محمد صلاح وزملاؤه.. تمثيل مشرق للإسلام..!

ركز الإعلام الغربي ووسائل الإعلام الاجتماعية مؤخراً على تشجيع جماهير نادي ليفربول الإنجليزي للاعب كرة القدم المصري محمد صلاح. وليس تشجيع لاعب بارع يسجل الأهداف شيئاً جديداً، مهما كان أصله العرقي وديانته. لكن الملفت في حالة صلاح هو الروح الإيجابية التي عبر عنها الجمهور الإنجليزي تجاه الإسلام بسبب اللاعب العربي.اضافة اعلان
تقول كلمات الهتاف: "مو (محمد) صلاح.. إذا كان جيداً بما يكفي بالنسبة لك/ فإنه جيد كفايةً بالنسبة لي/ إذا كان يجلسُ في المسجد، هناك أريد أن أكون/ إذا سجل بضعة أهداف أخرى/ فسوف أكون مسلماً أنا أيضاً"!
صحيفة "إكسبرس" البريطانية وصفت النشيد بأنه "رائع" و"عبقري"، ولم تُشِر إلى الموضوع الديني الظاهر فيه، وركزت فقط على إنجازات صلاح وسيرته التي أوصلته إلى استحقاق هذا المديح. لكن صحيفة "الواشنطن بوست" الأميركية نشرت تقريراً عن النشيد بعنوان: "مشجعو ليفربول لكرة القدم يغنون المدائح –حرفياً- للاعب مسلم". ويظهر من العنوان أن هناك استغراباً للمسألة بوصفها شيئاً جديداً.
محمد صلاح ليس اللاعب المسلم الوحيد في دوري كرة القدم الإنجليزي والدوريات الأوروبية الكبرى. وهناك عدد كبير من أفضل لاعبي كرة في أوروبا من المسلمين. ويحظى هؤلاء اللاعبون بإعجاب وتشجيع الجماهير الأوروبية، ويعبر معظمهم عن انتمائهم الإسلامي بقراءة الفاتحة قبل دخول الملعب. لكن محمد صلاح يختلف عن البقية بطريقة احتفاله بتسجيل الأهداف: السجود شكراً لله في الملعب، في تعبير أوضح عن هويته الإسلامية. ولا شك أن الجمهور يعرف ما يعنيه ذلك، ولذلك قال المشجعون إنهم سيتبعونه إلى المسجد عندما يسجل الأهداف.
الجديد والمثير للاستغراب في نشيد المشجعين الإنجليز لصلاح، هو ما أوضحته الواشنطن بوست باقتباس تقارير شبكة "فير" (سابقاً "كرة قدم ضد العنصرية في أوروبا)، وهي منظمة غير ربحية مقرها لندن وتدرس التمييز في كرة القدم. ومن تحليل آخر ثلاثة مواسم لكرة القدم في أوروبا، استخلصت الشبكة أن المشجعين البريطانيين كانوا مسؤولين عن أكبر عدد من الحوادث ذات الطبيعة العنصرية، والقومية والمعادية للإسلام في كل ملاعب أوروبا في هذه الفترة. ويقول المدير التنفيذي للشبكة، بيارا باور: "هذه هي المرة الأولى التي أشاهد فيها مثل هذا التقدير الوافر والإيجابي والواضح، الذي يشمل دين (لاعب)".
هناك أيضاً أغانٍ أخرى يعبر فيها جمهور ليفربول عن حبه لمحمد صلاح، والتي تشير إليه بأوصاف "الفرعون" أو "الملك المصري". وتقول إحداها: "إنه يركض على الجناح/ الملك المصري"! وتقول أخرى: "لقد جلبنا الفتى من روما وهو يسجل في كل مباراة/ "إنه مصري، ورائع، ومحمد هو اسمه". ويقول بيارا: "صلاح يلعب جيداً، وهو يثير حماسة المشجعين، ويجعلهم أكثر استعداداً للقبول بخلفيته العرقية والدينية بينما لم يكونوا يفعلون ذلك سابقاً". ويضيف: "اللاعبون الجيدون يكسرون الحواجز. ونحن نعلم أن تقدير شخص ما كلاعب يفضي حقاً إلى النظر في هويته، وبالنسبة لكثير من المشجعين، القبول بهويته".
بطبيعة الحال، لن يعتنق مشجعو ليفربول الإسلام بسبب صلاح. لكن النظرة الإيجابية التي عبروا عنها تجاه الإسلام باستلهام اللاعب هي شأن مهم. هناك بيننا مَن يُخرجون محمد صلاح –المسلم الملتزم بوضوح- من الملّة، باعتبار أنه يمارس لعبة يعتبرونها سخيفة تصرف الانتباه عما هو مهم. لكن البديل الذي يطرحه المتعصبون لعرض صورة الإسلام والمسلمين لا تجلب سوى الخراب: صورة القتل وقطع الرؤوس والأيدي والتفجيرات وقتل المدنيين الأبرياء، وتقديم الإسلام كدين عدواني إقصائي يستهدف كل أتباع الديانات الأخرى بالتصفية ويعادي الحضارة. وما مِن مكسب يجلبه مثل هذا التمثيل للعرب والمسلمين وحضارتهم، سوى استجلاب الكراهية والازدراء والحصار.
لاعبو كرة القدم المسلمون الكثر، الذين يعلنون انتماءهم الديني بطريقة بسيطة -تلاوة الفاتحة على خطوط الملاعب- يفعلون أفضل لدينهم وحضاراتهم وأممهم من "الجهادي" بالمعنى المتطرف الشائع الآن. ففي نهاية اليوم، لا يبدو أن التفجيرات وقطع الرؤوس تجعل العرب والمسلمين قوى عظمى أو تنصر قضاياهم. وفي حين جعل صلاح الإنجليز العنصريين "يغنون المدائح" لمسلم ويمتدحون دينه، لن يفعل ذلك حتماً "جهاد" الانتحاري الذي يغتال بضعة مدنيين بريئين في لندن أو باريس، ويزعم أنه أخضعَ الغرب وفتح روما.