أول حكومة أردنية بدون تدخلات

عملياً قد تكون حكومة الخصاونة أول حكومة يتم تشكيلها بعيداً عن التوصيات والترشيحات التي تأتي من جهاتٍ عديدة. مصادر مقربة أكدت لي شخصياً أن "المخابرات" لم تتدخل هذه المرة، واختارت أن ترفع يدها تماما، بناء على طلب رئيسها. كذلك، فالديوان الملكي العامر، وحسب مصدر موثوق جدا، قال إنهم لم يتدخلوا إطلاقا.اضافة اعلان
قد لا تعجب البعض تشكيلة الحكومة، وهذا أمر طبيعي، فأنت لا تستطيع أن ترضي كل الأذواق الأردنية التي تقوم على تفحص الأسماء وليس على تدقيق برنامج الحكومة، وتقوم على الحصص الجغرافية والعشائرية وليس على أجندة الحكومة وقدرتها على تنفيذها. الخصاونة نفسه قال إنه وجد صعوبة بالغة في اختيار الأسماء التي رأى أنها تساعده على اجتياز المرحلة، فهناك من يعترض على الحكومة لأنها ليست منتخبة، بغض النظر عن فعاليتها وقدرتها على تحقيق إصلاحات أخرى جذرية. البعض لن يرضيهم وجود بعض الأسماء، وآخرون يُشككون في قدرة الحكومات الأردنية، حتى لو كانت منتخبة، على تحقيق إية إصلاحات، هؤلاء متشككون بطبيعتهم وإرضاؤهم غاية لا يمكن إدراكها.
المثير في موضوع هذه الحكومة، ما نشره بعض الزملاء عن الدكتور عون الخصاونة، أثناء لقائه مع بعض قيادات الأحزاب، وجزمه أنه لن يعتمد القائمة النسبية لقانون الانتخاب، وأنه ينوي ويخطط لفرض الأحكام العرفية. وتصريحات أخرى غير أكيدة، مبكرة جدا، اشتممتُ فيها رائحة الخبث السياسي، فهؤلاء يعلمون أن مجموعة من السياسيين والإعلاميين، وأنا منهم، يعتبرون القائمة النسبية وقانون الانتخاب حداً فاصلاً بينهم وبين الحكومات، فهل يريدون إشعال فتيل معركة لم تبدأ بعد بيننا وبين الخصاونة؟ وكما نأمل أن تكون ممثل هذه التسريبات غير صحيحة، نأمل أن تمنح قوى الشد العكسي، وأصحاب المصالح، ولو من باب الأعراف الصحفية الأردنية، الرئيس والحكومة الجديدة فرصة 100 يوم للبدء بتنفيذ برنامجه، حتى نعرف خيره من شره ونفهم توجهاته ومخططه، خاصة في القضايا المفصلية كالتعديلات الدستورية والتشريعات والقوانين النافذة.
يحتاج بلدنا فرصة للوقوف على قدميه، ولا يتأتى ذلك إلا بالتوقف عن النظر إلى الحكومة ممثلة بشخص رئيسها، وليس بتوجهاتها وبرنامجها. لذلك فالأحزاب السياسية، والحراكات الشعبية الواعية مطالبة أن تدفع بهذا الاتجاه، وفترة الـ 100 يوم ليست كثيرة، فقد يقوم كاتب هذه السطور، بالوقوف في صف الذين يرون أنها حكومة غير ناجحة، في شكلها وتشكيلتها وجوهرها وبرنامجها وقدرتها على تنفيذه، وقد نستمر جميعا في الوقوف خلفها، لدعمها وتشجيعها، إذا ثبت عكس ذلك.
الكرة الآن في ملعب مجلس النواب، الذي فقد ثقة الشعب حين منح حكومة سمير الرفاعي ثقة مبالغا فيها، ومنح البراءة في قضية الكازينو.  النواب متأكدون أنه لن تحدث ضغوطات أو اتصالات تطالبهم بمنح حكومة الخصاونة الثقة، ويعلمون أنها حكومة يرضى عنها الشارع والمواطن العادي، ويستطيعون أن يقفوا مع هذه الصفوف التي تريد أن تمنحها فرصة حذرة مشروطة. وإذا لم يحدث، وهذا أمر متوقع، قد يجد الكثيرون المبررات والمسوغات لحل المجلس، لمنع دخول البلاد في أزمة سياسية معقدة، لا أحد يعلم حجمها.