إشاعات لا تنال من قوتنا

د. أشرف الراعي
د. أشرف الراعي
مؤسفة تلك الإشاعات التي انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي، بعد المناوشات العسكرية التي وقعت بين إيران والاحتلال الإسرائيلي مؤخراً، مؤسفة وتحتاج إلى ضبط فوري في ظل الانفلات الكبير الذي تشهده مواقع التواصل الاجتماعي؛ حتى أصبحت تخرج في بعض السياقات عن مضمونها، وتتجاوز حرية الرأي والتعبير المقرة دستوراً وقانوناً.اضافة اعلان
«الكلام الكاذب» انتشر كالنار في الهشيم عن إغلاقات شملت أنحاء البلاد، فيما روجت إشاعات أخرى لأن «بلادنا في خطر»، وهنا كان الموقف الرسمي بالتشدد في تحويل كل من يرتكب ترويجاً للإشاعات إلى القضاء «مُصيباً وفي مكانه» وهو موقف نحتاجه اليوم في ظل حاجتنا للتكاتف، والوقوف يداً واحدة في صف الأردن، وحمايته من أي مخططات يمكن أن تحاك له؛ فالأردن بلد كان وما يزال في عين العاصفة، لكنه قوي بقيادته وأمنه وجيشه وشعبه من أقصاه إلى أقصاه.
وفي التأصيل القانوني، فلقد نصت العديد من التشريعات سواء في الإطار الوطني أو الدولي على حرية الرأي والتعبير، ابتداءً من الدستور وليس انتهاء بالقوانين الداخلية والمعاهدات الدولية التي صادقت عليها المملكة، حيث نص الدستور الأردني على حرية الرأي والتعبير في الفقرة الأولى من المادة 15 من الدستور والتي جاء فيها «تكفل الدولة حرية الرأي، ولكل أردني أن يعرب بحرية عن رأيه بالقول والكتابة والتصوير وسائر وسائل التعبير بشرط ألا يتجاوز حدود القانون»، لكن الدستور – وكما يلاحظ- ربط هذه الحرية وقيدها بعدم تجاوز حدود القانون وعدم الخروج عليه، ومن ذلك عدم الترويج للإشاعات أو الإساءة للبلاد ومنجزاتها الحضارية.
اليوم ومع انتشار مواقع التواصل الاجتماعي، والمنصات الرقمية الذكية، وأنظمة الذكاء الاصطناعي وتطبيقات الهواتف الذكية التي تنقل المعلومة بسرعة أصبحنا اليوم إزاء شكل جديد من أشكال الإعلام، يمكن من خلاله التعبير عن الآراء بحرية، ودونما اعتبار للحدود، وهو ما دفع العديد من الأشخاص إلى ممارسة هذا الحق بصورة منفلتة من عقال القانون رغم التشدد في العقوبات الواردة في «قانون الجرائم الإلكترونية» المعدل أواخر العام الماضي، كما أصبحنا اليوم إزاء مفهوم جديد وهو «المواطن الصحفي»؛ الذي ينقل من خلاله المواطن إلى العامة، وعبر مواقع التواصل الاجتماعي، والمنصات الرقمية المعلومات التي يريدها عبر بث محتوى إعلامي يكون غير منضبط أحيانا.
وفي ظل ذلك كله؛ نحن اليوم بحاجة إلى تطبيق القانون بشدة، فالإساءات إلى البلاد وتداول الإشاعات لا تخدم الوطن في المرحلة الحالية، ولا بد من تطبيق صارم لقانون الجرائم الإلكترونية بما يحمي بلادنا من هذه المهاترات التي يمكن لها أن تثير الرعب في قلوب المواطنين وتروع الآمنين وبما يشكل خروجاً على القانون واعتداء على حق الآخرين في توفير معلومة صحيحة صادقة، وهو دور الإعلام المهني الذي يجب أن يعود له برعاية رسمية؛ كما يتوجب في هذه المرحلة الدقيقة على الدولة دعم وسائل الإعلام الرصينة وتطويرها لتواكب الثورة التقنية، بما يقدم منتجاً إعلامياً رصيناً هادفاً يليق بمجتمعنا الأردني ويوفر المعلومة صحيحة وصادقة وشفافة للمواطن وتطبيق القانون على كل من يتداول إشاعة يمكن أن تسيء إلى منجزاتنا الوطنية أو تروع المواطن.