تدمير نظام الرعاية الصحية في غزة جريمة حرب‏

1707904038202981700
ممرض يتفقد آثار القصف الإسرائيلي في غرفة في مستشفى ناصر في خان يونس، 17 كانون الأول (ديسمبر) 2023 -(المصدر)

آني سبارو‏‏؛ وكينيث روث* - (فورين بوليسي) 9/2/2024

على "المحكمة الجنائية الدولية" مقاضاة الإسرائيليين المسؤولين عن قصف المستشفيات، ومنع الحصول على الأدوية واللقاحات، والتسبب في أذى مفرط للمدنيين.

*   *   *
في 26 كانون الثاني (يناير)، ‏‏أصدرت‏‏ "محكمة العدل الدولية" في لاهاي حكما أوليا في الدعوى التي رفعتها جنوب إفريقيا والتي تتهم فيها إسرائيل بارتكاب أعمال إبادة جماعية في غزة.

اضافة اعلان

 

ولم تدعُ المحكمة إلى وقف فوري لإطلاق النار، ولم تحكم على ما إذا كانت إسرائيل ترتكب بالفعل إبادة جماعية في غزة، لكنها أصدرت تعليمات إلى إسرائيل باتخاذ تدابير مؤقتة لمنع أعمال الإبادة الجماعية.

 

وأشارت المحكمة في حكمها إلى وجود "عدد كبير من القتلى والجرحى، فضلاً عن الدمار الهائل للمنازل، والتهجير القسري للغالبية العظمى من السكان، والأضرار الجسيمة التي لحقت بالبنية التحتية المدنية".‏


‏‏ومع ذلك، ثمة ركيزة أساسية أقل بروزا في القضية ضد إسرائيل، هي الهجوم الإسرائيلي المنهجي على البنية التحتية الطبية في غزة.

 

منذ هجوم حماس القاسي في 7 تشرين الأول (أكتوبر)، استهدفت إسرائيل ‏‏مرارًا‏‏ ‏‏وتكرارًا مرافق الرعاية الصحية‏‏ ‏‏وسيارات الإسعاف‏‏ ‏‏وطرق الوصول‏‏.

 

و‏‏اعتقلت‏‏ العاملين في مجال الرعاية الصحية، ومنعت وصول ‏‏الوقود‏‏ اللازم للمولدات التي تعتمد عليها المرافق الصحية، ‏‏وحجبت‏‏ الإمدادات الطبية والجراحية الحيوية -وكلها إجراءات تهدف إلى تقويض نظام الرعاية الصحية في غزة.‏


ثمة منطق دائري قاس بشكل خاص يعمل هنا: تخلق القوات الإسرائيلية، بينما تقصف قطاع غزة وتحاصره، حاجة ملحة للرعاية الطبية للمدنيين الذين تحرمهم في الوقت نفسه من الوصول إليها.

 

وليست القوات الإسرائيلية أول من استهدف الرعاية الصحية. في أوكرانيا، حيث ألحق الجنود الروس أضرارًا أو دمروا ‏‏ما يقرب من 700 مرفق للرعاية الصحية في أول 100‏‏ يوم من الغزو واسع النطاق، أدت تلك الهجمات إلى ‏‏نزوح جماعي‏‏ لنحو 5 ملايين شخص.‏


‏وفي سورية، كانت ‏‏الهجمات على مرافق الرعاية الصحية‏‏ محورية في ‏‏التشتيت القسري‏‏ لنحو ‏‏14 مليون إنسان. وقُتل في الحرب ما لا يقل عن ‏‏831 من العاملين في مجال الرعاية الصحية‏‏ بين العامين 2011 و2023.

 

وأخذ الأطباء على عاتقهم ‏مهمة ‏بناء مستشفيات تحت الأرض‏‏ في المناطق التي تسيطر عليها المعارضة، على أمل تجنب القصف المتعمد الذي نفذه التحالف العسكري الروسي السوري.‏


‏وفي غزة، لا يشكل قيام إسرائيل بتدمير نظام الرعاية الصحية جزءا مهما من تهم الإبادة الجماعية فحسب -إنه أيضًا جريمة حرب صارخة ينبغي أن تتعامل معها مباشرة "المحكمة الجنائية الدولية"، التي يُفترض أنها تجري ‏‏تحقيقًا‏‏ نشطًا في جرائم الحرب التي تُرتكب في فلسطين.

 

وبينما تحل "محكمة العدل الدولية" النزاعات بين الدول، تفصل "المحكمة الجنائية الدولية" في الملاحقات الجنائية للأفراد.‏


في الحقيقة، ‏لا يحقق استهداف مرافق وبنية الرعاية الصحية الكثير من الناحية العسكرية، بينما يضخم عدد القتلى ويضاعف المعاناة الناجمة عن القصف العشوائي.

 

وتزدري مثل هذه الهجمات الغرض الأساسي للقانون الإنساني الدولي -تخفيف معاناة المدنيين- ولذلك غالبًا ما تكون هذه الأعمال نذيرًا بقدوم فظائع أوسع نطاقًا على الطريق.‏
*  *  *
بدأت ‏‏الهجمات الإسرائيلية على نظام الرعاية الصحية في غزة‏‏ في أعقاب هجوم 7 تشرين الأول (أكتوبر) ‏‏مباشرة‏‏.

 

وخلال الساعات الـ36 الأولى، ‏‏هاجمت‏‏ القوات الإسرائيلية "المستشفى الإندونيسي" في بيت لاهيا، و"مستشفى ناصر" في خان يونس، و"مستشفى القدس" في مدينة غزة، من بين عدة مستشفيات أخرى، مما أسفر عن مقتل ‏‏ستة من العاملين في مجال الرعاية الصحية‏‏ في هذه العملية.

 

وبينما تقدِّم أدلة قليلة على ادعائها، تُحمِّل إسرائيل المسؤولية لحماس بشكل روتيني عن القتال من مناطق ومؤسسات مدنية.

 

لكنّ القوات الإسرائيلية استخدمت ‏‏بانتظام أساليب‏‏ الحرب العشوائية التي لا تعرف التمييز، أو التي تفرض تكلفة غير متناسبة على المدنيين، أو كلا الأمرين معًا.‏


‏بحلول 24 تشرين الثاني (نوفمبر)، كان 30 مستشفى من أصل 36 مستشفى في غزة قد ‏‏تعرضت للقصف‏‏ الذي كان معظمه متكررًا، ‏‏حتى في الوقت الذي‏‏ ظل فيه الطاقم الطبي والمرضى والمدنيون الذين يبحثون عن مأوى في الداخل.

 

وبالإضافة إلى قصف المستشفيات، استهدفت القوات الإسرائيلية ‏‏سيارات الإسعاف‏‏، ‏‏وقوافل المساعدات الطبية‏‏ ‏‏وطرق الوصول‏‏.

 

وبحلول من 30 كانون الثاني (يناير)، أبلغت "منظمة الصحة العالمية" ‏‏عن‏‏ وقوع 342 هجومًا استهدف بنية الرعاية الصحية في غزة، والتي أسفرت عن مقتل وإصابة المئات. وفي هذه المرحلة، أصبح كل مستشفى في غزة إما متضرر أو مدمر أو خارج الخدمة بسبب نقص الوقود. ‏‏وهناك 13 مستشفى فقط‏‏ تعمل بشكل جزئي.‏


أما المستشفيات وسيارات الإسعاف والعيادات التي نجت من القصف، فقد أضعفها الحصار ‏‏وعرقلة وصول‏‏ القوافل الإنسانية، مما ‏‏حرم‏‏ مقدمي الرعاية الصحية -ليس من الماء والوقود والكهرباء فحسب، وإنما من الإمدادات الطبية الحيوية أيضًا، مثل ‏‏الأكسجين‏‏ ‏‏والدم‏‏ ‏‏والتخدير‏‏.‏


‏بالإضافة إلى ذلك، لا يأخذ الرقم المذهل الذي بلغ أكثر من ‏‏67.000 شخص‏‏ أصيبوا بجروح في غزة في الحسبان حتى الآن عواقب انهيار نظام الرعاية الطبية الروتينية التي يُحرم منها السكان المدنيون.

 

فمن لقاحات الطفولة، إلى علاج السرطان وغسيل الكلى، توقفت الرعاية الطبية الحديثة إلى حد كبير بالنسبة لـ2.3 مليون فلسطيني يعيشون في غزة، الذين يبلغ متوسط العمر المتوقع لديهم ‏‏مُسبقًا 10 سنوات أقل‏‏ من الأشخاص الذين يعيشون على بعد أميال قليلة في إسرائيل، والذين تزيد معدلات وفيات حديثي الولادة والرضع والأمهات لديهم عن ‏‏خمسة أضعاف‏‏ مثيلاتها في إسرائيل تقريبًا.‏


كما تعرضت المستشفيات الوحيدة التي تقدم العلاج للبالغين والأطفال المصابين بالسرطان في غزة، "مستشفى ‏‏الصداقة التركية الفلسطينية"،‏‏ ‏‏"ومستشفى الرنتيسي التخصصي للأطفال‏‏"، للقصف والحصار وأجبرت على الإغلاق.

 

وبالإضافة إلى ذلك، أصبح آلاف المرضى الذين كانوا يتلقون في السابق ‏‏علاجًا متخصصًا‏‏ في القدس لم يكن متاحًا في غزة -‏‏بمتوسط‏‏ 100 مريض في اليوم- غير قادرين الآن على الوصول إلى العلاج.‏


‏وكما أشارت محكمة العدل الدولية في حكمها، فإن "حوالي 180 امرأة فلسطينية يلدن يوميًا وسط هذه الفوضى"، وغالبًا ما يحدث ذلك أينما يتواجدن في أماكن الإيواء ‏‏وليس في‏‏ أي منشأة طبية.

 

وتقدر ‏‏"منظمة الصحة‏‏ العالمية" أن 15 في المائة من هؤلاء النساء يغلب أن يعانين من مضاعفات مثل الولادة المبكرة، والولادة المتعسرة ونزيف ما بعد الولادة.

 

ومن دون العمليات القيصرية المنقذة وعمليات نقل الدم للحياة، تكون النساء أكثر عرضة للوفاة أثناء الولادة.

 

ومن دون حاضنات، أو أكسجين، أو مضادات ضيق التنفس، أو منشطات أو مضادات حيوية، يكون الأطفال حديثو الولادة أكثر عرضة للمعاناة من تلف في الدماغ أو الموت بسبب الإنتان أو الضائقة التنفسية.‏


‏ويعني قصف وإغلاق المستشفيَين المختصين بإعادة التأهيل في غزة أن ‏‏441.000 شخص يعانون من إعاقات موجودة مسبقًا‏‏ -ويشكلون ‏‏21 بالمائة من أسر ما قبل الحرب‏‏، وهو رقم أصبح الآن أعلى من ذلك بكثير- لم يعد لديهم مكان لتلقي الرعاية أو الوصول إلى العكازات أو الكراسي المتحركة أو الأطراف الاصطناعية.‏


‏قبل الحرب، كان ما يقدر بنحو ‏‏71 في المائة‏‏ من السكان البالغين في غزة يعانون من الاكتئاب. ووفقًا لمنظمة الـ(يونيسف)، يحتاج ‏‏ما لا يقل عن 800.000 طفل‏‏ في غزة إلى مراقبة الصحة العقلية والدعم النفسي والاجتماعي.

 

ولكن، منذ اندلاع الحرب، تعرض مستشفى الأمراض النفسية الوحيد في المنطقة ‏‏للقصف‏‏، ‏‏وقُتل ثلاثة أطباء نفسيين‏‏، وتقلصت خدمات الصحة العقلية إلى حد كبير -كل ذلك بينما يتعرض جميع السكان المدنيين في غزة تقريبًا لصدمات نفسية بسبب أهوال الحرب الحالية.‏


ومما يجعل الأمور أكثر سوءًا أن الجمع بين التهجير الجماعي القسري، والظروف غير الصحية الناجمة عن انقطاع خدمات الصرف الصحي وعدم معالجة مياه الصرف الصحي وتوقف التطعيم، سيؤدي بشكل حتمي إلى تفشي الأمراض في المستقبل، مما يعني -وظيفيا وعمليا- شكلًا من أشكال ‏‏الحرب البيولوجية غير المباشرة‏‏ التي تُشن على القطاع.‏


‏إذا ما أُخذ كل هذا معًا، فإن الحرمان من الرعاية الصحية الأساسية لن يفعل سوى مفاقمة عدد القتلى في هذه الحرب بما يتجاوز عدد أولئك الذين قتلوا بالقنابل والقذائف والرصاص.‏
*   *   *
سوف يتضاءل إصرار الحكومة الإسرائيلية‏‏ الشعائري على امتثالها للقانون الإنساني الدولي بشدة في مواجهة الأدلة الدامغة المناقضة.

 

وقد سعى المحامون الذين يدافعون عن إسرائيل في "محكمة العدل الدولية" في لاهاي إلى إنكار نية الإبادة الجماعية من خلال التأكيد أن إسرائيل تقدم بعض الإمدادات والخدمات الطبية، بما في ذلك "ستة مستشفيات ميدانية ومستشفيين عائمين"، بالإضافة إلى مستشفيين آخرين في طور الإنشاء.

 

لكن 15 من قضاة المحكمة الـ17 وجدوا هذه الخطوات غير كافية، مستشهدين بتقييم الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريس، الذي أعلن أن "نظام الرعاية الصحية في غزة ينهار".‏


‏في منتصف كانون الثاني (يناير)، ‏‏أعلنت‏‏ قطر عن التوصل إلى صفقة وافقت حماس بموجبها على إيصال الأدوية إلى الرهائن المحتجزين لديها مقابل تعهد بأن "يتم تسليم الأدوية إلى جانب المساعدات الإنسانية الأخرى للمدنيين في غزة".

 

وبطبيعة الحال، من الخطأ أن تحرم حماس الرهائن من الأدوية التي يحتاجونها، لكنَّ هذا لا يعفي إسرائيل من المسؤولية عن منع وصول الأدوية إلى المدنيين الفلسطينيين في غزة واستخدام احتياجاتهم الطبية كورقة للمساومة.

 

كما يحمي القانون الإنساني حق المقاتلين ‏‏الجرحى‏‏ في التماس الرعاية الطبية، ‏‏ويطالب‏‏ بالسماح "بمرور سريع ومن دون عوائق للإغاثة الإنسانية للمدنيين المحتاجين".‏


‏ويحمي‏‏ القانون الدولي الإنساني أيضًا مرافق وبنى الرعاية الصحية حتى خارج سياق الإبادة الجماعية. وتفقد هذه المنشآت وضع الحماية فقط إذا تم استخدامها لارتكاب "عمل ضار بالعدو". وبذلك، فإن الوجود السابق للقوات ‏‏لا يكفي‏‏.

 

والمطلوب هو وجود تهديد حالي كشرط للاستهداف. وقد حاولت إسرائيل الدفاع عن هجماتها على مرافق الرعاية الصحية من خلال إلقاء اللوم على حماس لتحويلها هذه المراق إلى أهداف عسكرية مشروعة، ولكن، نظرًا لندرة الأدلة، وجدت "محكمة العدل الدولية" أن هذا العذر غير صحيح.‏


‏على سبيل المثال، زعمت الحكومة الإسرائيلية مرة تلو المرة أن حماس تحتفظ بمركز قيادة تحت "مستشفى الشفاء" في مدينة غزة، وهو أكبر مستشفى في القطاع.

 

ومع ذلك، عندما استولت القوات الإسرائيلية على المستشفى في تشرين الثاني (نوفمبر)، كان كل ما أمكن أن تشير إليه كدليل هو حفنة من البنادق ونفق واحد -ربما يقود إلى المخبأ ‏‏نفسه الذي كان قد بناه المهندسون الإسرائيليون‏‏ عندما سيطرت إسرائيل على الموقع آخر مرة- في منطقة تتخللها بالفعل أنفاق بنتها حماس.

 

‏‏ووجد تحليل‏‏ ‏‏أجرته صحيفة "الواشنطن بوست"‏‏ للأدلة التي عرضتها إسرائيل أنها محبِطة ومخيبة للآمال. واليوم، ‏‏يشبه‏‏ "مستشفى الشفاء" مخيمًا للاجئين، وقد تم اختزاله إلى مكان لتقديم الإسعافات الأولية بدلاً من توفير الرعاية السريرية المهمة المنقذة للحياة.

 

ومع عدم وجود نَشِط لحماس في المكان، لم يكن منطق إسرائيل كافيًا مطلقًا لتبرير حرمان سكان القطاع من مرفق صحي أساسي.‏


‏ولم يقتصر الأمر على "مستشفى الشفاء". فقد ‏‏وجدت منظمة‏‏ "هيومن رايتس ووتش"، أن هناك "هجمات متكررة وغير قانونية على ما يبدو تُشن على منشآت طبية" أخرى، بما فها "المستشفى الإندونيسي، والمستشفى الأهلي، والمركز الدولي للعناية بالعيون، ومستشفى الصداقة التركية الفلسطينية، ومستشفى القدس".‏


وحتى لو كان هناك مبرر عسكري، فإن القانون الإنساني الدولي ‏‏يحظر‏‏ -أو بعبارة أخرى، يعتبر جريمة حرب- شن الهجمات التي يُتوقع أن تسبب أضرارًا مدنية "مفرطة مقارنة بالميزة العسكرية الملموسة والمباشرة المتوقعة" من الهجوم.

 

ومع ذلك، فإن إغلاق المستشفيات أو احتلالها في غزة لا يوفر لإسرائيل مثل هذه الميزة، كما أن الأضرار المدنية التي لحقت بالمدنيين الفلسطينيين هناك كانت حتى الآن فورية وساحقة.

 

وعندما يكون هذا الضرر اللاحق بالمدنيين "مفرطًا بشكل واضح"، فإنه يكون موضوعًا للملاحقة القضائية من "المحكمة الجنائية الدولية".

 

ويخضع مرتكبو هذه الأعمال غير القانونية (أو المسؤولون عن الأمر بالهجوم أو الذين يتحملون مسؤولية القيادة) للملاحقة القضائية من هذه المحكمة.


‏تفاقم الضرر من هذا النوع بسبب الطريقة التي نُفذت بها عمليات الاستيلاء. وكما ‏‏توضح‏‏ "اللجنة الدولية للصليب الأحمر"، فإنه "قبل الهجوم على وحدة طبية تُستخدم لارتكاب أعمال ضارة بالعدو، يجب إصدار تحذير يحدد، كلما كان ذلك مناسبًا، مهلة زمنية معقولة، ولا يمكن لأي هجوم أن يحدث إلا في حالة بقاء مثل هذا التحذير مغفلاً".‏


‏بدلاً من ذلك، أصدر الجيش الإسرائيلي أوامر إخلاء واسعة النطاق إلى سكان مناطق بأكملها من غزة مع عدم توفير الحد الأدنى من المرور الآمن أو أماكن استقبال للذين أُمروا بالمغادرة.

 

وكما ‏‏وجدت منظمة‏‏ "هيومن رايتس ووتش"، فإن "الطبيعة الشاملة لأوامر الإخلاء واستحالة الامتثال الآمن، نظرًا لعدم وجود طريق آمن وموثوق للفرار أو مكان آمن للذهاب إليه في غزة، أثارت أيضًا مخاوف من أن الغرض لم يكن حماية المدنيين، وإنما ترويعهم ودفعهم إلى المغادرة".‏


‏تصبح غزة ‏‏مكانًا غير صالح للسكن على نحو متزايد‏‏، وثمة حاجة إلى اتخاذ إجراءات جذرية وحاسمة لوقف الضرر الهائل الذي يحدث والشروع في معالجة نتائجه.

 

لكن مجرد الدعوات إلى حماية المستشفيات والتصريحات بأن أنظمة "الرعاية الصحية ليست هدفًا #NotATarget" تتجنب معالجة الفكرة الأساسية: يمكن أن تكون هذه الهجمات جزءًا من خطة لجعل غزة غير صالحة للسكن وطرد الفلسطينيين، وهي نتيجة يواصل كبار الوزراء الإسرائيليين -الذين يحتاج رئيس الوزراء الإسرائيلي ‏‏بنيامين نتنياهو إلى دعمهم للبقاء في السلطة‏‏- ‏‏الترويج لها‏‏.‏


‏حتى الآن، لم يسفر التحقيق الذي يجريه المدعي العام لـ"المحكمة الجنائية الدولية"، كريم خان، ‏‏عن أكثر من تصريحات‏‏ ‏‏لوسائل الإعلام‏‏ بدلاً من توجيه اتهامات جنائية حقيقية للمخالفين.

 

وبما أنه يعالج حتمًا تداعيات هذه الحرب، فإن عليه أن يدرج الاعتداء على مرافق وأنظمة الرعاية الصحية ضمن تهم جرائم الحرب.

 

وستكون معاقبة مرتكبي هذه الهجمات هي أفضل طريقة لمنع انتشارها -في غزة، وبالتأكد خارجها.‏

‏*آني سبارو‏‏ Annie Sparrow: طبيبة ممارسة تعمل في مناطق الحرب، وأستاذة مشاركة في كلية إيكان للطب في ماونت سيناي في نيويورك.


‏‏*كينيث روث‏‏ Kenneth Roth: أستاذ زائر في كلية برينستون للشؤون العامة والدولية والمدير التنفيذي السابق لمنظمة "هيومن رايتس ووتش"، التي قادها من العام 1993 حتى العام 2022. ‏


*نشر هذا المقال تحت عنوان:

Destroying Gaza’s Health Care System Is a War Crime

 

اقرأ المزيد في ترجمات:

هل يجوز الحديث عن إبادة جماعية في غزة؟