الإسكوا: أعداد المهاجرين الكبيرة في الأردن تشكل ضغطا متواصلا على فرص العمل

1713188937065151400
لاجئون سوريون في مخيم الزعتري-(أرشيفية)
عمان- أكدت دراسة صادرة عن لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغربي آسيا "الإسكوا" أن الأردن يستقبل نحو 3.5 مليون مهاجر ولاجئ شكلوا 31.5 % من سكانه في العام 2022.اضافة اعلان
وفي الوقت نفسه، أشارت الدراسة إلى أن نحو 924 ألف مغترب أردني غادروا البلاد إلى الخارج بحثا عن فرص للعلم والعمل. 
وأوضحت الدراسة أن الأردن شهد ارتفاعا ملحوظا في أعداد المهاجرين منه وإليه خلال الفترة الممتدة بين عامي 2023-2000، أسوة ببقية بلدان العالم. 
ولفتت "الإسكوا" في دراسة تحليلة حديثة أصدرتها أخيرا تحت عنوان "تحليل حالة الهجرة الدولية في الأردن 2023"، إلى أن الأردن واجه بسبب موقعه الإستراتيجي موجات متلاحقة من الهجرة عبر التاريخ، منها هجرة اليد العاملة والهجرة القسرية نتيجة النزاعات التي اندلعت في بعض البلدان المجاورة.
وتلقي الدراسة الضوء على تطور اتجاهات الهجرة من الأردن وإليه وأنماطها، والإحاطة بالأطر والمعايير الدولية في حوكمتها، كما أنها تتناول التحديات والفرص المرتبطة بالهجرة، وتحديد أولويات حوكمتها في المملكة. 
وأعدت هذه الدراسة بالشراكة بين الإسكوا والمجلس الأعلى للسكان في الأردن وهي تندرج ضمن الجهود التي تبذلها الحكومة للوفاء بالتزاماتها بتحقيق أهداف عدد من الأطر العالمية، بما في ذلك الاتفاق العالمي من أجل الهجرة الآمنة والمنظمة والنظامية وخطة التنمية المستدامة.
وترمي الدراسة إلى سد الفجوة المعرفية بشأن واقع الهجرة في الأردن، وتقديم الأدلة العلمية الكمية والنوعية في هذا المجال، وهي تساهم في تجديد الأولويات ونقاط التدخل بهدف تطوير إطار حوكمة الهجرة والأمل معقود على أن تشكل أرضية علمية لإعداد إستراتيجية الهجرة للأردن التي من شأنها أن تساهم في تحقيق رؤية الأردن2025، ورؤية التحديث الاقتصادي. واقتصرت الدراسة على البحث في قضايا الهجرة من الأردن وإليه، واستثنت من تحليلها التفصيلي قضايا اللجوء نظرا إلى توفر الكثير من الدراسات التي تناولت ملف اللاجئين.
وأوضحت الدراسة أن الأعداد الكبيرة من الداخلين الجدد من غير الأردنيين إلى سوق العمل، شكلت ضغطاً متواصلاً على فرص العمل المحدودة في سوق العمل الأردني خلال السنوات الماضية، والذي يعد أصلا سوقا محدود الإمكانيات بسبب ضعف الاستثمارات الأجنبية والمحلية من جهة، وضيق القطاعات الاقتصادية المشغلة للعمالة من جهة أخرى، مما أدى إلى زيادة البطالة في ظل محدودية الاستثمار والمشاريع الجديدة القادرة على استيعاب المزيد من الأيدي العاملة. 
ولفتت إلى أن سوق العمل الأردني يعتبر من الأسواق المفضلة للعمالة غير الأردنية في المنطقة، بسبب الأمن والاستقرار الذي يمتع به البلد، والحماية القانونية التي تمنح الاستقرار وتضمن حقوق العمال الإنسانية، فضلاً عن  استقرار وقيمة العملة.
وأكدت الدراسة أن الأعداد الكبيرة من المهاجرين في الأردن، شكلت ضغوطاً متزايدة على الموارد الطبيعية، لا سيما المياه التي تعتبر من الموارد النادرة في الأردن، ودفعت هذه الضغوط الحكومة إلى اتباع سياسات تتعلق بترشيد توزيع المياه خلال أيام الأسبوع.
وأدت الهجرة إلى انخفاض كبير في نصيب الفرد السنوي من المياه، فضلا عن تركها ضغوطات متزايدة على القطاع الخدماتي على غرار الخدمات التعليمية والصحية.

وذكرت الدراسة أنه رغم توفر بيانات بشأن المهاجرين من الأردن وإليه، إلا أنها ما زالت مبعثرة بين عدد من الجهات المختصة ولا يوجد نظام أو آلية لرصدها ما يؤكد وجود قصور في الحوكمة الخاصة بذلك وفي الربط الإلكتروني بين المؤسسات المعنية بملف المهاجرين، ما يصعب وضع صورة إحصائية دقيقة بشأن المهاجرين، ويعيق القدرة على التحليل العلمي لتأثير الهجرة على التنمية في الأردن.
كما أكدت أنه على الرغم من إظهار البحث الميداني أن مختلف الوزارات والهيئات الحكومية تبذل جهوداً في التنسيق مع باقي الوزارات المعنية والجهات غير الحكومية والدولية إلا أن غياب آلية مؤسساتية لتنسيق الجهود في ملف الهجرة يحد من قدرة الدولة على وضع سياسيات أفضل في هذا الملف الحيوي وتنفيذها واستثمار عوائد الهجرة في التنمية.
وحول تحويلات المهاجرين والمقيمين في الأردن إلى بلدانهم الأصلية، بينت الدراسة أن إجمالي هذه التحويلات يقدر سنويا للفترة الواقعة بين عامي 2010 و2022 بحوالي 311.4 مليون دينار سنوي، استناد إلى بيانات البنك المركزي، وهي ما تشكل نسبة 13.6 % من معدل التحويلات السنوية للفترة نفسها للمقيمين في الخارج.
في المقابل، أكدت الدراسة أن المهاجرين الوافدين إلى الأردن يساهمون بدورهم في عملية التنمية وقد شهد البلد منذ منتصف السبعينيات مساهمة إيجابية للهجرة الوافدة في المشاريع التنموية الضخمة التي تضمنتها الخطط التنموية المختلفة.
وتتميز الهجرة الوافدة إلى الأردن، بجزء منها، بالعمالة الماهرة والحرفية، لا سيما العمال السوريون المصنفون كمهاجرين. وأنشأ المهاجرون السوريون مشاريعهم الخاصة في مجالات مختلفة كالمطاعم ومعامل النسيج والقطاعات التجارية.
وفيما يتعلق بالمغتربين الأردنيين، أكدت الدراسة أن تحويلات الأردنيين العاملين في الخارج، تشكل أحد الروافد الأساسية للاقتصاد المحلي الأردني، إذ تعزز احتياطي النقد الأجنبي وتنشط القطاع المالي، لا سيما أن غالبية التحويلات تتم عن طريق شركات الصرافة، فضلا عن أنها تحرك مختلف القطاعات الاقتصادية، كالتجارة والعقارات والسياحة وما إلى ذلك.
ونوهت الدراسة إلى أن قيمة تحويلات المغتربين في الخارج قد تزيد على النسب المسجلة في بيانات البنك المركزي الأردني ، نظرا إلى أن نسبة غير معروفة من التحويلات تتم عن طريق قنوات خارج المصارف وشركات الصرافة، قد يرسلها المغترب مع الأهل أو الأصدقاء إلى أسرته في الأردن أو يجلبها معه أثناء زيارته للبلد.
وأشارت الدراسة إلى أن هجرة الأدمغة الأردنية لا تزال أحد التحديات التي تواجه الأردن، حيث أغلب المواطنين الأردنيين الذين يغادرون من أصحاب الخبرات والمعارف وذوي التعليم العالي.
وأكدت أن الجهود المبذولة للتواصل مع المهاجرين الأردنيين في الخارج تبدو محدودة، وهو ما يحد بدوره من الجهود الرامية إلى تشجيع الجالية الأردنية على الاستثمار في الأردن. 
وأوضحت الدراسة أن معدل النمو السنوي لتحويلات الأردنيين في الخارج كان موجباً خلال الفترة 2015-2010 وبلغ 1.51 %  إلا أنه أظهر اتجاهاً سالباً خلال الفترتين 2015-2020 و 2019-2022. 
وتظهر البيانات تذبذبا واضحا في قيمة التحويلات المالية للمغتربين، إذ ارتفعت من 2.247 مليار دينار في عام 2010 إلى 2.423 مليار في عام 2015، بارتفاع بلغ نحو 7.8 %، قبل أن تعود إلى الانخفاض إلى 2.150 مليار في عام 2020 بانخفاض بلغ 11.3 % بين عامي 2020-2015، إلا أنها عادت إلى الارتفاع قليلا في عامي 2021 و2022 لتصل إلى 2.170 و 2.203 مليار دينار على التوالي ، لكنها بمستويات أقل من عام 2019 أي قبل الجائحة.
وأشارت الدراسة  إلى استقرار نسبة التحويلات من الناتج المحلي الإجمالي بالأسعار الجارية خلال الفترة الواقعة بين عامي 2010-2022 ، وتراوحت نسبة التحويلات من الناتج المحلي الإجمالي بالأسعار الثابتة ما بين %9.3  في عام 2010، و%7.09 في عام 2022، بانخفاض بلغ  نحو نقطتين مئويتين.
 وتراوحت نسبة التحويلات من الناتج المحلي الإجمالي بالأسعار الجارية ما بين %11.7 في عام 2010، بينما 6.4 % في عام 2022 بانخفاض مقداره حوالي 5 نقاط مئوية.
ووفق الدراسة يعود انخفاض وتذبذب تحويلات المغتربين الأردنيين في الخارج خلال الفترة التي رصدتها الدراسة (2022-2010) إلى انخفاض أسعار النفط في البلدان التي تقيم فيها غالبيتهم خلال السنوات السابقة لعام 2020، إضافة إلى انتشار جائحة كوفيد- 19 بعد عام 2013 مما أثر على قيمة هذه التحويلات، وبلغ إجمالي تحويلات المغتربين الأردنيين خلال هذه الفترة نحو 30 مليار دينار أردني.
وطرحت الدراسة مجموعة من التوصيات لتفعيل مساهمة المغتربين الأردنيين في التنمية المحلية وتغيير الصورة النمطية السلبية عن الهجرة، وذلك من خلال إيجاد إستراتيجية لحث الأردنيين المقيمين في الخارج على التواصل مع السفارات والبعثات الأردنية، والاهتمام بالجمعيات والنوادي الأردنية التي تعمل على خدمة الجاليات الأردنية في الخارج، إلى جانب اعتماد برامج وتسهيلات لجذب استثمارات من قبل هذه الجاليات في مشاريع تنموية في الأردن، علاوة على وجوب تطوير شراكات مع البلدان المضيفة للمواطنين الأردنيين لنقل ذوي المهارات العالية من أجل فهم أثر هجرة الأدمغة والحد من آثارها السلبية، وتطوير برامج لنقل الخبرات من المغتربين إلى الداخل، وتخفيض الرسوم المفروضة على التحويلات المالية من الأردن وإليه بموجب خطة التنمية المستدامة.
كما قدمت الدراسة مجموعة من التوصيات للاستفادة من المهاجرين والمقيمين في العملية الاقتصادية والتنموية المحلية، وتتمثل هذه التوصيات في التوصل إلى آلية لتتبع وقياس التحويلات المالية، وتنظيم عمل الشركات التي تستقدم العمال المنزليين ووضع التي يرسلها المهاجرون من الأردن وإليه، إضافة إلى إيجاد بدائل تكنولوجية مبتكرة لإرسال التحويلات المالية باستخدام الوسائل الرقمية وحلول مصرفية تستهدف المهاجرين وتتناسب مع معايير وشروط وآليات لحمايتهم، والعمل على المهارات والاستثمار في قوة العمالة الماهرة في الداخل تستفيد منها الجهتان، ما يساعده على أن يصبح أكثر إنتاجية وأكثر قدرة على المنافسة، وتصويب أوضاع غير الأردنيين المقيمين في الأردن من خلال تيسير طلبات الإقامة القانونية أو التشجيع على العودة الطوعية والآمنة للمهاجرين غير النظاميين، إضافة إلى فرض الضمان الاجتماعي الإلزامي على الجميع ومنحهم أجرا عادلا وتعويضا وراتبا تقاعديا ومكافآت نهاية الخدمة، فضلا عن ضرورة جذب المزيد من الاستثمارات الأجنبية المباشرة والحد من البطالة، ويمكن للمهاجرين أيضاً الدخول إلى بلدان المقصد كعمال مهرة لتلبية الطلب على العمالة الماهرة.