تأسيس مجلس أعلى للصحافة.. هل يخدم الإعلام الأردني؟

الصحف الأردنية
الصحف الأردنية

يطرح إعلاميون وخبراء جملة من التساؤلات عن أفضل المرتكزات المنشودة التي ينبغي أن نبني عليها الإستراتيجية الوطنية للإعلام في المملكة، في ظل تطور الإعلام وتسارعه.

اضافة اعلان


وتساءلوا ماذا لو تم استحداث "مجلس أعلى للصحافة"، وماذا ستكون أهميته لمواكبة هذا التطور عبر دعم الإعلام الرسمي والخاص، وإطلاق صلاحياته للتحرّك بطريقة تتناغم مع الرسالة الوطنية الإعلامية؟ وهل سيتمكن هذا المجلس، إن وُجد، من بلورة مُحدّدات السياسة الإعلامية والرسائل الوطنية؟


من هنا، قال مؤسس وعضو مجلس إدارة مركز حماية وحرية الصحفيين نضال منصور: "نحن لا نعارض أي توجه يمكن أن يساهم بدعم الإعلام في الأردن ودعم تفكير الحكومات والدولة الأردنية في التعامل مع الإعلام، فهذا مبدأ راسخ".


وأضاف منصور: "من هذا المنطلق، يجب أن تكون هناك مُحدّدات، ودراسة للتحديات التي رافقت المملكة منذ تأسيسها في التعامل مع الإعلام".


وأكد بالقول: "يجب أن نسأل أنفسنا: أين نجحنا وأين أخفقنا؟ وما التحديات وقصص النجاح؟ وما المتطلبات ليكون الإعلام الأردني صوتا مسموعاً حاضراً على المستوى الوطني والإقليمي والدولي، بحيث يمكّن الدول الأردنية من تقديم سرديتها بشكل فعال؟".


وبحسب منصور "على مرّ السنوات والعقود الماضية جربنا في الأردن توجهات مختلفة، وكانت لدينا وزارة إعلام ثم جاء التوجه بإلغائها من دون نقاش، أو دراسات معمقة حول: لماذا نؤسس ولماذا نلغي؟".


وقال: "منذ عامين تقريبا، بدأ الحديث عن وزارة اتصال حكومي، وأنها هي من ستتولى وضع إستراتيجيات الإعلام"، مقترحا أن يُمنح وقت كاف لهذه الوزارة، وأن تُعطَى الصلاحيات، وأن يكون لديها تصور واضح عابر أوسع من قصة أن تبقى في حدود معينة من القضايا.


وأضاف: "أعتقد أن مبادرة وزير الاتصال الحكومي بتفعيل منتدى التواصل الحكومي هي خطوة إيجابية؛ لأنها توفر المعلومات، وهذا ما يحتاجه الإعلام".


وتابع: "نريد أن نهتم بصناعة الإعلام؛ لأنه لا يوجد لدينا إعلام قوي، وصناعة الإعلام لا تقتصر على وجود الموارد البشرية اللازمة، بل يجب أن تتوفر أيضا الموارد المالية".


وقال منصور: "يجب أن نؤمن بأننا نريد إعلاما وطنيا، لكن على أن نوفر حواضن ومناخا للنجاح".


من جانبه، قال نقيب الصحفيين السابق الزميل طارق المومني، إنه "قبل التفكير بأي جسم بديل، لا بد من الإجابة عن سؤالين هما: "ماذا تريد الحكومة من الإعلام في ظل التطور المُذهل في وسائل الاتصال والثورة المعرفية والتكنولوجية التي تجعل من الصعب التعامل مع الإعلام بالصورة التقليدية؟ وهل تؤمن أصلًا بحرية الصحافة؟".


وأكد المومني أن جُلّ ما تؤمن به الحكومات هو كيفية إبقاء السيطرة على وسائل الإعلام وإخضاعها للرقابة، وتعديل التشريعات للوصول إلى ذلك، وما يتم الحديث عنه بين فترة وأخرى عن مسميات توحي بالرغبة في الانفتاح وتعزيز استقلالية الإعلام ربما تأتي لإكمال صورة الديكور المطلوب للإصلاح، وهذا لا يعدو كونه مظهرا خادعا يتنافى مع النهج الصحيح لما يجب أن تكون عليه النظرة للإعلام. 


وقال المومني: "يجب أن تتحرّر الحكومات من الخوف من الإعلام، وأن تنظر له كرافعة أساسية للديموقراطية والإصلاح، وعين الرقيب الكاشف للحقيقة، وأن تسعى لتعزيز حرية الصحافة واستقلالية مؤسسات الإعلام والحد من مرجعياتها لتعبر عن الوطن بفئاته كافة، والانفتاح على وسائل الإعلام المختلفة والتدفق الحر للمعلومات، ومراجعة القوانين الناظمة للإعلام واختصارها في قانونين على أكثر تقدير أحدها تنظيميًا والآخر لمعالجة المخالفات التي ترتكب، والاستفادة من التقنيات الحديثة في علوم الاتصال".


وأضاف: "نحن لسنا بحاجة لإستراتيجيات ومجالس بقدر ما نحتاج لإرادة حكومية جادة وصادقة في ما يجب أن يكون عليه الإعلام، فالوصفة سهلة وأدواتها على درجة من الكفاءة والتميّز، وترجمة الأقوال إلى أفعال".


إلا أن المختص في قوانين الصحافة والإعلام والجرائم الإلكترونية الدكتور أشرف الراعي كان له رأي آخر، حيث قال إن فكرة "تأسيس مجلس أعلى للصحافة والإعلام يمكن له أن يسهم في التوعية القانونية بالواجبات والالتزامات المفروضة على الصحفيين والإعلاميين، وكذلك التقيد بالمبادئ والآداب والأخلاقيات التي يجب على الصحفي أو الإعلامي أن يلتزم بها ويعمل من أجل تحقيقها، نظراً لما للصحافة من دور اجتماعي، ورسالة وطنية تؤديها".


وأضاف: "فضلاً عن دور الصحافة الكبير في تأكيد سيادة القانون ومساندة العدالة فيما يتصدى له القضاء مع ضرورة الالتزام بالدقة، والموضوعية، والمهنية العالية، وعدم استغلال الصحفي مهنته من أجل تحقيق مكاسب شخصية".
وأكد الراعي أن هذا ما يؤكد عليه جلالة الملك عبدالله الثاني منذ توليه سلطاته الدستورية عن ضرورة أن يكون الإعلام وطنياً يمارس دوره بمسؤولية.


وأضاف أن التزام الصحفيين والإعلاميين بهذه المبادئ يُحقّق قدرتهم على النقد البناء من أجل تحقيق مصلحة المجتمعات، كما يحمي الجمهور من أي استخدام غير مسؤول للصحافة من أجل تحقيق أغراض معينة أو للترويج والدعاية، لا سيما في ظل الانتشار غير المسبوق للمنصات الرقمية ومواقع التواصل الاجتماعي والأنظمة الذكية.


وبين أن وزارة الاتصال الحكومي هي جهة حكومية تنفيذية للتشريعات، بينما يمكن أن يكون هذا المجلس بمثابة جهة استشارية تنفذ توصيات معينة للارتقاء بمستوى الصحافة والإعلام، ويعامل كهيئة مستقلة أو مؤسسة مجتمع مدني قادرة على التواصل مع مختلف الجهات الإعلامية وإعداد الدراسات والبحوث المتخصصة.


وحول الأسس التي يجب أن ترتكز إليها الإستراتيجية الوطنية للإعلام في المملكة، قال الراعي إن "الصحافة والإعلام لا بُدّ وأن يستندا بصورة عامة إلى الأسس المهنية والقانونية والأخلاقية التي وردت وترد في العديد من النصوص القانونية، سواء قانون المطبوعات والنشر أو قانون نقابة الصحفيين أو قانون هيئة الإعلام أو حتى قانون العقوبات وقانون الجرائم الإلكترونية".


وأشار إلى أن ذلك يجب أن يكون مقرونا مع دراسة الحقوق التي يتمتع بها الصحافيون كقانون حق الحصول على المعلومات، والتركيز على الجوانب الدستورية مثل حرية الرأي والتعبير وحق الإنسان في حياته الخاصة وغيرها من المبادئ الدستورية التي ترتبط بصورة مباشرة أو غير مباشرة بوسائل الصحافة والإعلام.

 

اقرأ المزيد : 

"الغد": حضور يمتد على مدى 19 عاما