الاضطرابات السلوكية ترتبط بضغوط نفسية تؤثر في قدرة المرء على التكيف

عمان- سؤال يطرحه غالبية الأشخاص على أنفسهم دوما، ألا وهو لماذا أنا مضطرب؟، من دون أن يعرفوا السبب الذي يقف وراء هذا الشعور، ولا بد من وجود سبب يوتر الشخص ويعكر صفو حياته، ويجب تحديده لإيجاد الحل المناسب، ومهما يجول في مخيلة الأفراد من أفكار وأسباب فجميعها تصب في مصطلح الاضطرابات السلوكية والانفعالية، فما هي الاضطرابات السلوكية والانفعالية ومتى يمكن الحكم على شخص ما بأنه مضطرب؟

اضافة اعلان

اختلف الباحثون على اختيار تعريف محدد للاضطرابات، فظهر أكثر من تعريف، كان الأكثر قبولا منها تعريف "بور"؛ حيث أشار إلى وجود صفة أو أكثر من الصفات التالية: صعوبة القدرة على التعلم والتي لا تعود لأسباب عقلية أو جسمية أو حسية، صعوبة في القدرة على إقامة علاقات اجتماعية والاحتفاظ بها، إلى جانب ظهور أنماط غير ملائمة من السلوك في الظروف العادية، فضلا عن شعور عام بعدم السعادة والاكتئاب، وإظهار أعراض جسمية مرضية ومخاوف شخصية ومدرسية.

ولتحديد إن كانت هناك اضطرابات سلوكية تم الاحتكام لعدد من المحكات للحكم على السلوك بأنه مضطرب وهذه المعايير هي: تكرار السلوك ويقصد بذلك عدد المرات التي يحدث فيها السلوك في فترة زمنية معينة، مدة حدوث السلوك، شدة السلوك والتطرف به، وتصنف الاضطربات السلوكية والانفعالية بأربعة أبعاد هي: اضطرابات التصرف وتتمثل في؛ المشاجرة والتخريب وعدم الطاعة، واضطرابات الشخصية وتتمثل في؛ القلق والخوف والانسحاب والإحباط، إلى جانب عدم النضج ويتمثل في؛ قلة الانتباه وضعف التركيز وأحلام اليقظة، فضلا عن الانحراف الاجتماعي ويتبلور في؛ السرقة والإمهال وانتهاك القانون والهروب من المدرسة والمجموعات المنحرفة.

وتضاف الاضطرابات السلوكية والانفعالية بشكل عام الى سلوكيات خارجية موجهة نحو الآخرين مثل؛ العدوان والسرقة والنشاط الزائد بينما تكون السلوكيات الداخلية بصورة اجتماعية انسحابية مثل؛ فقدان الشهية أو الشره المرضي والاكتئاب والانسحاب والمخاوف المرضية والصمت الانتقائي، وتؤثر الاضطرابات السلوكية والانفعالية على حياة الطفل بشكل كبير؛ حيث تؤثر على علاقته مع أفراد الأسرة والأصدقاء والرفاق والتحصيل الأكاديمي، ومن دون تدخل فعال فإنه سيعيش في ألم انفعالي وعزلة وقد يتسرب من المدرسة ويندمج في سلوكيات ضد المجتمع.

أما الأسباب التي تؤدي إلى الاضطرابات السلوكية والانفعالية فتقسم إلى عوامل بيولوجية وعوامل بيئية منها: الأسرة حيث تلعب الأسرة دورا مهما في تنشئة الأطفال وخصوصا في المرحلة المبكرة من حياتهم، والتي تؤثر ببناء شخصية الفرد بشكل كبير، والعلاقات السلبية بين أفراد الأسرة وأساليب التنشئة الخاطئة تسبب حدوث الاضطرابات السلوكية والانفعالية عند الأطفال فالمعاملة التي تتم بالتدليل الزائد تؤدي الى العصيان وعدم الشعور بالمسؤولية والاتكالية وأسلوب التفرقة بين الأبناء الذي يعزز الحقد والرفض الذي قد يعبر عنه بسلوكيات عدوانية موجهة نحو الذات ونحو الآخرين.

أما المدرسة فتؤثر بشكل كبير على الطالب ومدى تكيفه لا سيما أن الأساليب التي يستخدمها المعلمون تتمثل في: الأسلوب الاستبدادي، المتهاون، المتذبذب، الديمقراطي، كما يؤثر المنهج الدراسي والجو الذي يسود المدرسة والعلاقة بين الإدارة والمعلمين في خلق حالة من عدم التوافق للطالب وعدم مراعاة المعلم للفروق الفردية فقد يلجأ الطالب لهذه السلوكيات لتغطية مشكلة أخرى مثل؛ صعوبات التعلم ويؤثر أيضا حجم المدرسة والجنس وعمر البناية إلى حد كبير في الاضطراب.

خصائص عامة للمضطربين سلوكيا وانفعاليا

- الفهم والاستيعاب: يعاني بعض الأطفال المضطربين سلوكيا من مشاكل فهم غير قادرين على فهم المعلومات التي ترد من البيئة وفهم معنى القصة.

- السلوك الفوضوي: وهو السلوك الذي يتعارض مع سلوكات الفرد أو الجماعة.

- السلوك العدواني: ويتمثل بالسلوكات التخريبية الموجهة نحو الذات ونحو الآخرين.

- السلوك الانسحابي: ويتمثل بالانعزال اجتماعيا وضعف الاتصال وقلة التفاعل مع الآخرين.

- النشاط الزائد: وهو نشاط بمستوى عال لا يمكن إيقافه بسهولة ويظهر في أوقات غير مناسبة ويتمثل بعدم الاستقرار وكثرة الحركة الزائدة عن الحد الطبيعي وصعوبة في الالتزام بالهدوء وتشتت الانتباه.

- الخصائص المعرفية: يتراوح متوسط ذكاء المضطربين "IQ90" فهم في حدود المتوسط ونسبة قليلة منهم أعلى من المتوسط وبعض منهم يقع ضمن فئة بطيئي التعلم والتخلف العقلي البسيط، وهناك برامج تربوية تقدم لهذه الفئة فقد يدمج الطالب مع أقرانه في الصف العادي وقد يلتحق بصف خاص ملحق بالمدرسة العادية وربما يلتحق بمراكز تربية خاصة نهارية أو إقامة دائمة كلٌ وفق حالته.

ومن هنا تشكل الاضطرابات السلوكية والانفعالية مشكلة كبيرة في تكيف الفرد وترتبط بضغوط نفسية شديدة نسبيا، كما أن لها العديد من الأسباب ولكن ليست بدرجة واحدة في التأثير فمنها البسيط والمتوسط والشديد تبعا للأسباب التي أدت لذلك، وهذا يوجب تحسين معاملة هذه الفئة وتفهما للحد من الاضطراب، فكل إنسان معرض للانفعال.

ياسمين الخطيب

اختصاصية التربية الخاصة