الحكومة الإيرانية العاشرة ومخاض التشكيل

يستعد الرئيس الإيراني محمود احمدي نجاد لتقديم حكومته إلى مجلس الشورى للحصول على الثقة، هذه الخطوة التي لا يبدو أنها ستكون يسيرة على الرئيس والأسماء التي اقترحها.

اضافة اعلان

الرئيس أحمدي نجاد كان قد رفع شعاراً بأنه باقٍ عند شعاره الذي طرحه في فترته الرئاسية الأولى بأنه سيشكل حكومة ال 70 مليون إيراني، مؤكداً على أنه بهذه الخطوة يثبت أنه رئيس لكل الإيرانيين.

هذا الأمر لا يبدو أن هناك اتفاقا داخل إيران على أنه تحقق، والصورة تبدو على العكس، أن الرئيس اختار أشخاصاً ليسوا الأفضل بين النخبة السياسية المحترفة في إيران، وهذا الانتقاد جاء حتى من قبل قوى التيار المحافظ. فمجلس الشورى (البرلمان) الذي يسيطر عليه المحافظون لا يخف عدم رضاهم عن حكومة احمدي نجاد السابقة.

أداء الرئيس وطريقة تعامله مع وزرائه تبدو أيضا مسألة مثيرة للجدل، فالرئيس مثلا لم يتردد في إقالة وزير المخابرات في أجواء سياسية مضطربة، هذه الإقالة قيل حينها أنها بسبب مخالفة الوزير محسن اجي لحضور رحيم اسفنديار مشائي جلسة مجلس الوزراء، فجاء الرئيس ليرجع الكرة إلى ملعب الوزير بالقول انه فشل في تقديراته بالنسبة لما تسميه السلطات الإيرانية بالثورة الناعمة.

التشكيل الجديد للحكومة الإيرانية وكما يقول الرئيس اعتمد على قيادات شابة، وهو الأمر الذي لا يبدو حتى كتابة هذه الكلمات انه سار لأعضاء مجلس الشورى. البحث عن العناصر الشابة كما يرى أعضاء في البرلمان إنما يعكس عدم رغبة وزراء محترفين من العمل مع الرئيس، ويرى أعضاء في البرلمان أن اختيار ثلاث سيدات لشغل مناصب وزارية إنما حصل بسبب عدم قدرة الرئيس على إقناع وزراء رجال لتولي هذه المناصب.

انتخاب الوزراء يتم من قبل الرئيس الذي كان قد شكل لجنة لترشيح أسماء له، ويراعي فيه الرئيس وجهة نظر المرشد لا سيما فيما يتعلق بوزير المخابرات، أما بقية الوزراء فعادة الرئيس ما يأخذ بعين الاعتبار التوازنات السياسية داخل التيار السياسي الأقرب له.

التيار المحافظ لا يبدو مرتاحاً لتعيين ثلاث وزيرات، مما سيضاعف من الضغوط على الرئيس. الطرف الذي يجب أخذه في الحسبان عند التشكيل، وهو الأهم دستورياً فيما يتعلق بالتشكيل الكلي للحكومة هو البرلمان، تلك المؤسسة التي لا يبدو أن الرئيس –وفق نواب في المجلس- قد قام بالمشاورات الضرورية معهم، ما يعني، وفق نائب رئيس مجلس الشورى، ترك الباب مفتوحا لرفض تعيين خمسة وزراء على الأقل من الذين اقترحهم الرئيس.

ولعل سبب القلق الذي يثيره بعض أعضاء مجلس الشورى يعود إلى أن غالبية الوزراء المقترحين غير معروفين وليس لديهم شهرة في العمل السياسي. ويشار، هنا، إلى أنه ليس في الحكومة الإيرانية إلا سبعة أسماء تولوا سابقا مناصب وزارية، وهذه المناصب تولوها فقط في الحكومة التاسعة أي في حكومة أحمدي نجاد السابقة.

هناك انطباع آخر متعلق بتشكيل الحكومة الإيرانية العاشرة وهو أن الرئيس يريد وزراء يطيعونه، لا سيما في الوزارات الحساسة، مثل الداخلية والمخابرات والخارجية والنفط والثقافة والإرشاد الإسلامي. وهذا ربما يثير حساسية كبيرة لدى مجلس الشورى لأنه بذلك يبحث عن الوزير المطيع وليس الوزير صاحب الخبرة.

تشكيل الحكومة كان يمكن أن يعطي فرصة لترميم بعض ما خلفته نتائج الانتخابات الرئاسية من انقسام داخل النخبة السياسية الإيرانية، وبالتالي فإن تشكيل حكومة عريضة وربما حكومة وحدة وطنية قد يساهم في التقليل من الاحتقان، لكن ذلك لا يبدو انه يشكل أولوية للرئيس. لذلك فإن القلق يبقى قائماً حول قدرة الحكومة في التعامل مع التحديات التي تواجه إيران، سواء المتعلق منها بالانقسام السياسي الشديد أو بالضغوط الدولية الموجودة الآن أو تلك القادمة!