"كنيسة زقريط" بجرش.. من اكتشاف أثري إلى مسرح للعابثين ومرعى للمواشي

موقع كنيسة زقريط حيث اكتشفت عام 2005 بالقرب من مدينة جرش الأثرية-(الغد)
موقع كنيسة زقريط حيث اكتشفت عام 2005 بالقرب من مدينة جرش الأثرية-(الغد)

جرش- لم تشفع الأهمية التاريخية والأثرية لكنيسة عويمر أو "زقريط" التي تم اكتشافها في عام 2005 بالقرب من مدينة جرش الأثرية، بإيلائها الاهتمام الذي تستحقه، باستثناء تحرك دائرة الآثار العامة نحو استملاك الموقع بعد عامين من الاكتشاف، وتركه للعبث والإهمال. 

اضافة اعلان

 

  الكنيسة ووفق ما تم الإعلان عنه في ذلك الحين، تضم أرضيات فسيفسائية ومقابر وكهوف، ويبلغ حجمها 38 مترا من الشمال إلى الجنوب، و20 مترا من الشرق إلى الغرب، وفيها أيضا تم اكتشاف 6 غرف وساحة أرضية مرصوفة يتوسطها بئر ماء، بينما إحدى الغرف ذات أرضية فسيفسائية بأشكال هندسية وممر يتكون من 7 درجات يؤدي إلى الغرف الواقعة في الجهة الجنوبية، فيما يوجد مدخل من الجهة الشمالية يتكون من 4 درجات محفورة بالصخر الطبيعي تؤدي إلى ممر يتجه للشرق، إضافة إلى ظهور كهف متصل بالممر محفور بالصخر الطبيعي وتشير الدلائل لاستخدامه لغايات جمع المياه.


كما تم العثور داخل الكنيسة، على قطع أثرية مميزة كالأسرجة الفخارية المزخرفة والأواني الفخارية وقطع عملة غير واضحة المعالم وأحجار جيرية مشذبة نحت عليها طائر ذو رقبة طويلة وغيرها من القطع الأثرية والمعالم التي تدل على أهمية الموقع.


الآن، وبعد مرور 16 عاما، يكتشف أي زائر لموقع الكنيسة في منطقة زقريط، حجم الإهمال الذي حل بها طيلة السنوات الطويلة الماضية، حيث تحولت إلى مرعى للأغنام ومقصد للباحثين عن الدفائن، ما جعلها عرضة للعبث والتخريب، فضلا عن تراكم النفايات والأعشاب في أرجائها، وانتشار القوارض والزواحف.


وبدلا من أن تكون مقصدا للزوار والسياح، خصوصا المهتمين بالأبعاد التاريخية والأثرية والدينية للموقع، باتت الكنيسة مقصدا للمواشي باستمرار، كون السياج قديم ومتهالك من كافة أطرافه، حيث يسهل الدخول للموقع الذي يتميز بكثرة الأعشاب فيه ما يجعله وفق المواطن محمد القادري، "مرعى جيد للمواشي".


وأوضح القادري، أن "الحراسة غير كافية في الموقع، لا سيما أن الحارس معين على نظام شراء الخدمات براتب شهري متواضع، ويغيب أيام طويلة عن الموقع، ولا يتم متابعة عمله ودوامه فيها، والموقع مهمل ولا تشمله أعمال التعشيب والتنظيف"، لافتا إلى أن "المجاورين استيقظوا عشرات المرات على أصوات العابثين الذين يبحثون عن الدفائن داخل الموقع، ويتم تبيلغ الجهات الأمنية عنهم".


الخبير السياحي ورئيس لجنة الاستثمار في مجلس المحافظة الدكتور يوسف زريقات، يؤكد من جهته، أن "الكنيسة قريبة جدا من المدينة الأثرية وتقع بالقرب من الممرات والمسارات السياحية للزوار، وحالها كحال العشرات من المواقع الأثرية المستملكة في مدينة جرش ومجاورة للموقع الأثري وغير مستغلة نهائيا، فضلا عن أنها تعرضت للتخريب والدمار بفعل العابثين والحيوانات وعوامل الطقس، وكان من الأولى أن يتم متابعتها وحراستها وتأمين الأسيجة التي تحيط بها دوريا وطمرها إذا تطلب الأمر  لحمايتها من العابثين الذي خربوا العديد من المواقع الأثرية إلى حين أن يتم استثمارها وصيانتها وترميمها".


وقال زريقات لـ"الغد"، إن "أهمية الكنيسة تتمثل في كونها قريبة جدا من المدينة الأثرية ومن السهل ضمها إلى المسارات السياحية وغنية أثريا وتاريخيا وكانت من الممكن أن تكون وجهة سياحيا خاصة في مدينة جرش، لا سيما أن مدينة جرش فيها أكثر من 16 كنيسة أخرى داخل وخارج المدينة الأثرية ولا تقل أهمية عن الموقع الأثري".


وأضاف، أن "الكنيسة بحاجة إلى حماية أكثر من العبث وهي منطقة أثرية كاملة ومتكاملة ومن الأحياء البيزنطية القديمة وفيها كهوف ومساكن وآبار مياه ومقابر ومن الصعب حاليا وبهذا الوضع أن توضع على خارطة السياحة كونها غير جاهزة وبالكاد يكفي وقت الزائر للتجول داخل الموقع الأثري بشكل محدود، ويجب أن تبقى مدفونة تحت التراب لحمايتها من عوامل الطقس والعبث لحين إيجاد مشروع مناسب ووضعها على الخارطة السياحية".

 

وردا على استفسارات "الغد"، قال مدير آثار جرش محمد الشلبي، إن "الكنيسة فيها حارس من أبناء المنطقة المجاورة للموقع لضمان حراسة الموقع على مدار الساعة وعدم العبث فيه، وقد ساهم تعيين حارس فيه على نظام العقود لحماية الموقع والتخفيف من مشكلة البحث عن الدفائن فيها والحد من العبث في الكنيسة كونها من الكنائس المستملكة وذات قيمة أثرية وتاريخية مهمة ولا يمكن التهاون مع العابثين فيها، وقد تم وضع حراسة كذلك من أبناء المنطقة على كنيسة النبي هود كون الكنيستين من الكنائس المكتشفة المهمة والمستملكة".


وأوضح الشلبي، أن "مشاريع الصيانة والترميم حاليا وفق الموازنات المالية المتوفرة للكنائس تتجه إلى ترميم وصيانة الكنائس الـ13 الموجودة داخل الموقع الأثري، وهي مزارات سياحية مهمة وحيوية ويأتيها الزوار من مختلف دول العالم ولها الأولوية في الصيانة، ويتم حاليا وضع تغطية ومظلات لها بتكاليف عالية جدا، أما الكنائس التي تقع خارج الموقع الأثري فهي غير موجودة على خارطة الزيارات السياحية ولا يدخلها الزوار نهائيا ولا يوجد لها خطط صيانة أو ترميم على المدى القريب".

 

وأكد، أن "فرق مديرية الآثار تقوم سنويا بتنظيف الموقع وتعشيبه للحفاظ عليه ومتابعة أموره الفنية من خلال الحارس الموجود في الموقع، ويتم متابعة عمله ودوامه بشكل دوري كون الكنيسة مستملكة وهي من المواقع المهمة تاريخيا وأثريا ودينيا ويجب الحفاظ عليها بكل السبل".

 

اقرأ أيضا:

 جرش.. ترميم أقدم مبنيين تراثيين وآمال بتعزيز النشاط السياحي