البيئة تعزوها للبيانات غير الدقيقة

الاعتماد على بيانات غير دقيقة يسبب تراجع الأردن بتقرير الأداء البيئي

مبنى وزارة البيئة - (تصوير: أمجد الطويل)
مبنى وزارة البيئة - (تصوير: أمجد الطويل)

يشكك خبراء بيئيون بقدرة الحكومة على تحقيق "قفزة نوعية" في تقرير مؤشر الأداء البيئي العالمي لأعوام 2022-2023، الذي يتوقع صدوره الشهر الحالي، وفقا لما ورد من "وعود لها" في رؤية التحديث الاقتصادي.

اضافة اعلان


وتسعى الحكومة، ووفق ما ورد في الرؤية ضمن محور الاستدامة "رفع ترتيب الأردن في مؤشر الأداء البيئي العالمي ليصبح ضمن أعلى من 20 % أي إلى المرتبة 36".


وفي تقرير الأداء البيئي لعام 2020، الصادر عبر برنامج التحصين الموسع الذي تشرف عليه جامعتا ييل وكولومبيا، فإن الأردن احتل المرتبة 48 في ترتيب دول العالم لعام 2020، والثالث على مستوى الدول العربية.


ولكن أظهر تقرير عام 2022 تراجع الأردن الى المركز 81 في ترتيب دول العالم، متراجعا بذلك 33 مركزا؛ ومتقدما إلى المركز الثاني على مستوى الدول العربية. 


وتعود أسباب التراجع في رأي الخبراء لـ"الضعف وغياب التكاملية" في إدارة ملف القطاع البيئي، الذي يتطلب "نهجاً مختلفا"، و"جدية" في التعامل مع القضايا البيئية. 


وألقت وزارة البيئة المسؤولية، في تصريحات لـ"الغد" تراجع الأردن ضمن مؤشر الأداء البيئي العالمي على "جامعتي ييل وكولومبيا" المسؤولتين عن برنامج التحصين الموسع، لكون البيانات التي استندت عليها في تقييم الأردن "غير دقيقة".


على أن تقرير حالة البلاد للعام الماضي كان قد أشار الى أن التقدم المحرز على صعيد البيئة يعد "محدوداً"، رغم تزايد الاهتمام بالقضايا البيئية والضغوط على عناصرها، والمتمثلة بالتسارع في الزيادة السكانية، والرقعة العمرانية، والتنوع في الصناعات.


وأكد رئيس اتحاد الجمعيات البيئية (الاتحاد النوعي) عمر الشوشان أن "الضعف" في إدارة الملف البيئي على المستوى القانوني والفني، و"غياب التكاملية"، والتنسيق بين القطاعات الحكومية من جهة، والقطاعات الاقتصادية والمجتمع المدني من جهة أخرى في تنفيذ البرامج، والمشاريع التي من شأنها تعزيز وتحسين الأداء البيئي الوطني من الأسباب لتراجع الأردن في المؤشر.


ويأتي ذلك الأمر، بحد قوله "رغم توفر الإرادة السياسية العليا، وحثها على تقديم الأردن كنموذج عالمي وإقليمي بالتوازن بين حماية الموارد البيئية، وتحقيق نمو اقتصادي أخضر، وتوفير فرص العمل الخضراء، وصولاً لتحقيق أهداف التنمية المستدامة".


ومن أجل تحسين ترتيب الأردن في مؤشر الأداء من وجهة نظر الشوشان، لا بد من الانتقال من "الإدارة البروتوكولية" للقطاع البيئي لــ "العمل الجاد" بتحقيق نتائج إيجابية مبنية على أساس المعرفي، والضرورة الوطنية.


وهذا يحتم على الحكومة الابتعاد عما وصفه "بالمجاملات" في حضور المؤتمرات الدولية، وندوات وورش عمل "لا تسمن ولا تغني"، في ظل التحديات الكبيرة التي أثقلتها موجات اللجوء الإنساني على مواردنا الطبيعية الوطنية، التي تآكلت بشكل متسارع في الآونة الأخيرة.


كما يجب الدفع باتجاه الاستثمار في وزارة البيئة حتى تصبح قادرة على النهوض بواجباتها القانونية والفنية، وقيادة القطاع البيئي في ظل المتغيرات العالمية المتسارعة، وخاصة في العمل المناخي، وتوظيف الطاقات البشرية الوطنية في تحقيق النموذج المنشود، بحسبه.


بيد أن مساعد الأمين للشؤون الفنية في وزارة البيئة د. جهاد السواعير أكد أن "تقدم بعض الدول على الأردن، وضمن تقرير الأداء يعود لكونها حققت إنجازات في مؤشرات كانت المملكة قد سبقتها في تلك الخطوة في أعوام سابقة".


ولأن المملكة "حققت المطلوب منها في بعض المؤشرات فإنها تبقى في ترتيبها ذاته، ودون أن يطرأ عليها أي تغيير في تقارير الأداء البيئي للأعوام المقبلة"، بحسبه.


وشدد على أن "مصادر المعلومات التي تعتمد عليها جامعتا ييل وكولومبيا، لإعداد التقرير وتقييم الأردن في معظم الأحيان غير دقيقة".


وذلك الأمر دفع بوزارة البيئة، بحد قوله "لعقد لقاءات مع المسؤولين عن إعداد التقرير في جامعة ييل لتزويدهم بمصادر المعلومات والبيانات الدقيقة، وبالمواقع الإلكترونية التي تتوفر فيها".


كما قامت الوزارة "بالتواصل مع القطاعات الحكومية المعنية بمؤشرات الأداء البيئي للحصول على البيانات الصحيحة التي زودت بها الجامعة".


وبناء على ذلك توقع أن "التقرير هذا العام سيحسن من ترتيب الأردن في ضوء تزويد المسؤولين بالبيانات الصحيحة".


وفي رأي الخبيرة في نوعية المياه والمتابعة لتقارير مؤشر الأداء البيئي د. منى هندية فإن "التراجع الحاد" في ترتيب الأردن على مستوى المملكة، وفي عامين فقط من عمل الحكومة، يجعل مسألة قدرتها على تحقيق "قفزة نوعية" ضمن مؤشر الأداء المقبل محل "تساؤل وشك".


ولفتت إلى أن نتائج التقرير السابق بينت أن الوصول إلى التنمية المستدامة لا يعتمد فقط على توفير رأس المال بل على "الإدارة الفعالة والرشيدة"، والذي يجب أن تضعه الحكومة بعين الاعتبار إذا ما أرادت تطوير هياكل الصحة العامة والبيئة، وتقليل التلوث.


ودعت "الحكومة بأن يكون تركيزها على محاور الحد من التلوث، والحفاظ على الموارد الطبيعية، والعمل عليهم بالتوازي".


وشددت على "وجوب أن تصدر التقارير البيئية المحلية سنوياً، مع الاهتمام بتلك الإحصائية والمؤشرات البيئية وتوحيدها مع العالمية لتحسين العمل البيئي".


كما وأكدت "تطوير التشريعات والاهتمام بتنفيذها مثل التعليمات المتعلقة بالضجيج، وتطبيق مبدأ التكافل بين قطاعات المياه والزراعة والطاقة في المملكة، لرفع ترتيب الأردن في مؤشر الأداء البيئي".


وصنف تقرير مؤشر الأداء البيئي لعام 2022 الأردن من خلال عوامل، حيث بيّن أن الأردن تراجع بشكل واضح إذ حاز على الترتيب 49 عالمياً في الآثار الصحية وتعرضها للمخاطر البيئية، وعلى المرتبة 46 في جودة الهواء، و62 في معالجة المياه العادمة، و76 في التغير المناخي، و155 في التنوع البيولوجي مقارنة مع تقرير العام 2020.


وحافظ الأردن، وفق النتائج، على الترتيب المنخفض لمؤشر الزراعة حيث حصل على المرتبة 139، وفي المنزلة 95 بشأن الملوثات والمعادن الثقيلة والرصاص، و47 في مياه الشرب والصرف الصحي.


ويقدم المؤشر ملخصاً قائماً على البيانات الخاصة بحالة الاستدامة حول العالم، وباستخدام 40 مؤشر أداء، عبر 11 فئة ترتكز على الصحة البيئية، وحيوية النظام البيئي والتغير المُناخي.


ويعتمد التقرير في منهجيته البحثية، بشكل عام، على تقييم أداء 180 دولة، وتصنيف مؤشراتها البيئية ضمن ثلاث مجموعات رئيسة، ويستند إعطاء القيم الرقمية لهذه المؤشرات إلى معطيات التقارير التأشيرية، وتلك الصادرة عن المنظمات، والكيانات الدولية، وغيرها من الجهات ذات الاختصاص.


ويتم حساب المؤشر الكلي للأداء البيئي من خلال وزن وتجميع المؤشرات لكل الفئات، وأهداف السياسة البيئية المحددة، وتستند من 0 (الأسوأ) إلى 100 (الأفضل)، ويتميز التقرير بشمولية منهجيته في الاعتماد على مقاييس ذات تأثير على مواجهة تغير المُناخ، وغيرها.

 

اقرأ المزيد : 

خطة عمل لتحسين مرتبة الأردن في مؤشر الأداء البيئي