بعد "مخرجات التحديث": أحزاب تبدأ الاندماج

هديل غبّون

عمّان - فور إقرار مخرجات اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية، فيما يتعلق بمشروعي قانون الأحزاب والانتخاب، بادرت قيادتا حزبي الوسط الإسلامي والمؤتمر الوطني "زمزم" إلى إعلان الاندماج لمحاكاة هذه المخرجات، فيما أعلنت الأحزاب اليسارية والقومية عن موقف مغاير اعتبرت فيه أن المخرجات "لا تلبي التعددية السياسية".

اضافة اعلان


وفي الوقت الذي أعلنت فيه غالبية الأحزاب عن ترحيبها بالمخرجات، بما في ذلك حزب جبهة العمل الإسلامي، الذي أشاد رسميا بالمخرجات في بيان وصف بـ"الناعم"، تبحث الأحزاب اليسارية والقومية عن خطة بديلة عن أية حالات اندماج محتملة للأحزاب التي تأسست مع بداية عودة الحياة الديمقراطية للبلاد.


ويعتقد حزبيون أن عملية الاندماج بين الأحزاب بالعموم، عملية شائكة، لاعتبارات تتعلق بالأهداف ومرجعياتها السياسية والفكرية، وهو على ما يبدو متعذرا بشكل أكبر للأحزاب الأيدولوجية.


لكن حزبي الوسط الإسلامي والمؤتمر الوطني "زمزم"، اخترقا هذه التعقديات قبل نحو أسبوعين فقط من إعلان مخرجات اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية بتفاهمات "سريعة"، بحسب الأمين العام لحزب الوسط الإسلامي الدكتور مصطفى العماوي، لوجود تقاطعات كبيرة بين الحزبين بحسبه.


وقال العماوي في تصريحات لـ"الغد"، إن فكرة الاندماج بدأت تتبلور قبل أسابيع من الموعد المرتقب لإنهاء اللجنة الملكية أعمالها، خاصة في ظل توليه موقع منسق الائتلاف الوطني للأحزاب مؤخرا، ويضم 26 حزبا من بينها "زمزم" و"جبهة العمل الإسلامي".


ونقل العماوي في مرات عديدة موقف الأحداث الـ26 من أي تعديلات على مشاريع القوانين الناظمة للحياة السياسية، وهو ما سهّل أيضا التفاهمات سريعا مع "زمزم"، حيث بادر من جهته بتقديم الاقتراح إلى الأمين العام الدكتور رحيل الغرايبة.

وبين العماوي، أن أهم إشكالية تتعلق باندماج الأحزاب اليوم، هي تعذر تخلي أي حزبي عن موقع الأمين العام، مضيفا: "اقترحت على الغرايبة فكرة الاندماج وقلت إن هناك تقاطعات في البرامج والأهداف وكذلك الرؤى، وإن موقع الأمين العام لن يكون عليه أي خلاف وإنني متنازل عنه".


وشكل الحزبان لجنة مشتركة لبحث خطة العمل المقبلة للدمج، بعد أن تم عقد عدة اجتماعات، أفضت إلى إعلان قرار الدمج في 2 تشرين الأول (أكتوبر) من الأسبوع الماضي.


وسيعرض كل حزب قرار هيئته القيادية على الهيئات الإدارية والمؤتمر العام للموافقة على قرار الدمج واستكمال إجراءاته، كما سيعرض الوسط الإسلامي القرار على مجلس الشورى.

ورأى العماوي ردا على سؤال لـ"الغد"، فيما إذا كان الحزب الجديد سيكون منافسا لحزب جبهة العمل الإسلامي، خاصة وأن الحزبين وحزب جبهة العمل الإسلامي أحرزت وفق تقرير سابق لـ"الغد"، ما نسبته 10.79 % من أصوات المقترعين في الانتخابات النيابية في 2020.


وأوضح العماوي بالقول، إن الحزب الجديد لن يكون بديلا عن جبهة العمل الإسلامي، بل سيكون مستعدا في المستقبل لتشكيل تحالفات مع أي من الأحزاب تحت قبة البرلمان.


وجاء حزب الوسط الاسلامي (تأسس في 2001) في المرتبة الثانية بعد جبهة العمل، من حيث عدد الأصوات للقوائم، إذ حصل على 49349 صوتا في 2020 وبما نسبته 3.56 % من أصوات المقترعين، فيما حل حزب "زمزم" رابعا بلا أي مقعد، بحصده 17053 صوتا، وبما نسبته 1.23 % من أصوات المقترعين في 2020.


وفي السياق، بدأت أحزاب سياسية مشاورتها جديا مع أحزاب مشابهة لبناء تحالفات أو الذهاب نحو الاندماج، إلا أن بعض الأحزاب الأخرى تترقب مرور مخرجات اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية بالقنوات الدستورية، وسط توقعات بأن تطرأ بعض التغييرات على مشروعي قانون الأحزاب والانتخاب في البرلمان.


وانتقدت بالفعل الأحزاب القومية واليسارية في بيان مطول صدر عنها الثلاثاء الماضي، مخرجات اللجنة الملكية، خاصة مشروعي قانون الانتخاب والاحزاب، وإقرار مبدأ تطبيق تصويب الأوضاع للأحزاب القائمة بدلا من حصرها على المرخصة الجديدة منها، باعتبارها من الأحزاب التي أسست في 1993.


وقال القيادي في حزب الوحدة الشعبية عبد المجيد دنديس، إن الأحزاب اليسارية والقومية الستة اليوم أمام خيارات محدودة جدا للتعاطي مع مخرجات اللجنة، معتبرا أن هناك عوائق كبيرة أمامها بموجب هذه المخرجات.

ورأى دنديس أن مسألة الاندماج يتم الحديث عنها "بشكل غير مدروس"، وأن عملية الاندماج بين أي حزبين هي عملية تتطلب مراحل طويلة ومباحثات وتفاهمات على البرامج والرؤى، مشيرا إلى أنها مستبعدة لدى الأحزاب اليسارية والقومية.


وقال دنديس لـ"الغد" إن "اندماج الأحزاب ليس قرارا إداريا كما تحاول الحكومة تصويره، بل هو نتاج حوارات معمقة وطويلة للوصول إلى برنامج مشترك".
ولم يعتبر دنديس أن هناك رهانا كبيرا على أن يطرأ أي تعديل على مخرجات اللجنة في البرلمان، مؤكدا أن الأحزاب القومية واليسارية "ستواصل دفاعها عن معركتها الديمقراطية"، بحب تعبيره، في مواجهة ما أسماه "قوى التحالف الطبقي".


ورأى دنديس أن ما تضمنه مشروع قانون الأحزاب "لا علاقة له بمأسسة دور الأحزاب في العملية السياسية"، وقال: "الأحزاب في كل دول العالم لا توضع عليها تعقيدات، ما سيقر لن يلغينا وسنبقى نعمل بطرق مختلفة".


ومن بين الملاحظات التي سجلتها الأحزاب اليسارية والقومية على مخرجات اللجنة، تخصيص 30 % لمقاعد القائمة الوطنية المغلقة، وقالت إنها تعني تعذّر فوز قوائم سياسية تحوز الأغلبية التي تمكنها من تشكيل الحكومة في المنظور القريب.


كما انتقدت الاحزاب ما خرج من بعض التصريحات والمقالات المتلاحقة لعدد من أعضاء اللجنة الملكية، للمطالبة باندماج الأحزاب الايدولوجية وأنه "لا مكان لها"، معتبرة أن في ذلك "استهدافا لها".


وأشارت أحزاب الائتلاف إلى تحفظها على العديد من المخرجات من خلال المناقشات داخل اللجنة، عبر ممثلي القوميين واليساريين، مع التأكيد على مواصلة ما قالت إنه "النقد والمعارضة".

ودعت الأحزاب الستة، مجلس النواب إلى الأخذ بملاحظات الائتلاف وإجراء التعديلات الضرورية اللازمة.