النواب في أول اختبار

في مسارين متداخلين، بدأ السباق النيابي على تشكيل الكتل النيابية والحشد لانتخابات رئاسة مجلس النواب. أقطاب بارزون، سبق لثلاثة منهم أن تولوا رئاسة المجلس، أعلنوا عن نيتهم خوض المنافسة من جديد. وتقدم إلى السباق أيضا ثلاثة نواب كانوا أعضاء في مجالس نيابية سابقة، لكن لم يسبق لهم أن نافسوا على الموقع الأول.اضافة اعلان
من مصلحة النواب الفصل بين انتخابات رئاسة المجلس وتشكيل الكتل النيابية. ففي دورات انتخابية سابقة، كان الساعون إلى الرئاسة أول من يبادر إلى تشكيل كتل نيابية، لكن سرعان ما يتخلون عنها بعد فوزهم أو خسارتهم. وفي حالات كثيرة، أدى الخلاف حول هوية المرشح المفضل لموقع رئيس المجلس وأعضاء المكتب الدائم، إلى نشوب خلافات بين أعضاء الكتلة الواحدة، وانفراط عقدها.
وكي لا تلقي انتخابات الرئاسة بظلالها على جهود تشكيل الكتل؛ وهما استحقاقان عاجلان، يتعين على النواب الفصل بين المسارين، بحيث تُترك للنواب حرية اختيار مرشحهم لرئاسة المجلس من بين المتنافسين الستة أو السبعة، والعمل  على مسار ثان لتشكيل كتل نيابية بشكل ممنهج ومدروس، يضمن استقرارها وديمومتها. فالمرحلة الجديدة تتطلب وجود كتل برامجية تحكمها آليات عمل داخلية تنظم عملها، وإلا فإن النواب سيفشلون في بناء أغلبية تفرز حكومة برلمانية، ومعارضة تراقب عملها تحت القبة.
في التجارب النيابية السابقة، لم تنجح كتلة -باستثناء كتلة حزب جبهة العمل الإسلامي- في الاحتفاظ بموقف موحد من مختلف القضايا المطروحة للنقاش. وفي المحطات المفصلية؛ كالثقة بالحكومات والتصويت على مشروع قانون الموازنة، نادرا ما ظهرت الكتل النيابية بمواقف موحدة.
أما التحدي الماثل أمام النواب فيما يخص انتخابات رئاسة المجلس، فيتلخص بتقديم رسالة حسن نوايا للرأي العام المتشكك والحذر، تؤكد توفر إرادة التغيير لديهم.
شئنا أم أبينا، الإصلاح في نظر الأغلبية يرتبط بتغيير الوجوه. وللتأكد من صحة هذا الأمر، لكم أن تدققوا في ردود الفعل الأولية على بعض التعيينات في المناصب العليا، والتعليقات على التكهنات باحتمال عودة رئيس الوزراء المستقيل عبدالله النسور لموقعه مرة ثانية. ثم لماذا نذهب بعيدا؛ فعودة العشرات من النواب السابقين وأقطاب المجلس السادس عشر، إلى المجلس الجديد، خلّفت موجة من الإحباط في أوساط الطامحين إلى التغيير والإصلاح.
المجلس الجديد وإن عاد إليه 58 نائبا سابقا –لا يمكن وضعهم جميعا في سلة واحدة- ففيه أيضا 92 نائبا جديدا لم نتبين مواقفهم بعد. لكن المؤكد حتى الآن هو أن كثيرين منهم يرغبون في إثبات حضورهم، وتقديم صورة مغايرة لتلك الصورة المشوهة للنواب في نظر الرأي العام.
انتخابات رئاسة "النواب" هي الاختبار الأول للمجلس السابع عشر؛ فهل ينجح في تغيير الانطباعات السائدة، أم يعيد إنتاج صورة المجالس السابقة؛ الصورة إياها؟

[email protected]