‏المسؤولون الأميركيون يعترفون بالفشل الأخلاقي في غزة.. ولكن هل سيفعلون شيئا؟‏

بلينكن بحث مع غالانت
بلينكن يبحث مع غالانت

إدوارد هَنت‏* - (كاونتربنش) 2024/2/13

 

على مدى الأشهر القليلة الماضية، اعترف المسؤولون في واشنطن بأن إحدى القضايا الأساسية التي على المحك في الحملة العسكرية الإسرائيلية في غزة هي تأثيرها على سكان القطاع.

اضافة اعلان


‏وحتى بينما استمرت الولايات المتحدة في مساعدة إسرائيل في تنفيذ حملتها العسكرية، أشار كبار المسؤولين في واشنطن إلى أن عمليات إسرائيل انتهكت مبدأ أخلاقيًا أساسيًا من خلال التسبب في مقتل الكثير جدًا من المدنيين الأبرياء.‏
‏في كانون الثاني (يناير)، قال‏‏ وزير الخارجية الأميركية، أنتوني بلينكن: ‏"لقد قُتل الكثير من الفلسطينيين، وخاصة الأطفال". ‏‏


‏منذ 7 تشرين الأول (أكتوبر)، يواصل الجيش الإسرائيلي شن هجوم عنيف على غزة، المنطقة الفلسطينية التي تشكل المعقل الرئيسي لحركة "حماس".

 

وبعد أن قام مقاتلو حماس بغزو إسرائيل في 7 تشرين الأول (أكتوبر)، حيث أسفر الهجوم عن مقتل حوالي 1200 شخص واختطاف 240 آخرين، بدأت إسرائيل حملة قصف واسعة النطاق، تبعتها بغزو بري أسفر حتى الآن عن مقتل أكثر من 27.000 شخص وتشريد مليونين آخرين.‏


ومنذ بداية الحرب، اتهم المنتقدون إسرائيل بمحاولة ‏‏تدمير‏‏ غزة. وكان أحد الأهداف الإسرائيلية الأساسية هو ‏‏إفراغ غزة من سكانها‏‏ كما طالب العديد من المسؤولين الإسرائيليين.‏


‏لكن المسؤولين الأميركيين تنصلوا من دعوات المسؤولين الإسرائيليين إلى إخلاء غزة من سكانها، مدركين أن هذا العمل لا يتفق مع القانون الدولي.‏


‏‏وقال‏‏ بلينكن في كانون الثاني (يناير): "نحن نرفض تصريحات بعض الوزراء وأعضاء الكنيست الإسرائيليين التي تدعو إلى إعادة توطين الفلسطينيين خارج غزة. ‏هذه التصريحات غير مسؤولة. إنها تحريضية".‏


‏واتخذت بلدان أخرى إجراءات أكثر مباشرة، فرفعت جنوب أفريقيا قضية إلى محكمة العدل الدولية ‏‏اتهمت‏‏ فيها إسرائيل بارتكاب إبادة جماعية.

 

وعلى الرغم من أن المحكمة لم تحكم في تهمة الإبادة الجماعية أو تدعو إسرائيل إلى إنهاء هجومها العسكري، إلا أنها سمحت بالمضي قدمًا في القضية، ودعت إسرائيل إلى ‏‏ضمان‏‏ عدم ارتكاب قواتها أعمال إبادة جماعية في غزة.‏


وعلى الرغم من أن هذه الاتهامات ركزت على ‏‏نية‏‏ إسرائيل، إلا أن هناك اعتبارات أخلاقية إضافية على المحك، أحدها يتعلق بعواقب الحملة العسكرية الإسرائيلية على سكان غزة. وبالنسبة ‏للمهتمين بمراقبة هذه العواقب، فإنها مهمة للغاية.‏


‏وقد أقر المسؤولون الأميركيون بضرورة أخذ عواقب تصرفات إسرائيل في الاعتبار.

 

وعلى مدار سير العمليات العسكرية الإسرائيلية، أصروا مرارًا وتكرارًا على أنهم يراقبون الآثار على سكان غزة، حتى أنهم نقلوا هذه النقاط إلى أعلى مستوى من المسؤولين الإسرائيليين.‏


عندما التقى بلينكن برئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي، أخبره بأن النية وحدها لا تكفي لحماية المدنيين.

 

وقال بلينكن إن الطريقة التي تؤثر بها العمليات الإسرائيلية على سكان غزة هي اعتبار أساسي، حتى أنه أشار إلى أنها القضية الرئيسة التي على المحك.‏


‏وقال ‏‏بلينكن: "‏‏كما قلت لرئيس الوزراء ولمجلس وزراء الحرب، من الواضح أن النية هي المكان الذي تبدأ منه الأمور، وهي شيء مهم للغاية"، في إشارة إلى نية حماية المدنيين. وأضاف: "أنا واثق جدًا بشأن النية، لكن النتائج، بطبيعة الحال، هي ما يهم بشكل أساسي".


بالنسبة لأولئك في واشنطن الذين يرون أن عواقب أفعال إسرائيل هي التي تهم في نهاية المطاف، أصبح الوقت أكثر من مستحق لإجراء مراجعة جادّة. فمنذ تأسيس إسرائيل لم ‏‏يقتل‏‏ هذا العدد الكبير من الفلسطينيين في صراع معها.‏


‏لقد جعل الهجوم العسكري الإسرائيلي قطاع غزة ‏مكانًا غير صالح للسكن والعيش.‏ فقد دمرت القوات البرية‏ الإسرائيلية الأحياء. وقصفت القوات الجوية المساجد والمدارس والمستشفيات. ويقدر أن 30 بالمائة من المباني في غزة قد دمرت أو تضررت. ويصبح خطر انتشار ‏‏المجاعة‏‏ أكثر سوءًا بمرور كل يوم.‏


‏‏في تصريح له أمام مجلس الأمن الدولي في كانون الثاني (يناير) لاحظ‏‏ الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش: "إن جميع سكان غزة يعانون من الدمار على نطاق وسرعة لا مثيل لهما في التاريخ الحديث. لا شيء يمكن أن يبرر هذا العقاب الجماعي للشعب الفلسطيني".‏


‏لكن الأمر غير العادي حقًا هو أن المسؤولين في إدارة بايدن دعموا الهجوم العسكري الإسرائيلي بينما يعترفون ‏‏بالعواقب المدمرة‏‏ على السكان المدنيين.‏


في الواقع، مكنت إدارة بايدن إسرائيل من مواصلة هجومها. و‏‏استخدمت حق النقض (الفيتو) ضد‏‏ مشروع قرار في الأمم المتحدة يدعو إلى وقف إطلاق النار، واستمرت في تزويد إسرائيل بالأسلحة، وتجاهلت الدعوات للحد من تدفق الأسلحة الأميركية إلى إسرائيل.‏


‏وقالت‏‏ المسؤولة في وزارة الخارجية الأميركية، باربرا ليف، في مؤتمر صحفي عقد في 1 شباط (فبراير): "إننا لا نفكر في ذلك"، في إشارة إلى إمكانية خفض شحنات الأسلحة الأميركية إلى إسرائيل.‏


بالنظر إلى حجم الدمار الذي لحق بغزة، شكك العديد من المسؤولين الأميركيين من المستوى الأدنى في صلاحية السياسة الأميركية، معبرين عن قلقهم من أن تكون قد فشلت أخلاقيًا. ‏‏وقد احتج‏‏ المئات منهم ‏‏رسميًا‏‏ على الإجراءات الأميركية لإدارة بايدن، حتى أن بعضهم ‏‏استقالوا‏‏ من مناصبهم.‏


‏‏‏وقال‏‏ وزير الدفاع الأميركي، لويد أوستن، في مؤتمر صحفي عقد مؤخرًا: "أعلم أن الوزير بلينكن والرئيس بايدن سيواصلان التأكيد على أهمية معالجة قضية الشعب الفلسطيني". ومع ذلك، "نحن لا نفعل ما يكفي"، كما اعترف.‏


في الواقع، ما يزال أكثر المسؤولين في واشنطن نفوذًا يدعمون الحصار الإسرائيلي على غزة، حتى بينما يقرّون بأنه ينتهك المبادئ الأخلاقية الأساسية، خاصة فيما يتعلق بعواقب العمليات الإسرائيلية على سكان غزة.‏


*‏إدوارد هانت Edward Hunt:‏‏ يكتب عن الحرب والإمبراطورية. وهو حاصل على درجة الدكتوراه في الدراسات الأميركية من كلية ويليام وماري.‏

 

*نشر هذا المقال تحت عنوان:

US Officials Acknowledge Moral Issues in Gaza, But Will They Do Anything

 

اقرأ المزيد في ترجمات:

  نفاق الغرب المقزز بشأن الاختراق الذي حققته غزة