القادري تنسج من الصوف قصة نجاح تتخطى بها حواجز الإعاقة

1656160512890603700
1656160512890603700
ربى الرياحي عمان – تشعر بالإنجاز وهي تحيك من الصوف قطعا مميزة لأنها تنسجها بحب وشغف، فتخرج بأجمل الأشكال والألوان. وضعها المادي لا يسمح لها بشراء كميات من الصوف من دون أن يكون هناك ربح تستند عليه أو جهة تتبنى مشروعها؛ إلا أنها ما تزال تحاول الصمود أمام حرفة تميل لها، رغم كل المعيقات التي تواجهها. “لا أريد أن أكون عالة على أحد”؛ عبارة تؤمن بها هالة القادري ابنة الـ 20 عاما، حيث تسعى لأن تؤكدها فعليا على أرض الواقع بعزيمتها القوية وتصميمها على محاربة الصورة النمطية. هالة ولأنها فتاة من ذوي الإعاقة الحركية تواجه صعوبات كبيرة تكاد تحرمها من أن تكون مستقلة ماديا ولها موقعها في الحياة العملية. لم تكمل دراستها رغم حبها للعلم، فالظروف كلها كانت صعبة وعوائق كثيرة وقفت في طريقها أهمها الجانب المادي، فقد حالت بينها وبين حصولها على شهادة التوجيهي. عملت في حياكة الصوف لفترة لكن ذلك جعلها تواجه الحواجز الكبيرة، لتنتقل بعد ذلك إلى مجال بيع الملابس. أرادت أن تعتمد على نفسها وتكون شخصا منتجا في المجتمع، قادرا على النهوض مهما كانت العقبات، إيمانها بأن الحياة تتباين بين فرح وألم يجعلها تتطلع دائما بإيجابية لكل ما يحدث معها. فتحة في الظهر منذ الولادة كانت وراء إصابة أطرافها السفلية بالشلل كما تقول، فقدت القدرة على المشي لكنها لم تفقد الإرادة بل ظلت صابرة يسكنها الأمل. هالة لم ترض أن تنعزل بحجة الإعاقة، انما رسمت لنفسها حياة تليق بأحلامها لذا كان لا بد لها من أن تثبت لنفسها وللآخرين أن القوة غالبا تتولد من الألم وأن اليقين هو سبيلها للوصول لكل ما تريد. وعن دراستها تبين هالة أن الأمور كانت تسير بشكل طبيعي وميسر لم يكن هناك ما يعيقها من الذهاب إلى المدرسة حتى وصولها الصف العاشر، لكون المدرسة كانت قريبة منها جدا، أما في المرحلة الثانوية فكانت مجبرة لقطع مسافة أطول، الأمر الذي زاد من أعباء أسرتها. الوضع المادي الصعب لأهلها، أشعرها بالذنب فهي ترفض أن تكون عبئا على أحد، وهنا كان خيارها الوحيد أن تتوقف عن الدراسة تماما متجاهلة كل الأصوات التي حاولت أن تثنيها عن هذا القرار المصيري. إحساسها الكبير بالمسؤولية دفعها لأن تبحث عن فرصة عمل تستطيع من خلالها أن تكون سندا لنفسها ولمن حولها، لكن الأمر لم يكن سهلا أبدا فهي فتاة ذات إعاقة وليس بيدها شهادة تؤهلها من أن تثبت قدراتها. هالة اعتمدت في البداية على هوايتها في حياكة الصوف وقد وجدت دعما كبيرا من المحيطين بها، وهي تبذل كل جهدها لتخرج القطعة بأجمل شكل وبألوان مختلفة. لكن العمل بالصوف حسب قولها، يحتاج بالطبع إلى دعم مادي. بحثها عن مصدر دخل ثابت ليس أمرا سهلا وفق قولها، فهناك عراقيل كثيرة تقف في طريقها وطريق غيرها من ذوي الإعاقة وتحديدا أولئك الذين لم تسعفهم الظروف لإكمال دراستهم. هالة تريد فقط أن تعيش بأمان وأن يكون لها دخلها الخاص لتستطيع أن تسعد نفسها وتسعد المقربين منها. وتبين أن الفضل الأكبر لوالدتها التي رافقتها خطوة بخطوة منذ البداية وحتى اليوم تقول “مهما فعلت لن أستطيع أن أكافأها على تعبها وصبرها معي هي بالنسبة لي كل شيء”. وبفضل دعائها هي اليوم تقف وكلها ثقة برب العالمين وبالقوة التي استمدتها من ذاتها أولا ومن ثم من أسرتها التي أحبتها وآمنت بها وكانت وما تزال داعما أساسيا لها. إكمال الدراسة بالنسبة لهالة كان حلما بعيد المنال، فالصعوبات التي كانت تحيط بها من كل جانب وقفت عائقا بينها وبين دخولها الجامعة فقد كانت تحلم بأن تدرس الإعلام لما فيه من متعة وشغف ولأنه أيضا قريب من هموم الناس، لكن ذلك كله لم يتحقق، فقررت أن تتجه للحياة العملية باحثة عن فرصة تفتح أمامها الباب لتبني اسمها الخاص وتكون نموذجا ناجحا. بالعزيمة التي تملكها تريد أن تثبت للجميع أن الإعاقة قد تكون سببا في تميز الشخص وحافزا يدفعه ليطور نفسه أكثر وهذا كله يجعلها تتقبل الانتقادات أو تلك التعليقات الجارحة لتحولها إلى طاقة إضافية تساعدها على تغيير حياتها نحو الأفضل. عملها اليوم كوسيطة لأحد محلات بيع الملابس لم ينسها شغفها بالصوف، لذا تحاول أن تسلك أكثر من طريق لعلها تصل إلى ما تريد ويكون بإمكانها أن تبحث عن الفرح من شقوق اليأس. هالة توقن بأن لا شيء كامل في الحياة، لذا فشعور الرضا يلازمها في كل خطواتها يطوقها لكي تستطيع أن تسير قوية فخورة بصلابتها وهذا طبعا ما يدفعها لأن تركض خلف أحلامها. “بالإرادة تتحقق المعجزات”، هذا هو الشعار الذي يعبر عن هالة حقيقة شخصيتها المتفائلة الحالمة تمنحها حتما إصرارا أكبر ليس فقط على الاستمرار وإنما على الإبداع أيضا لذلك هي تطالب كل فتاة وخاصة الفتيات ذوات الإعاقة بأن لا يتخلين عن حلمهن مهما كان ولا السماح لليأس أن يبعدهن عن الطريق الصحيح وإن كثرت العراقيل. واليوم وبرغم كل الصعوبات ما تزال تتمسك بحلمها في أن يكون لها محلها الخاص بانتظار تلك اللحظة التي ستكون عوضا لها عن كل ما عاشته لحظة لطالما تمنتها وسعت من أجلها عندما يغدو الحلم حقيقة. اقرأ أيضاً:  اضافة اعلان