"ذيب": ملحمة صحراوية ذات بعد بصري وإنساني عميق

مشهد من فيلم ذيب- (ارشيفية)
مشهد من فيلم ذيب- (ارشيفية)

إسراء الردايدة

أبوظبي- بين سحر الصحراء الأردنية ووادي رم، يأتي "ذيب" لينقش نضوجه في رحلة ملحمية بين صراع البقاء وترجمة دروس الحياة بالفطرة، ويلتقط العلاقة بين المكان والأفراد والقدرة على التكيف في حقبة تعود لما قبل الحرب العالمية الأولى والثورة العربية الكبرى في 1916 وإنشاء الخط الحجازي الحديدي والتغيرات التي طالت تلك المنطقة.
الفيلم الذي عرض لأول مرة في العالم العربي، أول من أمس، في قصر الإمارات وضمن مشاركته في مهرجان أبو ظبي للأفلام في مسابقة "آفاق جديدة"، من إخراج الأردني ناجي أبو نوار وإنتاج باسل غندور، ولقي إعجابا كبيرا؛ حيث استقبله الجمهور بتصفيق حاد فور انتهاء العرض.
بطل الفيلم هو الفنان جاسر عيد الذي قام بدور ذيب، الطفل الذي يشهد مرحلة تحول كبيرة في رحلة نضوجه بتحد كبير في بيئة صحراوية قاسية، ويعيش ذيب في قبيلة بدوية مع أخيه حسين الأكبر، الذي يمثل في حياته كل شيء؛ الأب الغائب والمرشد والمعلم، لكن كل شيء يتغير فجأة حين يجد ذيب نفسه في مواجهة مع الصحراء وحيدا حين رافق أخاه حسين "حسين سلامة" في رحلة مع الجندي الانجليري "جاك فوكس" للبحث عن الكتيبة الانجليزية.
التوحد بين الأبطال بعفويتهم ولهجتهم البدوية الخاصة، التي ترجمت للعربية الفصحى على الشاشة نظرا لخصوصيتها وصعوبة فهمها، لون الفيلم بأصالته أكثر فأكثر وجعله مزيجا من رحلة سحرية لا تخلو من المعاناة. تلك التعابير التي يحملها ذيب في وجهه قالت كل شيء؛ ألمه ولهفته وقوته التي اكتسبها من محيطه ومن شقيقه حسين وظفها في البقاء على قيد الحياة.
المكان والزمان والحقبة رسمت بشاعرية من خلال التصوير والمشاهد الخلابة التي تعكس جمالية الموقع من جهة والخصوصية التي يحتلها الأردن كموقع لتصوير الأفلام كونه أول موقع عربي صور فيه فيلم، وهو فيلم "لورنس العرب".
في ما العفوية بدت واضحة جدا في أداء الممثلين رغم أنهم يقفون لأول مرة أمام الكاميرا، لكنهم خضعوا لورش تدريبية استمرت 8 أشهر، ولكن خصوصيتهم تنبع من كونهم من البدو وقادرين على العيش في الصحراء وركوب الإبل، ويعرفون طبيعة المكان وتألفهم معه، فضلا عن اللهجة البدوية التي لها سرها الخاص.
"ذيب" لوحة إنسانية بصرية غنية بالمشاعر، وهي مغامرة ويسترن غربية كما أرادها مخرجها أبو نوار بنكهة شرقية من الصحراء الأردنية.
وبعد نيله تزكية خاصة من قبل مهرجان لندن السينمائي الدولي قبل أسبوع وحصوله على جائزة أفضل مخرج في مسابقة اوريزونتي (آفاق جديدة)، فإن رحلة "ذيب" العالمية تنطلق في جولته العالمية.
ومن الجدير ذكره أن الفيلم أهدي لروح الفنان والمهندس علي ماهر، وبحسب المخرج أبو نوار حين اعتلى المسرح بعد عرض الفيلم في مراسيم احتفالية ضخمة، فإن إهداء الفيلم للراحل علي ماهر مرتبط بالدعم الكبير الذي قدمه له ولفريق العمل ولكل فنان في الأردن ذي طموح له حكايته مع هذا المبدع.
ويضم طاقم العمل كلا من؛ جاسر عيد، حسن مطلق، حسين سلامة، مرجي عودة، جاك فوكس، فيما كتب السيناريو ناجي أبو نوار وباسل غندور، ومونتاج روبرت لويد، تسجيل الصوت فلاح حنون، تصميم الصوت داريو سويد، الموسيقى جيري لاين، تصميم الديكور أنا لافيل، تصميم الملابس جميلة علاء الدين، الشعر والمكياج سليمان تادرس، مساعد المنتج ينال قصاي عيد الصوالحين ومعن عودة.

اضافة اعلان

[email protected]

@Israalradaydeh

 أبو نوار لـ الغد: الحياة البدوية مصدر خصب لصناعة الأفلام السينمائية

عمان- ولدت فكرة صناعة فيلم "ذيب"، بحسب ما صرح به مخرجه ناجي أبو نوار لـ"الغد" من رغبته التي تمثلث في إنجاز فيلم بدوي غربي، ويقول "فكرت في الحياة البدوية وقصصها التي لطالما كانت مصدرا خصبا ومناطق مميزة لصناعة الأفلام للسينما"، لافتا إلى أنها تتماشى كثيرا مع السينما الغربية والسينما الشرقية وتحديدا أفلام المخرج الياباني أكيرا كوروساوا.
ويضيف أبو نوار أنه بعد أن وجد القصة الملائمة بعد مقابلة المنتج باسل غندور، الذي كان لديه سيناريو فيلم قصير درامي، قاما بتحويله معا إلى فيلم روائي طويل من ثم تطويره إلى شكله الأخير.
واستغرق تطوير الفيلم، بحسب أبو نوار، عامين منذ 2010 وحتى 2012، منوها إلى أن السنة الأولى قضاها بالسفر والبحث باتجاه الجنوب من أجل إيجاد المكان المناسب لتصوير الفيلم واختيرت قرية شاكريا في وادي رم، وتم هناك أيضا عقد ورشات عمل للتمثيل، وفي العام التالي انتقل فريق التطوير لوادي رم؛ حيث تم إجراء ورش عمل للطاقم لتطوير المواهب وخصوصا التمثيلية.
وفي ما يتعلق بعنوان الفيلم، وهو اسم الشخصية الرئيسية أيضا، يوضح أبو نوار أن الاسم مألوف لدى الأردنيين؛ إذ يستخدم كمجاملة للشخص الشجاع القوي الماكر.
ولكن بالنسبة للبدو، فهناك العديد من الصفات التي تتعلق بـ"الذيب"، كما يقول، فهو أولا حيوان ذكي وصياد ماهر، معروف بولائه لقطيعه أو قبيلته وهي صفة مشتركة بين البدو وعنصر رئيسي في الثقافة البدوية والعربية بشكل عام.
أما تمويل إنتاج الفيلم فكان صعبا في البداية، بحسب أبو نوار، ولكن تم الحصول على الدعم من مجموعة رائعة والتي تفكر بما هو آت وبالمستقبل، إلى جانب الدعم الفردي وغالبيتهم من الأردنيين، الذين أسهموا في معظم الميزانية والعديد من الهيئات أيضا التي ساعدت على إنجاز الفيلم ومنها؛ صندوق الملك عبد الله الثاني للتنمية، إلى جانب الدعم الذي ناله الفيلم من "صندوق سند" في أبو ظبي، و"مؤسسة الدوحة للأفلام"، وصندوق "فيجونز سود إيست" السويسري.
ويلفت في الوقت نفسه للمواهب المحلية التي أسهمت في صناعة الفيلم وتنفيذ أقسامه المختلفة كفريق واحد ويتمتعون بموهبة كبيرة وضحوا وبذلوا الكثير من الجهد لإنجاز فيلم "ذيب" بالصورة النهائية.
ويشيد أبو نوار بدور صندوق الملك عبد الله الثاني للتنمية في دعم الفيلم؛ حيث سيسهم في عرض الفيلم في المجتمعات المحلية، خصوصا تلك التي لا تملك دورا للسينما وسيحصلون على الفرصة لمشاهدته.