"الفاقد التعليمي" يصطدم بانتقادات ومطالب بمراجعة دليل العودة للمدارس

طلاب داخل الغرفة الصفية في إحدى المدارس الحكومية بمنطقة صافوط في محافظة البلقاء -(تصوير: ساهر قدارة)
طلاب داخل الغرفة الصفية في إحدى المدارس الحكومية بمنطقة صافوط في محافظة البلقاء -(تصوير: ساهر قدارة)
آلاء مظهر عمان- تساؤلات كثيرة يطرحها البرنامج التعويضي الذي ستطبقه وزارة التربية والتعليم بداية الفصل الدراسي الثاني، لا سيما حول قدرته على تحقيق النتائج المرجوة منه. هذه المخاوف بحسب مختصين بالشأن التعليمي، مردها الى "الارباك الذي سيتسبب به نظام التناوب الذي اقرته التربية كاطار للعودة الى التعليم الوجاهي، فضلا عن اختلاف في المحتوى بين ما سيتلقاه الطالب في المدرسة وعبر المنصة". وطالب هؤلاء المختصون، الوزارة، بالاعلان عن كيفية تطبيقها لهذا البرنامج التعويضي، خصوصا ان الفاقد التعليمي سيكون مختلفا من طالب لآخر. وزير التربية والتعليم، تيسير النعيمي، قال ان الوزارة ستنفذ برنامج لتعويض الطلبة عن الفاقد التعليمي الذي حدث في الفصل الدراسي الأول للعام الدراسي الحالي. واضاف النعيمي في تصريح لـ"الغد"، امس، ان هذا البرنامج سينفذ لكافة الصفوف حسب مراحل عودة الطلبة الى مقاعد الدراسة، وتتراوح مدته بين اسبوعين الى 3 اسابيع في المواد الاساسية (العلوم والرياضيات واللغتين العربية والانجليزية). وأوضح، انه نظرا لتنوع حالات العودة طلبة الى المدارس وشكل دوامهم، سيرغب البعض في اكمال دراسته في الفصل الدراسي الثاني عبر منصة التعليم الالكترونية، في حين سيركز البرنامج التعويضي على المفاهيم والنتاجات الحرجة الخاصة بالفصل الدراسي الأول. واشار النعيمي الى ان الطالب خلال تنفيذ البرنامج التعويضي، سيتمكن من الرجوع الى الدروس المرتبطة بالمفاهيم الحرجة الخاصة بالفصل الدراسي الاول كونها محفوظة عبر المنصة التعليم الالكتروني "درسك" من اجل التوسع بالمعرفة، كما انه يستطيع تحضير ومتابعة دروسه اثناء دوامه بالمدرسة وكذلك عبر المنصة استعدادا لما سيتلقاه في المدرسة. وبين، ان الوزارة في حال وجدت ان هذا الامر سيشكل ارباكا للطلبة، ستقوم بمواءمة البث بين المنصة والبرنامج التعويضي الذي سيتلقاه الطالب في المدرسة. منسق الحملة الوطنية من أجل حقوق الطلبة، "ذبحتونا"، فاخر دعاس، اكد ان دليل العودة الى المدارس والبروتوكول الصحي الذي اقرته الوزارة مؤخرا، لا يمكن ان يعالج الفاقد التعليمي الناتجة عن عملية التعليم عن بعد. واعتبر دعاس، أن إقرار الوزارة بوجود فاقد تعليمي ناتج عن فترة التعلم عن بعد، أمر إيجابي يجب البناء عليه، خاصة أن الوزارة طالما أنكرت عجز التعلم عن بعد في سد اللفجوة التي أحدثها غياب التعلم الوجاهي. وقال لـ"الغد"، أمس، ان الطلبة وفق دليل العودة سيكون دوامهم بالتناوب، حيث سيكون ثلث دوام بعض الطلبة داخل المدرسة وثلثي دوامهم عن بعد، فيما البعض الآخر سيكون دوامهم الوجاهي يشكل 50 % فقط، وتكون الـ50 % الباقية للتعلم عن بعد، وهذا الامر سيؤدي الى تعميق مشكلة الفاقد التعليمي للطلبة، بين الفاقد التعليمي القديم نتيجة انقطاعهم عن المدرسة والجديد الذي سينتج في الايام التي سيتابعون دروسهم عبر التعلم عن بعد، خلال الفصل الدراسي الثاني. واضاف دعاس، ان طلبة المدارس الحكومية سيواجهون صعوبة في التوفيق بين شرح المعلم داخل الغرفة الصفية الذي له طريقة تدريس واسلوبه الخاص به، وبين الاسلوب التعليمي عبر المنصة، الذي سيضطر لمتابعة الجزء المتبقي من المادة الدراسية من خلاله، وهو الأمر الذي سيخلق خللا وإرباكا لدى الطالب. وأكد، ان مقترح الوزارة بتمديد الفصل الدراسي الثاني لنهاية حزيران (يونيو) المقبل، لن يكون حلا لمعالجة الفاقد التعليمي، حيث يهدف هذا التمديد لمحاولة انهاء المناهج الدراسية، خصوصا ان الصفوف من الرابع وحتى التاسع، ستلتحق بالمدارس بعد انقضاء شهر من بدء الفصل الدراسي الثاني. وبين دعاس، ان المشكله الجوهرية تكمن في دليل العودة الى المدارس كونه تعامل مع كافة المراحل الدراسية كحزمة واحدة وكان الأصح تصنيفهم وفقا للتصنيفات الطبية والوبائية مع مراعاة الجوانب النفسية والاجتماعية والتعليمية لكل مرحلة عمرية. كما لفت إلى أنه ومن الناحية التعليمية، هناك اولوية للمراحل الاساسية الدنيا (اول وثاني وثالث) والتوجيهي، وذلك لأهمية هذه المراحل لأن بعضها تأسيسي والبعض الآخر مصيري. وجدد دعاس تأكيده على أن اي رؤية لتعويض الفاقد التعليمي للطلبة، يجب أن تبدأ بإعادة النظر بدليل العودة الى المدارس والبروتوكول الصحي من اجل تحقيق الهدف المنشود من العودة الى المدارس. بدورها، قالت عضو مؤسس في حملة "عودة آمنة لمدارسنا"، اسيل الجلاد، ان الاطفال يحتاجون في برنامجهم التعويضي عن الفاقد التعليمي الذي حدث مؤخرا، الى نظام واضح وثابت ومحدد، وهذا الامر لن يتحقق ضمن الآلية التي طرحتها الوزارة في مسألة التناوب، حيث ان الاطفال سيكون دوامهم المدرسي يتراوح بين يومين الى ثلاثة ايام اسبوعيا، والايام الاخرى عبر منصات التعليم الالكترونية او عبر القنوات التلفزيونية. وتساءلت الجلاد، "كيف ستستقيم عملية التعويض بينما المنصة ستكون مستمرة في اعطاء الحصص الفصل الدراسي الثاني وفق البرنامج المعد؟". ودعت الى توضيح الآلية التي ستعتمدها الوزارة لدي تقييمهما الفاقد التعليمي، حيث انه لا يجوز تطبيق ذات الآلية على جميع الطلبة كون الفاقد التعليمي يمكن ان يكون مختلفا من طالب لآخر. كما تساءلت الجلاد عن مدة استمرار البرنامج التعويض، منبهة الى ان اي استعجال في تنفيذه لن يحقق النتائج المرجوة منه، ولذلك ترى ضرورة التحاق الطلبة من الصفوف الابتدائية تحديدا بالتعليم الوجاهي يوميا مع التركيز على المواد الاساسية، لا سميا ان نسبة انتشار العدوى بين هذه الفئة لا تتجاوز 4 %. من جهته، قال الخبير التربوي، عايش النوايسة، إن البرنامج العلاجي المتعلق بالمفاهيم الحرجة وعملية العودة المتدرجة الى المدارس وفق دليل العودة، ستكون مربكة للطلبة. واضاف النوايسة، ان الفلسفة التي طرحت من اجلها برنامج المفاهيم الحرجة التي تعتزم الوزارة تنفيذها بداية الفصل الدراسي الثاني، هي تعويض الفاقد التعليمي عند الطلبة خلال عملية التعليم عن بعد، لافتا الى ان خسارة الطلبة كانت كبيرة والزمن المتاح لعملية التعويض يعد قليلا. واوضح، ان هناك العديد من التساؤلات المطروحة الآن حول الآلية التي ستنتهجها الوزارة اثناء عملية تطبيق البرنامج، لافتا الى ان تنفيذ البرنامج وفق مبدأ التناوب للطلبة، سيخلق فجوة كبيرة كون هناك طلبة سيتلقون تعليمهم بشكل مباشر وعن بعد، فالأمر متروك لأولياء الامور الطلبة اما بإرسال ابنائهم للمدارس او الاستمرار بعملية التعليم عن بعد. وأكد النوايسة، ان الحل لهذا الارباك، يكمن بقيام الوزارة بالبدء بتنفيذ برنامج المفاهيم الحرجة لكافة الطلبة في آن واحد، سواء للطلبة المتواجدين في المدرسة او عبر منصة التعليم الالكتروني، وهذا الامر ايضا لن يحل الاشكالية بصورة نهاية، فالأصل ان تبدأ الوزارة دواما لجميع الطلبة ولكافة الصفوف وفق بروتوكول صحي، وان يتم تقسيم الطلبة على فترات زمنية بنفس اليوم الدراسي لغايات تنفيذ برنامج المفاهيم الحرجة بالمواد الاساسية. الناطق الإعلامي بوزارة التربية والتعليم، عبد الغفور القرعان، اكد ان الوزارة قامت مؤخرا بتحليل للمحتوى التعليمي للفصلين الدراسيين الأول والثاني، ووفقا لذلك، اعدت مصفوفة المفاهيم والنتاجات الحرجة التي لا يمكن للطالب أن يوصل تعليمه بشكل طبيعي ومتوازن دون أن يمتلكها بإتقان تام وبشكل فعلي. واوضح، ان الوزارة ستبدأ خلال الأسابيع الأولى من الفصل الدراسي الثاني، بتدريس المادة المرتبطة بالمفاهيم والنتاجات الحرجة الخاصة بالفصل الدراسي الأول لتمكين الطلبة منها قبل البدء بتنفيذ مناهج الفصل الدراسي الثاني. واشار القرعان، الى ان دور المعلمين بهذه الفترة سيتمثل في تدريس النتاجات والمفاهيم الحرجة للفصل الأول والتركيز عليها لتعويض الطلبة عن الفاقد التعليمي الذي حدث في الفصل الأول للطلبة الذين لم يتمكنوا من متابعة منصة درسك، وكذلك الطلبة الذين لم يتمكنوا من امتلاك بعض المعارف وإتقان بعض المهارات والمعارف، وسيسبق هذا الامر اجراء اختبارات تشخيصية للوقوف على مدى امتلاك الطلبة للمفاهيم والمهارات والمعارف الأساسية لبناء خطط علاجية المناسبة وفق هذه النتائج لغايات معالجة مواطن الضعف لدى الطلبة.اضافة اعلان