طبق الجيران يفوح برائحة الودّ والمحبة والذكريات الجميلة

Untitled-1
Untitled-1
منى أبو حمور عمان- تتحالى الجارات فيما بينهن بأطباق تجمع ما لذّ وطاب من أصناف الأطعمة والحلويات ليتم تبادلها بين الجيران والأقارب بشكل يومي، تعبيرا عن التكافل الاجتماعي والعطاء والحب والمودة بشهر الخير والبركات. أصناف كثيرة تتنوع بها سفرة إفطار أسماء عصام التي تتبادل وجاراتها في العمارة أطباقا صغيرة من وجبة الإفطار كسلوك اعتادوا عليع منذ سنوات طويلة شهر رمضان. وفي كل رمضان تحسب أسماء حساب جاراتها الأربعة بطبق صغير من وجبة إفطار عائلتها، رغبة منها بمشاركتهم الإفطار والحصول على أجر وثواب، إذ ترسل طبقا صغيرا من طبخة اليوم مهما كانت. وتصف هذه العادة الجميلة بأنها أحد طقوس رمضان التي اعتادت عليها وتوارثتها عن عائلتها، وأصبحت تطبقها بعد زواجها. تبادل الأطباق الرمضانية لا يقتصر على سكان العمارة الواحدة فحسب، حيث تتبادل أم أحمد وجاراتها في نفس الحي أطباقا من الإفطار الرمضاني، مسمية هذا الطبق بـ "الطعمة"، مؤكدة أن أجمل ما في رمضان بساطة الناس وخيره الكثير والمودة والأجواء المتسامحة. "طُعمة الجيران نكتها مختلفة".. تقول هيفاء أحمد (17 عاما) التي تنتظر وإخوتها لحظات ما قبل الغروب ليبدأوا بتجهيز أطباق سيرسلونها لبيوت أعمامهم قبل موعد آذان المغرب بقليل، وبكثير من الأحيان يتبادلونها في الطريق. وتستعد أم علاء لمواصلة عادتها في رمضان في تبادل الأطباق مع أخواتها، إذ تقوم بشراء عبوات الطعام الصغيرة البلاستيكية، لتضمن أن ترسل سكبة صغير من طعامها لهم. وتقول، "أشعر عندما أرسل لأخواتي الأطباق كأنني أفطر معهم، خصوصا عندما أطبخ شيئا أعلم أنهم يحبونه"، كما تحرص على إرسال نصيب والديها من الطعام. من جهتها تستذكر السبعينية أم رشاد الإفطارات الرمضانية التي كان يجتمع عليها أهالي الحارة والجيران والأقارب، مؤكدة أن عادة تناقل الأطباق في رمضان ممتدة منذ سنوات قديمة. وتقول "كنا نحرص على إرسال الطبق قبل الإفطار، وكنت أشعر أن طعام الجيران أطيب من طعامي حتى وإن كان بسيطا"، ولم تكن أم رشاد وجاراتها يفكرون بنوع الطبق الذي سيقومون بإرساله للجيران، فالفكرة بالعادة والمشاركة. بدوره يعتبر أخصائي علم الاجتماع الدكتور حسين الخزاعي تبادل الأطباق من السلوكيات النبيلة التي تشهدها الكثير من العائلات في شهر رمضان، ومتعارف عليها بين الجيران وحتى عند الأقارب والمعارف، إذ تنبع من الاحترام والتقدير والسعي لزرع الشعور بأن الجيران متواجدون مع بعضهم، ويتشاركون فرحة الإفطار حتى لو من خلال الأطباق التي يتم تبادلهم. ولا يرتبط سلوك تبادل الأطباق بحسب الخزاعي على فئة محددة، بل إن كثيرا من الناس يمارسون هذا السلوك الإيجابي والمحبب في رمضان. ويلفت الخزاعي إلى أن التنوع في أصناف الغذاء على المائدة الرمضانية يزيد من قابلية الناس على تناوله ويخفف من حدة الصيام، ويخلق أجواء جميلة بين الناس عند استقبال الأطباق. ويؤكد الخزاعي أن تبادل الأطباق يأتي مع التنشئة الاجتماعية والمحافظة على القيم والسلوكيات الجميلة التي تقوي العلاقات بين الجيران والأهل، حتى بعد رمضان، مضيفا أن تعميم هذه العادة أمر جميل وينمي روح التكافل والمحبة بين الناس. وينوه الخزاعي من جهة أخرى، ليس ضرورة إن بعثت طبقا لجارك أن يقوم بدوره بإرسال طبق لك، فربما يكون طعامه قليلا أو ليس لديه القدرة، فالأولى أن تكون هذه العادة المحببة على حسب مقدرة وإمكانيات الجيران، لتبقى جميلة ويحافظوا على ديمومتها. "النقصة الرمضانية" كلمة باللغة العامية تستخدم لدى غالبية دول الخليج العربي، وتطلق على إحدى العادات القديمة المتوارثة في شهر رمضان، وهي عملية تبادل الأطباق بين الجيران، حيث ترسل الأمهات أطفالهن عادة إلى بيوت الجيران حاملين معهم "النقصة" وهي عادة ما تكون أطباقاً رمضانية مثل الهريس أو أي نوع من أنواع الحلويات - لتوزيعها قبيل أذان المغرب. وتضفي "النقصة" على المجتمع مزيداً من الترابط والألفة والمحبة.اضافة اعلان