أردنيات يرفعن الرأس

أبدأ بالسيدة الفاضلة زليخة أبوريشة؛ من سيرتها الاجتماعية المميزة، إلى كتاباتها الفكرية والسياسية، وأستاذيتها في لغة الكتابة وصناعتها. فهي التي تذكرني كتاباتها دائماً بثلة من سيدات أردنيات كريمات، انخرطن في الحياة العامة السياسية والإعلامية والأدبية، وسطرن إنجازات ونجاحات باسم المرأة الأردنية، تستحق كل الاحترام والتقدير، برغم تواضع الفرص التي تتيحها الدولة أمام المرأة الأردنية لتعزيز حقوقها وصون حريتها، من حيث أنها إنسانة أولاً، ومواطنة ثانياً.اضافة اعلان
وأود أن أشير هنا فقط إلى النساء الأردنيات البارزات من خارج "العلبة الرسمية"؛ لا لموقف عام من جميع نساء هذه "العلبة"، خصوصاً الإعلاميات منهن واللواتي لهن منا كامل الاحترام، وإنما بسبب ما أعتقد أنه تحيز لطالما ضرب "العلبة الرسمية" في اختيارها النسوي. وهو، على أي حال، تحيز لم يصب النساء فقط، بل كان للرجال نصيب منه أكبر بكثير من نصيب النساء.
على صعيد السياسة والعمل العام، كان وما يزال ثمة حضور لافت لسيدات فضليات، أدين دوراً وطنياً بمشاركات فاعلة في الأحزاب والنقابات، وباقي مؤسسات المجتمع المدني. أبرز من نتذكر منهن: إميلي نفاع، وعبلة أبو علبة، وآمنة الزعبي، ورفقة دودين، ود. هدى فاخوري، والنائب وفاء بني مصطفى.
وكذلك في الإعلام تكرس مجموعة الإعلاميات الأردنيات حضوراً مضيئاً منذ ما يزيد على عقدين من الزمن، وما يزلن على عطائهن حتى اليوم؛ تتقدمهن لميس أندوني ورندة حبيب، ورنا الصباغ
وجمانة غنيمات ورولا الحروب.
في مجال الأدب، تحلق الروائية سميحة خريس. وقد تمت ترجمة ثلاث من رواياتها إلى ثلاث لغات أجنبية. وعلى ذات الطريق تسير الأديبة والكاتبة المبدعة بسمة النسور. وتنضم إليهما رفقة دودين التي تغرد في سرب الكتابة والإبداع الملتزم.
في الدراما، ثمة رائدات صارعن تحفظات المجتمع، وضعف الإنتاج، وتحديات البدايات. وقد تجاوزت أسماء بعضهن الفضاء المحلي إلى سماء الدراما العربية. فمن لا يتذكر الرائعة جولييت عواد، وقمر الصفدي، وعبير عيسى، ونادرة عمران، وناريمان عبدالكريم، وصبا مبارك؟ وفي المسرح، ما تزال مجد القصص ورفيقات لها على سعيهن الدؤوب إلى إحياء مسيرة المسرح الأردني.
ولم تكن الكتابة الصحفية المتميزة والملتزمة استثناء في عالم إبداع الأردنيات، إن كان من موقع الفضاء الإعلامي الأوسع، كما سبق وأن ذكرنا بالإعلاميات القديرات، أو كان من موقع الكتابة الصحفية المتخصصة. فما يزال كثيرون يتذكرون منى شقير. بالمناسبة، أين أنت؟ كثيرون يسألون عنك عساك بخير، وأرجو أن لا تكوني قد أخذت بنصيحة رئيس الوزراء المتقاعد الذي داعبك يوماً جاداً، خوفاً عليك من كتاباتك. ننتظر عودتك إلى سربك. وننتظر عودة
د. فاطمة الصمادي كذلك، لإثراء الكتابة الصحفية إلى جانب زليخة أبوريشة، وحياة الحويك عطية، وبسمة النسور، وغيرهن.
سبحن ضد التيار، وزرعن حضوراً مضيئاً، برغم الموروث المعاكس والتقاليد المحافظة والطغيان الذكوري. وكن مبادرات، وصرن رائدات يحتذى بهن. وفخر الأردن بهن لا بد وأن يفوق فخره برجاله. هن اليوم طليعيات بين النخبة التي تنادي وتبشر بالتغيير والإصلاح.
لم يكنّ منقطعات في عطائهن عن إلهام ريادية أمهاتهن وآبائهن الذين منحوهن كل الاحتضان والدعم اللذين لم يكونا بلا ثمن. ولن يكنّ إلا ملهمات لبناتهن وأبنائهن في تمثل رياديتهن. فطوبى للأردن بهن.

[email protected]