كيف نستثمر الموقع الجغرافي للمملكة اقتصاديا؟

منظر عام لمدينة عمان-(تصوير: أمير خليفة)
مدينة عمان

كيف نستثمر المقومات الجغرافية للمملكة اقتصاديا؟ للإجابة على التساؤل لا بد من الوقوف على المعيقات والمزايا في آن واحد، فجانب التوترات السياسية والعسكرية في المنطقة يعتبره البعض عقبة تعيق جذب الاستثمارات وتحد من استثمار الموقع تجاريا، إلا أن البعض يعتبر الأمر ميزة يجب استثمارها بسياق أن الأردن الدولة الأكثر استقرارا وأمانا في الإقليم.

اضافة اعلان


الأردن يحتل موقعا جغرافيا مميزا يتوسط منطقة الشرق الأوسط، ما يتيح له أن يكون نقطة اتصال وتجارة حيوية واستراتيجية، ما يجب أن ينعكس على جذب الاستثمارات ودعم الخزينة العامة للمملكة وتحقيق الاقتصاد التكاملي في الاقليم وفق ما يرى خبراء اقتصاديون.


وأكد هؤلاء الخبراء لـ"الغد" أن المملكة يجب أن تكون مركزا لوجستيا وخط تجارة ترانزيت نشط للمنطقة.


وبغية تعظيم الاستفادة من موقع الأردن الجغرافي اقتصاديا وتحويله إلى مركز جغرافي ولوجيستي فاعل، دعا الخبراء إلى ضرورة وضع خطط وإستراتيجيات وطنية لمشاريع نقل وربط إقليمي ذات عائد اقتصادي حقيقي، إضافة للارتقاء بنوعية شبكة الطرق والخدمات المساندة على امتدادها، إلى جانب أهمية تقديم الدعم والحوافز للقطاعات التصديرية.


ويشار إلى أن بيانات التجارة الخارجية للنصف الأول من العام الحالي الصادرة عن دائرة الإحصاءات العامة، قد أظهرت نمو الصادرات الوطنية لأغلب الشركاء التجاريين والتكتلات الاقتصادية، لتصل إلى نحو 4.198 مليار دينار، مقارنة مع 4.104 مليار لذات الفترة من عام 2022، إذ تصدرت دول منطقة التجارة الحرة العربية الكبرى، قائمة الشركاء التجاريين والتكتلات الاقتصادية لجهة الصادرات الوطنية بنسبة 17.4 %.


وارتفعت قيمة الصادرات إلى دول منطقة التجارة الحرة العربية، لتصل إلى 1.460 مليار دينار، مقارنة مع 1.244 مليار دينار في ذات الفترة من العام الماضي.


كما نمت الصادرات الوطنية مع دول الاتحاد الأوروبي خلال النصف الأول من العام الحالي، بنسبة 12.9 %، لتصل إلى ما يقارب 201 مليون دينار، مقارنة مع 178 مليونا للفترة ذاتها من العام الماضي.


الخبير الاقتصادي حسام عايش أشار إلى أن الأردن يعتبر مركزا رائدا في المنطقة حيث يتمتع بشبكة طرق واسعة تربطه مع دول عدة في المنطقة ما سمح له أن يكون أحد خطوط تجارة الترانزيت النشطة والمهمة في المنطقة.  


وأكد عايش على أن الجغرافيا عامل مهم في العلاقات الاقتصادية والتجارية لا يمكن تجاوزه، ويلعب دورا مهما في قيام التكتلات والتحالفات التجارية بين الدول، مشيرا إلى أن هناك اهتماما مؤخرا للاستفادة من هذه الميزة ومنها انخراطه في الآلية الخماسية المشتركة مع العراق والإمارات والبحرين ومصر.


وأوضح عايش أن هناك توجها أردنيا واضحا لتسخير موقعه الجغرافي اقتصاديا من خلال اقامة ترابطات وصيغ شراكة اقتصادية وتجارية مع دول الاقليم، ومنها الصيغة الخماسية المشتركة سالفة الذكر، إضافة إلى مشروع الربط السككي بين الأردن والسعودية، إلى جانب مشاريع الربط البحري بين الأردن ومصر.


وبين أن الموقع الجغرافي للأردن يتيح له أيضا الاستفادة من تصدير منتوجاته الزراعية والغذائية والصناعية إذ إن لكل هذا أثرا اقتصاديا مهما في اجتذاب الاستثمارات ودعم الخزينة العامة، عدا عن تخفيف معدلات البطالة. 


وأشار عايش إلى أن هناك عدة تحديات أعاقت طريقنا للاستفادة من موقعنا الجغرافي اقتصاديا كالتوترات السياسية في المنطقة، إضافة إلى ضعف الاستثمارات، وتغيير الأولويات الاقتصادية ما أعاق إنجاز مشاريع كان هناك تتطلع لتحقيقها محليا ومنها إقامة شبكات السكك الحديدية ومشروع الناقل الوطني وغيرها.


ويرى عايش أن تحويل الأردن إلى مركز جغرافي ولوجيستي فاعل، إضافة إلى استثمار الميزة الجغرافية التي يتمتع بها يحتاج إلى وضع خطط وإستراتيجيات وطنية لمشاريع نقل وربط إقليمي ذات عائد اقتصادي حقيقي، إضافة إلى توسيع المنافذ البرية للأردن مع دول الجوار، علاوة على أهمية توسيع شبكة المطارات لتمتد شمالا وجنوبا واستخدامها كمحطة اقامة للطيران المنخفض الذي بدأ ينتشر في المنطقة.


من جانبه، قال رئيس غرفتي صناعة الأردن وعمان فتحي الجغبير إن الأردن يتمتع بمخزون كبير من الثروات المعدنية والطبيعية، حيث إن الأردن يحتوي خامس أكبر احتياطي للفوسفات عالميا، وسابع أكبر منتج للبوتاس عالميا، إلى جانب منتجات البحر الميت ذات الاستخدامات المتنوعة، والميزة التنافسية المطلقة، فضلاً عن المناخ المتميز للأردن القادرة على توفير محاصيل زراعية متنوعة وذات جودة باستمرار، عدا عن امتلاكه كفاءة بالطاقة الشمسية مقارنة مع الدول.


وأكد الجغبير أن الاستفادة من المقومات الجغرافية اقتصاديا يستدعي العمل على تعزيز البيئة الاستثمارية وتوفير الحوافز الممكنة لجذب الاستثمار، وتحسين بيئة الأعمال، إضافة لتحقيق الميزة الجغرافية من خلال تحسين وتطوير البنية التحتية وتبني المشاريع اللوجيستية الكبرى التي من شأنها تسهيل حركة وانسياب السلع والبضائع والتشبيك مع مختلف الأسواق العالمية، وذلك قد يكون من خلال انشاء السكك الحديدية والموانئ الجافة وغيرها من المشاريع اللوجيستية الكبرى.


بدوره، أكد الخبير الاقتصادي زياد الرفاتي ان الموقع الجغرافي للأردن إستراتيجي وانه نقطة حيوية مهمة للتجارة الاقليمية، حيث يعد الأردن منفذا لدول الخليج نحو أوروبا ومنفذا للدول المحيطة نحو افريقيا، ما يكسب موقعه الجغرافي أهمية بالغة، لافتا إلى تأثير التوتر الأمني والأزمات التي شهدتها المنطقة خلال السنوات الماضية على حركة البضائع والتنقل بين الأردن وبعض الدول بشكل واضح.


وبين الرفاتي أن أهمية الموقع الجغرافي للمملكة تكمن بأنها تتوسط دول الإقليم ما يتيح لها أن تكون محطة مركزية لنقل البضائع والسلع، إضافة إلى تنقل الأفراد من دولة إلى أخرى، إلى جانب فتح الطريق أمام الصادرات الأردنية لوصول دول المنطقة كافة.


ومن أجل تعظيم الاستفادة من موقع الأردن الجغرافي اقتصاديا، دعا إلى الاستثمار بميزة الاستقرار والأمن في الأردن الذي يقع ضمن منطقة مضطربة كما دعا إلى ضرورة تقديم الدعم والحوافز للقطاعات التصديرية وتخفيض كلف الإنتاج عليها، إضافة إلى العمل على معالجة العراقيل التي تواجه التبادل التجاري للأردن مع دول المنطفة، إلى جانب عقد تكتلات اقتصادية مع الدول المحيطة.


إلى ذلك، قال الخبير الاقتصادي زيان زوانة إن الموقع الجغرافي للأردن يعتبر عنصرا اقتصاديا مهما له وللدول العربية المحيطة.


وبين زوانة أن اهمية موقع الأردن تتعاظم في استقراره وأمنه وتوفر شبكة طرق ممتدة وواسعة بينه وبين الدول المجاورة، ما ييسر الانسياب التجاري بينه وبينها، وبكلف نقل تعتبر منخفضة ما يعزز من القيمة الاقتصادية، مشيرا كذلك إلى أن ميناء العقبة يعد نقطة جذب تجارية خاصة، يمكن استثماره وتطويره كمدينة صناعية تضيف لاقتصاديات التجارة والنقل، إضافة للسياحة والتي نشهد نموا متواصلا لامكانياتها ما يشكل عناصر متكاملة اقتصادية.


وبحسب زوانة فإن هذه العناصر تستوجب البناء عليها لتحفيز أثرها من خلال تحقيق التكامل الاقتصادي مع الدول العربية المحيطة.

 

اقرأ المزيد : 

أبو عودة: الموقع الجغرافي للأردن جعل من تاريخه مراوحة بين النعمة والنقمة