عبث الإنسان بالطبيعة

استبعد خبراء نظرية المؤامرة التي تشير إلى حقن أسماك القرش لكي تهاجم السياح على شواطئ شرم الشيخ مؤخراً، لسبب بسيط هو أن شواطئ إيلات ليست بمنأى عن ثورات غضبه، ذلك أن القرش يسعى إلى رزقه قاطعاً ألف كم. ويبقى السؤال: ما الذي غيَّر عادات هذا النوع المفترس من الأسماك التي لا تنهض لغذائها إلا ليلاً، وتحديداً بُعَيد المغرب وقُبَيل الفجر؟؟ ما الذي جعلها تستلطف لغذائها سائحات أجنبيات مسالمات يسبحن على سطح المياه لا في الأعماق؟ كل الأصابع تشير حتى الآن إلى أن تدخل الإنسان العشوائي في النظام الغذائي للأسماك فرض تغييراً على سلوكها. فالبحار هي البيت الطبيعي للكائنات البحرية، والإنسان هو الضيف عليها لا العكس. ولذا حذر الخبراء من الحملات الرعناء التي هبت إثر حوادث الاعتداء للقضاء على سمك القرش لأن في ذلك إخلالاً في النظام البيئي للطبيعة. كما يحذر الخبراء من تدخل الإنسان في إطعام السمك، سواء أكان ذلك عن قصدٍ أو بإلقاء القمامة، لأنه يجعله يغير عاداته، وبدل أن يتغذى على الكائنات البحرية ها هو يتغذى على الإنسان!!

اضافة اعلان

الشاهد فيما جرى ويجري من كوارث طبيعية، ليس آخرها هذه العاصفة المجنونة المدمرة التي تضرب المنطقة، هو أن الإنسان الذي أخل بتوازن الطبيعة ها هو يدفع الثمن. ويبدو أن الوعي البيئي في بلادنا مايزال أسير جهلنا وأميتنا. فنحنُ نلقي بقمامتنا في الطبيعة كأنَّ أيَّ مكان خلا بيتنا وسيارتنا مزبلةٌ لنا نتصرف فيها. ولذا حوَّلنا الشوارع والأزقة إلى حاوياتٍ تستدرجُ الحشرات والأمراض. وبدل أن يستمتع بعدنا في نزهاتنا بقية البشر كما نحبُّ لأنفسنا، تركنا من مخلفاتنا ما يستثير القرف، وخلقنا للذباب والبرغش وغيرها من الهوام بيئةً ملائمة للتكاثر والازدهار. وإذا كانت التربية قد أخفقت في تنشئة أجيالٍ مستنيرة العقل تتفاعل بالمنطق والحكمة والقانون، فإنها أخفقت في تعليم الطلبة، الذين سيصبحون شعبا، أن يتفاهموا مع الطبيعة لا أن يشتموها بل ويغتصبوها كلما تماسوا معها.

إن حادثة سمك القرش على شواطئ شرم الشيخ مؤخراً ينبغي أن تكون لنا جميعاً درساً نتعلم منه أن نوقف فورا العبث بالطبيعة، والتدخل في التوازن البيئي، واستمراء تغيير التضاريس واجتياح الشجر واغتيال الأرض الزراعية، وهي سلوكات عدوانية جائرة لا تنتج إلا تصحرا وحبسا للأمطار.