قضايا الفساد وانتخابات نتنياهو

رئيس الوزراء الاسرائيلي فاقد للمصداقية لدى الغالبية العظمى من زعماء العالم وإن كان بعضهم مضطرا للتعامل معه. نتنياهو، في كثير من سلوكياته وقراراته كان يقدم مصالحه الذاتية الانتخابية على مصالح بلاده، واحيانا بطريقة استعراضية مبتذلة، وقد اصبح مادة للحديث والتهكم بين كثير من قادة العالم تسرب جزء من ذلك عبر وسائل الاعلام العالمية. كثير من قادة العالم يتمنى أن يرى خسارة لنتنياهو في الانتخابات القادمة بصرف النظر عن البديل، لأن أي قادم جديد لرئاسة الحكومة الاسرائيلية لا يمكن أن يكون بدرجة الخداع والكذب التي اثبتها نتنياهو مرارا وتكرارا. رغم هذه الحقيقة البائنة، اثبت نتنياهو أنه بسبع ارواح سياسية، مستندا بذلك على انجازاته الاقتصادية التي جعلت اسرائيل تعيش حالة من الرفاه الاقتصادي المتقدم، ومرتكزا ايضا على يمين متطرف تزداد شعبيته بسبب حالة الانحياز المستمر للمجتمع الاسرائيلي نحو الايديولوجية اليمينية التي اشتد عودها منذ العام 2000. حال كثير من المراقبين والدول التي تتمنى أن يسقط نتنياهو في الانتخابات انهم لن يصدقوا سقوطه أو يتوقعوه قبل أن يروا ذلك بأم اعينهم. قضايا الفساد التي تلاحق نتنياهو نراها للآن ذات اثر محدود في استطلاعات الرأي حول الانتخابات، ولا يتوقع أن تحسم هذه القضايا أو يصدر قرار قضائي بشأنها قبل أن تجري الانتخابات القادمة للكنيست. هذا يعني أن النجاح الاقتصادي والخطاب الديني التعبوي يطغى على اتهامات الفساد التي تلاحق نتنياهو، وهو أمر غريب ومستهجن لأن الانتخابات غالبا ما تتأثر بشؤون الفساد والتجاوزات فكيف الحال بقضايا منظورة امام القضاء وتخضع للتحقيق. يفسر ذلك جزئيا بضعف منافسي نتنياهو من اليسار، واضمحلال معسكر السلام المناوئ له، ليبقى المشهد فارغا يتحرك فيه اليمين الاسرائيلي ونتنياهو بهامش مناورة سياسية واسع. لا يوجد الكثير الذي يمكن عمله للتأثير من الخارج في الانتخابات الاسرائيلية في ضوء اللحظة السياسية التي نعيش، والتي تشهد براغماتية أمنية رسمية على مستوى الاقليم زادت من حضور اسرائيل الاقليمي. ربما الجهة الوحيدة عمليا التي قد تستطيع الاشتباك مع المشهد الانتخابي الاسرائيلي هي السلطة الوطنية الفلسطينية والنخب المثقفة والمؤثرة هناك، وقد يكون من المفيد تبني خطة استراتيجية محكمة لمخاطبة الرأي العام واصوات الناخبين في اسرائيل، والاشتباك معه على كافة المستويات، وبرسائل سياسية مدروسة تضع شريك السلام الفلسطيني ساعيا وقابلا للسلام وتسويته التاريخية في مقابل تعنت وتضليل ومراوغة من قبل نتنياهو. لا بد من جهة تشرح للناخب الاسرائيلي ما هي تكلفة اعادة انتخاب نتنياهو، وأن تسحب من بين يديه مقولة أنه لا يجد شريكا للسلام، أو أنه قادر على أن يشتبك مع الاقليم العربي والقفز عن الاولويات بالتسوية مع الفلسطينيين. القليل يمكن عمله للتأثير بالانتخابات الاسرائيلية، ولكن أحدا ممن يستطيعون لا يجب أن يدخر جهدا لفعل ذلك فالتخلص من نتنياهو أمر مهم واستراتيجي للإقليم.اضافة اعلان