"إعلان النوايا".. لماذا تواصل الحكومة فشلها في خطابها الإعلامي؟

مبنى رئاسة الوزراء في عمان-(أرشيفية)
مبنى رئاسة الوزراء في عمان-(أرشيفية)

محمد الكيالي

عمان- أثار تضارب التصريحات الرسمية أول من أمس على خلفية توقيع اتفاق النوايا بين الحكومتين الأردنية والإسرائيلية، استهجان أوساط شعبية وإعلامية، اعتبرت ما حدث بمثابة "سقطة إعلامية رسمية كبيرة"، من شأنها إضعاف الثقة بين الحكومة والرأي العام.
ولفتوا في تصريحات لـ"الغد"، إلى أن هذا التضارب ليس وليد اللحظة، بل عايش المواطن الكثير منه سابقا.

اضافة اعلان


جاء ذلك عقب ما شهدته الساحة الإعلامية الرسمية من تضارب أول من أمس بين تصريحات تؤكد وأخرى تنفي توقيع اتفاق نوايا بين الأردن وإسرائيل في معرض إكسبو المقام في دبي، للدخول في عملية تفاوضية للبحث في جدوى مشروع مشترَك للطَّاقة والمياه، الامر الذي أثار احتجاجا في الاوساط الشعبية لغياب الشفافية الحكومية في هذا المضمار.


وكان وزير الدولة لشؤون الإعلام الناطق الرسمي باسم الحكومة فيصل الشبول نفى نية الأردن التوقيع على الإعلان قبل ساعات من توقيعها ومعرفة الأردنيين به من الإعلام الخارجي، ما أحدث هزة في الأوساط الإعلامية المحلية.


وفي هذا الصدد، اعتبر وزير الدولة لشؤون الإعلام الأسبق، سميح المعايطة، أن إعلام الاحتلال تحدث عن التفاصيل وموعد توقيع الاتفاق الاولي، في حين لم يتم التطرق اليه رسميا.


وبين المعايطة أنه كان واضحا بروز حالة اختفاء وخجل حكومي فيما يخص اتفاق المياه مقابل الطاقة بين الأردن والكيان الصهيوني.
وأضاف أنه "لم يعد مجديا في عالم الاعلام والسياسة ألا تتحدث عن امر يخصك بينما كل العالم يتحدث عنه، بل ان ما ينفعك أن تتحدث وليس الغياب السياسي والفني".

بدوره، قال مؤسس مركز حماية وحرية الصحفيين، الزميل نضال منصور، إن ما حدث مؤخرا من تضارب في التصريحات الحكومية، لم يكن المرة الأولى ولا الأخيرة.


وأضاف منصور أن ما جرى يعكس عدة أمور، وهي أن الحكومات المتعاقبة بما فيها الحالية، لا تتمتع بأي قواعد للإفصاح والشفافية عن أعمالها للجمهور والمجتمع ووسائل الإعلام، مشيرا إلى أن هذه الشفافية تختلف نسبيا وطرديا وفق القضايا الرئيسة.


وأكد أن القضايا التي لا يمكن إلا أن تكون فيها مكاشفة وتقديم للحقائق للجمهور وهي قضايا تهم الرأي العام، يتم تغييبها بشكل يضعف صدقية الحكومة وينعكس فقدانا للثقة مع وسائل الإعلام الوطنية، لافتا إلى أن الأزمة تتضاعف بصدور أوامر حظر النشر.


وبين أن المواطن يشعر أن الفريق الوزاري، أحيانا، لا يحوز كله المعلومات بشكل صحيح، منوها إلى أن أي رئيس وزراء لا يطلع وزير الدولة لشؤون الإعلام الناطق الرسمي باسم الحكومة، أولا بأول، على ما تخطط له الحكومة، يُحدث شرخا مع الإعلام الوطني ويضعف الحكومة بأجمعها.

وأشار منصور، إلى أن الحكومة لا تستطيع أن تلوم الإعلام أو مواقع التواصل الاجتماعي، بعد ذلك، على تمرير بعض المعلومات غير الموثوقة، أو انتشار الشائعات أو المعلومات المنتقصة أو المجتزأة أو الزائفة إذا لم تقم بواجبها بإطلاع الناس على تحركاتها.


وطالب بضرورة اعتماد الإفصاح الدوري والمنتظم، وتزويد مواقع الإعلام بالمعلومات أولا بأول، وتدريب الناطقيين الإعلاميين على الاتصال، وتدريب الوزراء على تقديم المعلومات وتوفير شبكة داخلية بين أعضاء الفريق الوزاري ليكونوا مطلعين على القرارات التي تتخذها الحكومة.


ودعا الحكومة، إلى النظر بعين الاحترام للجمهور وأن تعي أن من حقه أن يعرف.


بدوره، أكد الكاتب السياسي عضو اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية، الزميل رمضان الرواشدة، أنه لا توجد أي مصداقية مع الرأي العام لأي حكومة حالية أو سابقة.


وبين الرواشدة، أن وزراء الإعلام، في السنوات الأخيرة، نفوا أخبارا ومعلومات ثبتت صحتها من مصادر إعلامية أجنبية، معتبرا أن هؤلاء الوزراء إما أنهم مغيبون عما تقوم به الحكومة، أو أن الحكومة لا تعلم أيضا بما يجري.


كما اعتبر أن ما جرى أول من أمس، هو بمثابة "سقطة كبيرة" لكون الجمهور الأردني عرف حقيقة الحدث من حكومة الاحتلال وأدواتها الإعلامية.

وتساءل: "هل يجوز في القرن الواحد والعشرين، أن يعرف الأردنيون أخبار وطنهم من إعلام خارجي؟"، مؤكدا أن ما جرى مؤخرا وسابقا ينسف جميع الجهود التي يقوم بها جلالة الملك للإصلاح الإعلامي والسياسي والاقتصادي والاجتماعي.


وأشار الرواشدة، إلى أن هناك حكومات مترددة ووزراء إعلام يتسمون بالضعف، داعيا الحكومة إلى مصارحة المجتمع وتوفير الحقيقة لهم عبر وسائل الإعلام الوطنية.


وطالب بأن يكون الخبر الأول لصالح الإعلام المحلي، وأن يقوم الإعلام الأجنبي بنقله عنه، مشيرا إلى أن عددا من أبرز القضايا المهمة التي شهدها الوطن خلال العام الحالي، تم نقلها من الإعلام الخارجي.

إقرأ المزيد :