابرين الطعيمات

جرش – غادر أكثر من 4 آلاف طالب وطالبة في محافظة جرش، مقاعد مدارسهم الخاصة متجهين إلى الدراسة في مدارس حكومية، في ظل تبعات جائحة كورونا التي أرهقت الاوضاع الاقتصادية المعيشية لغالبية الاسر، لتلقي بتبعاتها على طرفي المعادلة التعليمية في المدارس الحكومية والخاصة.

اضافة اعلان


وفي هذا السياق، فإن تبعات خروج هذه الأعداد من نطاق المدارس الخاصة، أدى الى إرهاق هذا القطاع في المحافظة، وأغلق رياض أطفال ومدارس خاصة، وخفض القدرة التشغيلية لمدارس ورياض أخرى، وتسبب تسريح معلمين وعاملين في أكثر من مدرسة.

وتضاف الى هذه المعضلة، ضعف البنية العامة للمدارس الحكومية في جرش، وتدني قدرتها على استيعاب هذه الاعداد المهاجرة من الخاصة، فغالبيتها مزدحمة، ومستأجرة، وتفتقر للكثير من المرافق المدرسية كالمختبرات والملاعب والحمامات.


لكن هذه الهجرة من مدارس خاصة الى حكومية، سببها عدم قدرة أسرهم تغطية مصاريفهم الدراسية في الخاصة خلال الفترة الحالية التي قلصت من مداخيل ارباب الاسر، نتيجة الإغلاقات والحظر والاقتطاعات المرهقة على رواتب الموظفين منهم في القطاع الخاص، الى جانب توقف بعضهم عن عمله، خاصة من يعملون في قطاعات غير منظمة.

ويرى بعض الآباء والأمهات، أن تبعات الجائحة كانت قاسية على غالبية الاسر، وأثرت على نمط حياتهم وأساليب عيشهم، بحيث تدنت قدراتهم على تغطية ما يترتب عليهم من مصاريف معيشية.


ولفتوا الى أن التعليم، كانت حصته كبيرة من هذه الأزمة، فإلى جانب عدم يقينهم من فاعلية التعليم عن بعد الذي اتجه اليه التعليم في المدارس والجامعات خلال فترات الحظر، فإنهم أيضا يعانون من صعوبات كبيرة في تلبية طلبات أبنائهم، بعد عودة التعليم الوجاهي، سواء كانوا في مدارس خاصة أو حكومية.


ولفتوا الى ارتفاع أقساط ورسوم المدارس الخاصة ومتطلبات التعليم فيها، في وقت لم تنظر هذه المدارس الى الاحوال الاقتصادية للمواطنين في الجائحة، وبالذات بعد تحول التعليم الى عن بعد، اذ إنهم دفعوا الرسوم نفسها له، كما لو انهم في التعليم الوجاهي لهذه المدارس، معتبرين ذلك نوعا من الاستغلال.

ويتخوف أولياء أمور من ألا يطبق التعليم الوجاهي للعام الدراسي الحالي، كما وعدت الحكومة، بخاصة وانهم تعرضوا لخيبات أمل متتالية خلال الجائحة بشأن شكل التعليم، وسجلوا أبناءهم في مدارس خاصة، وبعد دفع ما يترتب عليهم وشراء الزي والكتب المدرسية، كان يتحول التعليم الى عن بعد مباشرة، ما ارهقهم وعرضهم لأزمات مالية.


ولجأ أولياء الأمور خلال السنة الدراسة الحالية، إلى نقل أبنائهم من المدارس الخاصة إلى الحكومية، في بادرة تمكنهم من تخفيض أكلاف تعليمهم الخاص في ظل الظروف الراهنة، ولحجز مقاعد لهم في مدارس حكومية، تحسبا لتحول التعليم الى عن بعد، والعودة الى التعلم عبر المنصات في المدارس الخاصة التي لا تفترق عن منصات المدارس الحكومية، سوى ان التعليم الحكومي غير مكلف ماديا.


مدير تربية جرش الدكتور فيصل الهواري، قال إن وزارة التربية والتعليم، تستوعب أعداد الطلبة المنقولين من القطاع الخاص إلى الحكومي، وعددهم تجاوز الـ4 آلاف طالب وطالبة لهذه السنة الدراسية.

وأكد الهواري أن عدد الطلبة المنقولين عادي، فجميع المدارس الحكومية تستوعب هذه الأعداد وأكثر، وقد أدرجت البرامج الدراسية أعداد الطلبة الجدد على نظام التناوب، حرصا منها على تطبيق البروتوكول الطبي المعمول به، للحفاظ على سلامة الطلبة والمعلمين من فيروس كورونا.


وأوضح الهواري، أن تربية جرش زودت المدارس بعدد مناسب من المقاعد الدراسية تتميز بمواصفات مناسبة، وينتج في المدارس المهنية بالمحافظة، ولا يوجد أي نقص في المقاعد أو الغرف الصفية، وقد وزعت الكتب الدراسية على نحو منظم ومناسب.

في المقابل، قال الدكتور موفق العضيبات، وهو صاحب مدرسة خاصة في جرش، إن أعداد الطلبة الذين هاجروا من مدارس التعليم الخاص إلى الحكومي لهذا العام، كبير جدا، بخاصة وأن أكثر من 12 روضة أغلقت أبوابها، الى جانب عشرات المدارس التي أغلقت أيضا على نحو كامل، بينما بقيت بعض المدارس تعمل ولكن بقدرة تشغيلية ضعيفة، وهي مهددة بالإغلاق بين الحين والآخر، بسبب ما تراكم عليها من التزامات مالية.


وأضاف العضيبات، أن مدارس خاصة خفضت عدد شعبها الدراسية، واستغنت عن عدد كبير من موظفيها، بهدف استدامة عملها، مؤكدا ان الجائحة سببت ضربة قاسية لأصحاب المدارس الخاصة في المحافظة، لاسيما وان التعليم الوجاهي، توقف وامتنع أولياء الأمور عن تسديد الأقساط المدرسية المتراكمة عليهم، بينما يطالب معلمون وعاملون في الخاصة، برواتبهم الشهرية، فضلا عن أجور المباني والفواتير والالتزامات المالية الأخرى التي تترتب عليهم شهريا.

وقال إن المرحلة المقبلة، ستكون أصعب على أصحاب المدارس الخاصة، وهي مرحلة التعافي من آثار الجائحة، بخاصة وأن اعداد الطلبة قد تراجعت، فكثير منهم انتقل إلى المدارس الحكومية، تحسبا لأي طارئ في حال تحولت الدراسة الى عن بعد.


ويعتقد العضيبات، بأن مرحلة التعافي تحتاج إلى تكاثف جهود العالمين في مختلف القطاعات للحفاظ على ديمومة العاملين في مشاريع خاصة وغيرها من الاستثمارات الأخرى، وابرزها المدارس والحفاظ على مصادر دخل مئات من الأسر التي تعتاش عليها.
وبشأن المدارس الحكومية في جرش، فقال العضيبات انها تعاني من ضعف بنيتها ومرافقها، ومعظمها غير مناسب للتعليم، الى جانب أن جزءا كبيرا منها ما يزال مستأجرا، وغير مؤهل لاستقبال اعداد اضافية، لانها اساسا مكتظة.

الناشطة نجوى الكايد، قالت إن الضغط على التعليم الحكومي من شأنه أن يزيد الضغط على المرافق التعليمية والتدريسية، ويقلل من كفاءة التعليم الحكومي في ظل ظروف الجائحة، ما يتطلب اتخاذ إجراءات صحية حازمة لتفادي العدوى من فيروس كورونا.


وبينت الكايد، أن المدارس لجأت إلى نظام التناوب، جراء الضغط على الشعب الصفية، وان هناك مدارس سيطبق فيها نظام الفترتين، بخاصة وأن بعضها يزيد عدد طلبتها على 46 طالبا، ومن حق كل طالب الحصول على حقه بالتعليم في ظروف تعليمية مناسبة، بخاصة بعد هجرة آلاف الطلبة للمدارس الحكومية.

وقال أبو عبدالله العياصرة أحد أصحاب المدارس الخاصة في جرش، إن الاستثمار في التعليم تعرض لخسائر فادحة، بسبب الجائحة، وأدى لإغلاق المدارس لشهور طويلة، اذ تراكمت الديون وأقساط الضمان الاجتماعي ورواتب المعلمين عليهم، ما أجبر عشرات اصحاب المدارس الخاصة على إغلاق مدارسهم، والتوجه للبحث عن مشاريع استثمارية، أكثر جدوى من الاستثمار في التعليم، بخاصة بعد ظروف الجائحة ونقل آلاف من الطلبة للمدارس الحكومية، وتجنيب الأهالي تسجيل ابنائهم في الخاصة، برغم العروض والخصومات والتحفضيات التي لجأ إليها أصحاب المدارس الخاصة، كطريقة لجذب عدد أكبر من الطلبة، ولكن دون جدوى.


إلى ذلك، قال ولي الأمر عبدالرحمن الرماضنة، إنه اضطر لنقل أطفاله الى المدارس الحكومية، خوفا من تحول التعليم الى عن بعد، للتخفيف من الأعباء المالية التي تثقل كاهل اولياء الأمور، بالإضافة للالتزامات المالية الأخرى.


ويعتقد بأن نقل آلاف الطلبة إلى التعليم الحكومي، سبب ضغطا كبيرا على الخدمات التعليمية، لاسيما وان المدارس الحكومية جزء منها مستأجر وضيق المساحة، وفيها اعداد كبيرة من الطلبة، وبالكاد مجهزة بالمختبرات والمرافق التعليمية المناسبة.

وطالب الرماضنة بضرورة ان تكون المدارس مجهزة لاستقبال أكبر عدد من الطلبة، دون التأثر على مستواهم التعليمي، بخاصة وان المدارس الحكومية تعاني أصلا من الاكتظاظ، والضغط على المرافق التعليمية، وفيها مبان مستأجرة وغير مناسبة للبيئة التعليمية.