اللعبة القديمة انتهت

10-6

جدعون سامت

معاريف

لدينا رئيس وزراء فشل في الإختبار. وفي يوم الأحد، في الخطاب الذي سيلقيه في جامعة بار ايلان، سيتقدم الى الاكمال. بنيامين نتنياهو معروف بالاشتعالات المتأخرة لديه. ليس بسبب انعدام الكفاءة. مشكلته – ومشكلتنا – هي نظره القصير. الرجل بقي أعمى في ضوء مشهد جديد تماما. شيء مبدئي جدا يغيب عن مفهوم رئيس الوزراء في ختام العقد الأول من الألفية الثالثة. للوهلة الأولى اكتسب تجربة. نتنياهو هو سياسي قديم جدا، عدمي. ليس لمعرفته للأدوات الاعلامية الحديثة أي قيمة حين تكون تنقصه النظرة الحديثة لدوره والشجاعة لملاءمتها مع الظروف التاريخية المتغيرة.

اضافة اعلان

فقد اصطدم بنقيضه التام. حياله يقف من يتخذ صورة أحد الزعماء الأكثر إبداعا منذ الحرب العالمية الثانية. أوباما يدرك على نحو صحيح روح الزمن، روح عصر سنوات الألفين، ويسعى إلى أن تتكيف بلاده مع العالم المتغير. ربما فقط رئيسان اميركيان تصرفا مثله في القرن الماضي. المثالي وودرو ولسون، منذ العام  1912 (ومرة اخرى بعد أربع سنوات)، والبراغماتي فرنكلين روزفلت – وكلاهما في عهود أزمة عالمية خطيرة. قلة في الغرب تساموا هكذا فوق ظروف الفترة بخطوات تشمل العالم بأسره. ومنهم تشرتشل، ديغول.

إن معدات بيبي هزيلة. مواقفه رجعية. وقد نشرت في الانترنت هذا الأسبوع تبجحات دوف فايسغلاس في مقابلة قبل خمس سنوات مع آريه شفيت في "هآرتس". قال رئيس مكتب شارون في ذلك الوقت: "ما اتفقت عليه مع الأميركيين هو أنه يجب عدم التعاطي أبدا مع بعض المستوطنات، ومع البعض الاخر لا يتم التعاطي الى أن يصبح الفلسطينيون فنلنديين".

اقوال كهذه جميلة للولاية الهدامة للرئيس السابق. وما يثير الصدمة هو اعتقاد نتنياهو بانه مع بضاعة هزيلة كهذه يمكن خدمة المصلحة الاسرائيلية حيال نظام أميركي يسعى الى التغيير. إن اقواله مغلفة بغلاف صهيوني متهالك، مثلما هو لدى رافضي السلام الإسرائيليين الآخرين. فهو ابن، وأحيانا ظل، مؤرخ. ولكن نهجه لا تاريخي، يعيش من اليوم إلى الغد. وهو يرفض الفهم بان الفصل الحالي في التاريخ اليهودي يجب أن يهجر القوالب الجاهزة القديمة. إن لديه تمسكا أعمى بجملة من رموز القوة والقلق يستنزف إسرائيل ويشوش عقلها.

ما يزال يمكنه أن يكسب بعض الوقت، وأن يدير تجارة بائسة بالمفرق. ولكن حتى بعد أن يعيد صياغة نفسه من جديد الأسبوع المقبل (نعم مغتصبة للدولتين، إزالة بؤر استيطانية، تلميحات بحل وسط ما على البناء في المستوطنات) سيبقى رئيس الوزراء ديناصورا قبيل الانقراض. عليه أن يفعل أكثر بكثير.

اوباما بشر ببداية رائعة مع عالم إسلامي إشكالي ولكن منصت في معظمه للرسالة الجديدة. وفي هذه الاثناء، حزب الله هزم في لبنان، ويمكن أن يضعف حكم احمدي نجاد من خلال الانتخابات في ايران. والدول العربية ما تزال تحتفظ بمبادرة تسوية غير مسبوقة ونتنياهو يراوح أمام الحاجة للانقطاع عن تقاليد سياسية متصلبة ثبت فشلها على نحو ظاهر منذ أربعين سنة. سيكون هناك معنى محصور جدا لتعديلات التحرير التي سيجد من الصحيح إدخالها إلى نصوصه. ولسون مع وثيقة الـ 14 نقطة، التي طبعها باصبعين على آلة الطباعة، فتح أميركا أمام التزام دولي يشق لها مكانتها في العالم منذئذ. وديغول ودع مستعمرة لا داعي لها. وتشرتشل حقق مكانة بفضل الموقف المظفر ضد قيادة بريطانية هزيلة. نتنياهو بعيد عن أن يتعاظم إلى هذه المقاييس. ولكن عليه أن يعمل الآن بأفضل قدراته حتى لو سقط على حرابه السياسية. واجبه تجاهكم هو أن يفهم بان اللعبة القديمة انتهت، وأن التاريخ سيتحرك إلى الأمام من دون فرسان النظام لأرض اسرائيل الكبرى. مع بيبي أو من دونه.