الذكاء العاطفي يقود الحياة الزوجية إلى النجاح

الفرد المتمتع بالذكاء العاطفي أقدر على فهم مشاعره ومشاعر شريك حياته - (أرشيفية)
الفرد المتمتع بالذكاء العاطفي أقدر على فهم مشاعره ومشاعر شريك حياته - (أرشيفية)

عمان- يتعرض الذكاء العاطفي لأهم اختباراته داخل الحياة الزوجية، لأنها مبنية بقوة على العاطفة بين الزوجين.
والفرد المتمتع بالذكاء العاطفي، يكون أقدر على فهم مشاعره ومشاعر شريك حياته، وأبرع في التعامل مع المشاكل والانتقادات والهفوات الصادرة من الطرفين بهدوء ورزانة، كما أنه سيكون أكثر عطاءاً من ناحية الحنان والعطف والرعاية.اضافة اعلان
العلاقة بين ارتفاع نسب الذكاء العاطفي والزيجات الناجحة:
في دراسة علمية دقيقة، تم النظر إلى مستوى الذكاء العاطفي عند 1.119 زوج وزوجة وعلاقته برضاهم عن حياتهم الزوجية، وُجد أنهم الأذكى عاطفياً.
مفهوم الذكاء العاطفي
هو قدرة الإنسان على التعامل الايجابي مع نفسه والآخرين بما يحقق أكبر قدر من السعادة له وللآخرين الذين يعايشهم.
وإذا كانت مكونات الذكاء العقلي هي قدرة على الاستقراء والتحليل والتركيب.. والقدرة على استخدام اللغة والرياضيات والتعامل مع الأشكال الفراغية.. (الخ)، فإن مكونات الذكاء العاطفي هي:
- القدرة على قراءة مشاعر الذات والتعامل الايجابي معها.
- القدرة على قراءة مشاعر الآخرين والتعامل الايجابي معها.
آثار غياب الذكاء العاطفي بين الزوجين:
يخلق غياب الذكاء العاطفي بين الزوجين نوعاً من التبلّد في المشاعر والأحاسيس، والذي يتطور ليصل إلى البُعد الجسدي والعاطفي، وفي النهاية يكون الانفصال الصامت أو النهائي.
وأوضحت المستشارة الأسرية أحلام النجار، أن 50 في المائة من حالات الطلاق سببها غياب الذكاء العاطفي بين الزوجين، الأمر الذي يخلق نوعاً من الخلافات الأسرية التي غالباً ما تنتهي بالطلاق.
وأفادت النجار أن الدراسات الحديثة أثبتت أن الأزواج السعداء ليسوا أذكى أو أغنى أو أكثر ثقافة من الأزواج التعساء، وليسوا بالطبع متخصصين في علم النفس أو فن التواصل، بل هم يتجادلون ويختلفون مثل الباقين، مبينة أن ما يميز هؤلاء الشركاء هو امتلاكهم لذكاء عاطفي متقدم عن الآخرين يجعلهم قادرين على بلورة علاقتهم وعدم السماح للمشاعر السلبية بأن تطغى أو تسيطر على علاقتهم، ما يمنحهم اللذة والحافز للبقاء معاً.
نظريات تساعد على نجاح العلاقات الزوجية
- نجاح الزواج يحتاج إلى توافق في طريقة التفكير: إن أغلب الناس لديهم فروقات في النظر لموضوعات مختلفة ولا يسمحوا لها بالتأثير على علاقاتهم، وهذه الفوارق بدهية نظراً للأسباب الوراثية والنفسية والتربوية وعندما يدرك الزوجان هذه الفوارق سينظران إلى الاختلاف بأنه أمر طبيعي، بل مصدر لإغناء الشخصية، وليس مصدراً للصراع، الشخص المختلف يُغني تجربتنا في الحياة ويُرينا الأمور من زاوية تختلف عن زاوية رؤيتنا لها، أما الشخص المماثل فكأننا ننظر في المرآة وهذا شيء مملّ طبعاً.                                                                                    
والاختلاف لا يمكن تجاوزه دائما فتوجد مبادئ أساسية يجب الاتفاق عليها منذ البداية وهنا يأتي دور الذكاء العاطفي.. من ليس لديه ذكاء عاطفي قد يصل بهذا الخلاف إلى الصراع، ومن عنده ذكاء عاطفي سيجعل من هذا الاختلاف فرصة ليظهر حبه واحترامه للطرف الآخر ويؤكد له أن الحب أرفع من إن يمسه الخلاف.
- العلاقة الزوجية الناجحة هي علاقة تملؤها الرومانسية والعواطف الجياشة: من الطبيعي أن العلاقة تبدأ بالمشاعر الجيّاشة والعواطف التي يشعر بها الطرفان لأول مرة وتعلق في الذاكرة للأبد، لكن بعد فترة من الزواج يتحوّل هذا الحب الذي عُبّر عنه بتلك المشاعر إلى شعور بالتفاهم والمودة والرحمة مثل الشلال الهادر الذي يتحول إلى نهر يتدفق بقوة وثبات ويروي الحقول.
- العلاقة الزوجية الناجحة هي العلاقة التي يحلُّ بها الزوجان كل المشاكل العالقة بينهما: قد تظل هناك مشاكل عالقة بين الزوجين ومع ذلك ينجح الزواج، لأن الزوجين لا يسمحان لهذه المشاكل بأن تؤثر على العلاقة بينهما، وتكون العبارة الأهم بينهما أنت مخطئ ولكني أحبك،.. إن الجهد الذي يبذله الزوجان لجعل العلاقة بينهما أقوى من الخلاف أكثر فائدة لهما بكثير من الجهد الذي سيبذلانه لجعل علاقتهما خالية من أي خلاف.
لا يعني أن يتجنب الزوجان الحديث عن النقاط الخلافية، لأن هذا ليس دليل عافية، فعندما يطمئن كل طرف إلى أن الطرف الآخر سينصت له ولو اختلف معه بالرأي وسيشعر بالأمان، ويعبر عن مشاعره وأفكاره دون أن يقابل بالرفض.
- نجاح الحياة الزوجية يتوقف على الآخر: فعند حدوث مشكلة هناك طريقتان للحل، الطريقة الخطأ، هي أن يلوم كل منا الآخر وينتظر التغير منه وفي هذه الحالة المشكلة في أحسن الأحوال ستظل قائمة.
أما الطريقة الصحيحة، فهي أن يعتبر كل شخص نفسه مسؤولا عن المشكلة ويبادر إلى حلها بتغيير سلوكه أو طريقة نظرته إلى الموضوع.
- عندما نلوم الآخرين ونتجاهل مسؤوليتنا عن المشكلة تصبح فرصتنا بالمساهمة في حل المشكلة مساوية للصفر. إذا نظرنا حولنا نجد أن أكثر الأزواج تفاهماً أقلّهُم لوماً لبعض والعكس صحيح.
علامات تميّز الخلافات بين الأزواج
- الهجوم الشخصي بدلاً من انتقاد الفعل: لا أحد يحب أن يُهاجم حتى ولو كان على خطأ، فبذلك تتحرك المشاعر السلبية تجاه من هاجمه ولا يفكر إلا في الردّ بهجوم معاكس، فعندما يقول الزوج لزوجته: "أنت مهملة"، لأنها لم ترتب المنزل فلا يتوقع منها أن تسارع إلى ترتيب المنزل بل سترد عليه بهجوم معاكس وتقول له "أنت أناني لا تفكر إلا في نفسك وتقدر الجهد الذي أبذله في أعمال المنزل".
أما إذا قال "هناك أشياء كثيرة مبعثرة على الأرض"، فعندها ستصلها رسالة الزوج بأن عليها أن تبذل المزيد من الجهد في ترتيب المنزل دون أن تشعر بالاستفزاز والمهاجمة، وطبعاً لا تكفي الكلمات اللطيفة بل الأسلوب أيضا فهو يلعب دوراً أهم من دور الكلمات.
عندما يراعي الزوج مشاعر الطرف الآخر في أثناء انتقاده ويتجنب الهجوم والإساءة فسيرد الطرف الآخر بالمثل أما إذا تعمّد التجريح والإساءة فستشتعل الحرب الضروس والنصر لمن يؤذي أكثر.
-  اتخاذ الموقف الدفاعي: فعلي سبيل المثال أن تقول زوجة لزوجها "منذ فترة طويلة لم نخرج سوياً"، فيرد الزوج: "ألا ترين كم أنا مشغول"، فيأتي الرد: "مشغول.. مشغول.. دائماً مشغول وكأنني غير موجودة في حياتك"، فهذا مثال عن موقف دفاعي.
كل شخص يستطيع أن يجد تبريراً لأي عمل يقوم به وقد يكون هذا منطقي ولكن العلاقة لا تقوم فقط على التبريرات المنطقية فقط، بل على تفهّم واحترام المشاعر. فلو أجاب الزوج "أقدر شعورك بالوحدة يا عزيزتي، بعد أيام ولمجرد انتهائي من المشروع سنخرج للعشاء معاً"، ربما بعد هذا الكلام تفهمت الزوجة سبب انشغاله وانتظرته،... لا يعني أن تبرير التصرفات هو أمر ممنوع لكن وحده لا يكفي.
-  مقابلة الطرف الآخر بالجمود واللامبالاة، فعندما يعاني زوج يُعاني من توتر دائم في علاقته الزوجية، صحيح أنه لم يعد يتشاجر كثيراً مع زوجته، لكن مشاعره تجاهها أصبحت أكثر سلبية مما كانت عليه عندما كانا يتشاجران، فهو يأتي من عمله يأكل غذائه بسرعة ولا يتحدث مع زوجته إلا في الأمور الضرورية، ثم يرتاح في غرفته، وفي المساء يختفي خلف جرائده أو يقضي السهرة متسمّراً على التلفزيون.
قد يسود بعض البيوت هذا الهدوء الظاهر والمُبطَن بدرجة كبيرة من التوتر والمشاعر السلبية، يصل الزوجان إلى هذه المرحلة عندما يقتنع كل منهما بأن الطرف الآخر لا يفهمه، وهكذا يدخل الزوجان في حالة تعايش وكأنهما في فندق ويقتصر التفاعل بينهما على الأمور التي يحتاجان إليها لتسيير شؤون المنزل والأولاد، يتخلل هذا الهدوء المحتقن فترات من الشجار والانفجار العاطفي.


عبد العزيز الخضراء
كاتب وباحث تربوي